لليوم الثالث على التوالي ما زالت السلطات الأمنية في الولايات المتحدة الأمريكية تبحث عن فانس لوثر بولتر، المشتبه به الرئيسي في اغتيال أعضاء ديمقراطيين، وهي الجريمة التي تم ربطها مباشرة بالعنف السياسي المتصاعد في أمريكا.
وشهدت الفترة الماضية تهديدات عنيفة ومضايقات واعتداءات جسدية استهدفت مسؤولين منتخبين ومدنيين، بداية من المشرعين البارزين والحكام وصولًا إلى موظفي الانتخابات وأعضاء مجالس المدارس، بجانب موجة من الترهيب توّجت بمحاولات اغتيال الرئيس الأمريكي نفسه خلال فترة ترشحه.
وقتلت النائبة الديمقراطية ميليسا هورتمان، العضوة في مجلس الشيوخ عن ولاية مينيسوتا، وزوجها مارك في حادث إطلاق نار، بينما أصيب النائب الديمقراطي أيضًا جون هوفمان وزوجته إيفيت بجروح بالغة في حادث آخر، بحسب وسائل الإعلام الأمريكية.
التحقيقات الأولية
وكشفت التحقيقات الأوليّة أن المشتبه به الرئيسي في إطلاق النار على أعضاء مجلس النواب في ولاية مينيسوتا يُدعى فانس لوثر بولتر، إذ انتحل صفة ضابط شرطة لدخول منازل المشرعين، وكان يرتدي زيًا كاملًا لرجال إنفاذ القانون، بما في ذلك سترات واقية من الرصاص وسيارة شرطة.
وأصدرت السلطات مذكرات اعتقال للقبض على الجاني واتهامه بالقتل من الدرجة الأولى ومذكرة اعتقال لمحاولة القتل، بجانب مذكرة اعتقال ثالثة بسبب هروبه من العدالة، وأكد المشرف على مكتب التحقيقات الجنائية بالولاية، بحسب شبكة سي إن بي سي، أنه ما زالوا يبحثون عنه في كل مكان.
أهداف محتملة
وعثرت السلطات على سيارة المشتبه به وقبعة رعاة بقر في مقاطعة سيبيلي بالولاية، حيث وُجدت السيارة بالقرب من منطقة غابات، وعملت منطقة بحث لمسافة 3 أميال عن منزل المتهم، إلا أنه ومع عدم العثور عليه، وسعت السلطات الفيدرالية نطاق البحث لتشمل مناطق أخرى على أمل العثور عليه.
وبحسب شبكة سي بي إس، عثرت الشرطة داخل سيارة المتهم على دفتر ملاحظات يحتوي على طويلة من الأهداف المحتملة، من النواب الديمقراطيين، تضمنت مسؤولين منتخبين آخرين في الولاية وأشخاصًا معروفين بدعمهم لحقوق الإجهاض، بخلاف الذين تم استهدافهم، بجانب منشورات مرتبطة باحتجاجات "لا للملوك" التي تم إطلاقها ضد سياسة ترامب.
مكافأة مالية
ورصد مكتب التحقيقات الفيدرالي مكافأة قدرها 50 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات موثوقة تؤدي إلى اعتقال المشتبه به، الذي تبين أنه متزوج ولديه 5 أطفال ويبلغ من العمر 57 عامًا، ووفقًا لملفاته على السوشيال ميديا، عرف المتهم نفسه على أنه مدير دوريات الأمن في شركة مقرها مينيسوتا.
وأكد في سيرته الذاتية أنه شارك في عمليات أمنية بأوروبا الشرقية وإفريقيا وأمريكا الشمالية والشرق الأوسط، بما في ذلك الضفة الغربية وجنوب لبنان وقطاع غزة، وبحسب أصدقائه كان يحلم بامتلاك شركة أمنية خاصة، واشترى سيارتين من أجل ذلك إلا أنها لم تعمل ولم يكن لديه عملاء ولا أعمال تجارية ولا حتى موظفين.
وتعمل وكالات شرطة مينيسوتا، بالتنسيق مع الوكالات الفيدرالية، بما في ذلك مكتب التحقيقات الفيدرالي، ومكتب الأسلحة النارية والمتفجرات الأمريكي، من أجل القبض عليه، وما زالوا حتى الآن يعتقدون أنه على قيد الحياة.
ارتفاع حاد
ورصدت استطلاعات الرأي ارتفاعًا حادًا في نسبة الأمريكيين، الذين يعتقدون أن العنف وسيلة صالحة لتحقيق أهدافهم السياسية، وبحسب "تايم" أظهر استطلاع أجرته واشنطن بوست، أن 1 من كل 3 يعتقدون أن العنف ضد الحكومة يمكن تبريره، مقارنة بأقل من 1 من كل 10 في التسعينيات.
وارتفعت التهديدات ضد أعضاء الكونجرس بنحو 10 أضعاف منذ عام 2015، إذ تم الإبلاغ عن أكثر من 8000 حالة، العام الماضي، وفقًا لشرطة الكابيتول الأمريكية، كما زادت التهديدات الخطيرة ضد القضاة الفيدراليين، التي تؤدي إلى إجراء تحقيق من 179 في عام 2019 إلى 457 في 2023.
ويرى المحللون أن معظم مرتكبي العنف السياسي ليسوا أشخاصًا لهم تاريخ إجرامي، بل أمريكيون عاديون بعيدون عن أعين السلطات، وتبلورت لديهم فكرة القيام بأعمال عنيفة بشكل خاص، بسبب البيئة السياسية التي لعبت دورًا في الهجمات التي قادها هذه الفئات على نهج أشبه بـ"الذئاب المنفردة".