في عرض استثنائي لقوتها العسكرية بشكل يُضاهي ما يستعرضه الغريمان القويان، روسيا والصين، تستعد العاصمة الأمريكية واشنطن، اليوم السبت، لعرض عسكري ضخم ومهرجان لإحياء الذكرى الـ250 لإنشاء الجيش الأمريكي، وهو اليوم الذي يصادف أيضًا عيد ميلاد الرئيس دونالد ترامب التاسع والسبعين.
وأثار هذا الحدث، الذي يتضمن حفلًا موسيقيًا وألعابًا نارية، انتقادات شديدة داخل البلاد، خاصة من الديمقراطيين، بسبب تكلفته المتوقعة وتوقيته. إذ اعتبره النقاد مثالًا آخر على تسييس ترامب للقوات المسلحة، بينما أكد ترامب أن العرض يستحق التكلفة، متوقعًا زيادة في أعداد المجندين في الجيش.
وقدّر الجيش الأمريكي تكلفة العرض -الذي ينطلق في السادسة مساء بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة- بما يتراوح بين 25 و45 مليون دولار، على الرغم من أن هذا لا يشمل تكاليف التنظيف والشرطة والأضرار التي تلحق بشوارع المدينة.
يأتي هذا العرض بعد أسبوع من المظاهرات المناهضة لدائرة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE)، التي بدأت في لوس أنجلوس وامتدت إلى مدن أخرى.
وقد أثارت الاحتجاجات في لوس أنجلوس رد فعل استثنائيًا من البيت الأبيض، الذي نشر 4000 جندي من الحرس الوطني و700 جندي من مشاة البحرية في المدينة، رغم اعتراضات المسؤولين المحليين وحاكم ومسؤولي الولاية.
عسكرة واشنطن
يعد العرض العسكري هو الأول في واشنطن منذ 34 عامًا، وكان العرض الأخير احتفالًا بالنصر في نهاية حرب الخليج الأولى (عملية عاصفة الصحراء)؛ حيث شارك في العرض 8000 جندي، إضافة إلى الأسلحة والدبابات التي استُخدمت في الحرب، وبلغت تكلفته نحو 12 مليون دولار.
وقدّرت شرطة المتنزهات الأمريكية، آنذاك، عدد الحضور بنحو 200 ألف شخص، منهم نحو 800 ألف شخص في منطقة "ناشيونال مول".
وكان ترامب قد فكّر في تنظيم عرض عسكري خلال ولايته الأولى، وقال إنه استلهم الفكرة من رؤية عرضٍ عسكري بمناسبة يوم الباستيل الوطني الفرنسي في باريس. لكنّ مسؤولين في البنتاجون، بمن فيهم وزير الدفاع آنذاك جيم ماتيس، عارضوا الأمر.
وسيكون عرض السبت، الذي تبلغ تكلفته 45 مليون دولار، أصغر حجمًا من حيث عدد الجنود، إذ من المتوقع أن يشارك فيه 6600 جندي. وتوقع المسؤولون حضور مئات الآلاف.
وتشير "ذا هيل" إلى أن خطاب ترامب الصاخب أمام أفراد الجيش في "فورت براج"، الثلاثاء "أدى إلى تصعيد المخاوف بشأن تسييس الجيش، حيث أطلق الجنود صيحات الاستهجان ضد الرئيس بايدن وحاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم والصحافة".
تكلفة باهظة
في استطلاع رأي وطني أجرته وكالة "أسوشيتد برس" ومركز "نورك" للأبحاث، بين 5 و9 يونيو، رأى ستة من كل عشرة بالغين أن العرض العسكري لم يكن استخدامًا جيدًا للأموال الحكومية، ومع ذلك، أيد 40% من المشاركين قرار ترامب بتنظيم عرض عسكري، وهي نسبة أعلى من نسبة الرافضين البالغة 29%.
وحسب صحيفة "ذا هيل" المعنية بشؤون الكونجرس، انضم بعض الجمهوريين إلى الديمقراطيين في انتقادهم العلني لتكلفة العرض وضرورته.
وأعرب السيناتوران رون جونسون (جمهوري عن ولاية ويسكونسن) وسوزان كولينز (جمهورية عن ولاية مين) عن مخاوفهما الأسبوع الماضي عقب جلسة استماع للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، بينما صرّح السيناتور جون كينيدي (جمهوري عن ولاية لويزيانا) بأنه لم يكن ليقيم العرض.
ويوم الثلاثاء الماضي قال السيناتور جون كينيدي (جمهوري عن ولاية لويزيانا): "نحن أسود، والأسد لا يحتاج أن يُخبرك أنه أسد. كنت سأوفر المال، ولكن إذا أراد الرئيس إقامة استعراض، فهو الرئيس، وأنا لستُ كذلك".
كان السيناتور راند بول (جمهوري من كنتاكي) هو الجمهوري الأكثر صراحة ضد هذه الخطط، حيث قال للصحفيين هذا الأسبوع إنه "لم يكن أبدًا من المعجبين بالجنود الذين يسيرون بخطوات واسعة والدبابات الكبيرة والصواريخ التي تتدحرج في الشوارع".
قائمة الغياب
كذلك ذكرت صحيفة "بوليتيكو"، الثلاثاء الماضي، أن "مؤتمر مقاولي الدفاع في باريس"، و"الانتقال بين المنازل"، و"ذكرى الزواج"، من بين الأسباب التي تجعل العديد من المشرعين الجمهوريين لا يحضرون العرض.
ومن بين 50 عضوًا في الكونجرس استطلعت الصحيفة آراءهم، قال سبعة فقط إنهم يخططون للحضور، بما في ذلك أتباع حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى/ MAGA" بايرون دونالدز (جمهوري من فلوريدا)، وإليز ستيفانيك (RN.Y.)، ومارجوري تايلور جرين (جمهورية من جورجيا).
وتشمل أسماء غير الحضور شخصيات بارزة مثل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثون (جمهوري عن داكوتا الجنوبية)، ورئيس لجنة الحرية في مجلس النواب آندي هاريس (جمهوري عن ولاية ماريلاند).
كما سيحضر السيناتور روجر ويكر (جمهوري من ولاية ميسيسيبي)، رئيس لجنة القوات المسلحة، معرض باريس الجوي، وهو تجمعٌ رئيسيٌّ لشركات مقاولات الدفاع. وقد أعرب ويكر سابقًا عن قلقه بشأن تكلفة العرض.
أيضا، صرّح رئيس مجلس النواب مايك جونسون (جمهوري عن ولاية لويزيانا) للصحفيين بأنه سينتقل إلى منزل جديد يوم السبت ولن يحضر الحفل. بينما يعتزم السيناتور ماركواين مولين (جمهوري عن ولاية أوكلاهوما) الاحتفال بذكرى زواجه.
وسألت "سكريبس" جميع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين -البالغ عددهم 53 عضوًا- عما إذا كانوا يخططون لحضور العرض؛ فقال 9 فقط إنهم سيحضرون العرض، بينما قال 41 إنهم لن يحضروا.
وقال مسؤول في البيت الأبيض لـ"بوليتيكو" إن 15 عضوًا على الأقل من أعضاء مجلس الوزراء، بمن فيهم وزير الدفاع بيت هيجسيث، سيحضرون الحفل.