ابنتي تملك الموهبة.. وأخشى عليها من قسوة السوشيال ميديا
الذكاء الاصطناعي لن يمتلك حرارة اللحن الخارج من قلب صاحبه
يظل اسم الموسيقار المصري أمير عبد المجيد علامة مضيئة في سجل الموسيقى العربية، مايسترو، وملحن، وموزع موسيقي، جمع بين الأصالة والتجديد، ورافق ببصمته وألحانه كبار نجوم الطرب لعقود، في مشوار يمتد قرابة نصف قرن، قدّم خلاله ألحانًا خالدة، وظل وفيًا لفلسفة واحدة هي أن المتعة الحقيقية تكمُن في صناعة الجمال لا ملاحقة الضوء.
وفي لقاء مع موقع "القاهرة الإخبارية" حملت تصريحاته الكثير من الحنين، والقلق الأبوي، والفرح بنجاح ابنته عُبيدة، التي قررت أن تسير في الدرب ذاته، الابنة الكبرى، التي ولدت وعاشت تفاصيل الفن عن قرب، لكنها كانت دائمًا بعيدة عن الأضواء، لأن والدها رأى أن قسوة المجال الفني قد لا ترحم قلب فتاة اعتاد أن يدللها، ويمنحها حياة هادئة مستقرة، وحول ذلك يقول: "لم أكن أحب أن تدخل ابنتي هذا المجال فأنا لا أريدها أن تواجه مشكلات، لأني أدلل بناتي فهن أميرات، لذلك قلقلت من دخولها مجال الفن، وهو خوف الأب على بناته ومواجهة الحياة عن طريق عمل".
ورغم ذلك، أثبتت ابنة الموسيقار الكبير امتلاكها لموهبة حقيقية فرضت نفسها على والدها قبل الجمهور، رغم حرصه طوال سنوات على أن تظل خلف الكاميرا، جاءت التجربة العملية لتؤكد أن الموهبة الحقيقية لا تعرف قيودًا، وأمام إصرار عُبيدة، اختبر والدها مشاعر متضاربة بين الخوف والفخر، متسائلًا: "هل بمقدورها أن تواجه الجمهور؟.. هل ستحتمل قسوة التعليقات العشوائية على منصات التواصل؟".
مخاوف اعتبرها طبيعية بالنسبة لأي أب، خاصة في زمن باتت فيه الشهرة متاحة لكل من يحسن الصخب.. بهذه الكلمات تحدث أمير عبد المجيد عن تخوفاته، واستطرد: "الشهرة والسوشيال ميديا، مشكلة كبيرة جدًا، خصوصًا أن بمقدور أي شخص أن يدلوا بدلوه في أمور لا يعرفها وألا أعرف إذا ما كانت تستطيع أن تواجه الجمهور إذا طرحت كليب أم لا، لأنه من الوارد أن يدخل أشخاص لا يحبونها ويؤلموها بحديث ليس له أساس وإذا هي قادرة على أن تواجه ذلك فأقول لها أنطلقي".
منذ نعومة أظافر عُبيدة التي طرحت كليبين حاليا يحملان اسم "كام فراق" و"قلبي دليل"، كانت حاضرة في الاستوديوهات، وأولى محاولات الغناء جاءت وهي في السابعة من عمرها، حين شاركت أنغام تسجيل إحدى الأغنيات، ويحكي قائلًا: "كان مشهدًا معتادًا أن ينام صغاري تحت "الميكسرات"، بينما تعزف الآلات وتصطف الأصوات في الخلفية، لتتشرب عبيدة مبكرًا أصول الصنعة".
وإيمانًا منه بموهبتها يقول: "على مدار الأشهر الماضية، بدأت التحضير لمشروع غنائي جديد يجمعني بها، سبعة أشهر من العمل المتواصل مع أحد الشعراء لصياغة عمل مختلف يليق بالبدايات الرسمية لعبيدة".
يمتلك أمير عبد المجيد مكتبة موسيقية كبيرة وقوية يقول عنها: "لدي عملًا نادرًا بصوت الفنانة الراحلة ذكرى، ظل حبيس الأدراج، احترامًا لخصوصية ذكراها، ولم أفكر جديًا في طرحه، رغم أن شقيقتها وداد طالبتني بإطلاق الأغنية".
48 عامًا هو عمر أمير عبد المجيد في عالم التلحين والتوزيع، لكنه لا يرى جدوى من إعادة الأعمال القديمة إلا إذا استطاع تقديمها بشكل يتفوق على الأصل، ويقول: "فلسفتي الفنية قائمة على أن الجمال يولد في التجربة الجديدة، والمغامرة المحسوبة".
وحول تعاونه مع أنغام ومشوارهما الممتد لسنوات طويلة، ابتسم قائلًا إن العلاقة التي جمعته بصوتها استثنائية، مضيفًا: "أنغام من المطربات التي غنت من ألحاني كثيرًا، والعلاقة بيني وبينها منذ زمن ممتد ودائمًا أقول هي صوتي وهي تغني لي أنا شخصيًا وتضيف لي متعة لا ألقاها عند مطربين آخرين، كما أن لي رصيدًا كبيرًا أيضًا مع علي الحجار يتجاوز 60 عملًا، إلى جانب تعاوني مع كبار النجوم، وبجانب كوني ملحنًا، فأنا موزع موسيقي، ومايسترو، وصاحب بصمة في أكثر من ألف عمل".
يرى أمير عبد المجيد أن التكنولوجيا وجدت لخدمة الإنسان لا لمنافسته، إذ يقول:" أنا من أوائل الملحنين الذين واكبوا الانتقال من التسجيل التقليدي إلى الرقمي، والذكاء الاصطناعي قد ينجح في تقليد الأصوات، لكنه لن يمتلك أبدا الحس المزاجي للفنان، ولا حرارة اللحن الذي يخرج من قلب صاحبه، ولن ينقذ الفنان عندما يقف أمام الجمهور".
أما عن الأداء العلني وحقوق المؤلف، قال: "ظللت لفترة طويلة بعيدًا عن جمعية المؤلفين والملحنين، لأن المال ليس ما يشغلني، وإنما عشق العمل نفسه، فاستمتع بالموسيقى التي أقدمها لكنهم تواصلوا معي وطلبوا مني أن أنضم إليهم".