الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الحرب الإيرانية.. طوق نجاة لإسرائيل من الضغط الدولي بشأن غزة

  • مشاركة :
post-title
الحرب الإسرائيلية الإيرانية تعمق المجاعة في غزة

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في الوقت الذي علت فيه أعمدة الدخان فوق سماء طهران، خفتت الأنظار عن غزة، وتراجع صدى الضغوط الدولية على المجاعة في القطاع، وغابت صور الجوعى خلف مشهد الصواريخ، قدمت إسرائيل للعالم أولوية جديدة تهرب من خلالها من الضغوط الدولية المتزايدة لإنهاء معاناة المدنيين في القطاع المحاصر، في لعبة سياسية جديدة تقلب موازين التركيز الدولي ولو إلى حين.

المجاعة مؤجلة

في الساعات التي تلت الهجوم الإسرائيلي على الأراضي الإيرانية، شهدت غزة تحولًا دراميًا في وتيرة المساعدات، فقد توقفت شحنات الغذاء وتوزيعها بشكل مفاجئ، بينما أُجّلت القمة الفرنسية السعودية، التي كان يُنتظر منها أن تُطلق مسارًا دبلوماسيًا جديدًا نحو اعتراف أوسع بالدولة الفلسطينية، إلى أجل غير مسمى.

ووفق ما نقلته صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، فقد أدى الهجوم إلى تراجعٍ واضح في مستوى الاهتمام الدولي بمعاناة المدنيين في غزة، التي كانت تتصدر عناوين الأخبار حتى لحظة انطلاق الصواريخ باتجاه طهران، وباتت تصريحات العواصم الكبرى تركّز على التصعيد الإيراني الإسرائيلي، بينما تراجعت الكارثة الإنسانية في غزة إلى مرتبة ثانوية.

ويرى كزافييه أبو عيد، المستشار السابق لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن الهجوم الإسرائيلي على إيران لا يعني انتهاء الحرب في غزة، بل فقط انتقال الأنظار عنها.

وقال وفق "ذا جارديان": "سقط عشرات القتلى في غزة اليوم، لكن الاهتمام الإعلامي والسياسي لم يعد كما كان بالأمس".

ويضيف أبو عيد أن "إسرائيل من خلال ضرب إيران، لا تسعى فقط لتقويض أي مسار تفاوضي بين طهران وواشنطن، بل تحاول في الوقت نفسه كبح الزخم الدولي الذي كان يتصاعد باتجاه اتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء مأساة غزة والاعتراف بفلسطين".

وحسب تقرير "ذا جارديان" فإن قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالمضي في الهجوم على إيران قد أتى في توقيت سياسي بالغ الحساسية، فقد كانت حكومته تواجه ضغوطًا متزايدة من أقرب الحلفاء الأوروبيين، على خلفية المجازر المتكررة في غزة، وتنامي العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية على يد المستوطنين.

الاتحاد الأوروبي كان قد أعلن عن مراجعة شاملة لملف حقوق الإنسان في اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل، وكان من المتوقع أن تُنشر نتائج هذه المراجعة خلال اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد في نهاية الشهر الجاري.

في السياق ذاته، فرضت بريطانيا وكندا وفرنسا والنرويج عقوبات على وزراء إسرائيليين بسبب تحريضهم المتكرر على العنف ضد المدنيين الفلسطينيين، وهددت بخطوات تصعيدية إضافية.

قمة باريس والرياض

تقرير الصحيفة أشار إلى أن القمة التي كانت ستُعقد بين فرنسا والسعودية بشأن حل الدولتين، أثارت قلقًا في إسرائيل والولايات المتحدة، خصوصًا مع مؤشرات استعداد بعض الدول الأوروبية للاعتراف الأحادي بدولة فلسطينية.

وقال دبلوماسي غربي وفق "ذا جارديان": "من المؤسف أن تأتي هذه الهجمات في وقتٍ شهدنا فيه تطورات مشجعة بشأن غزة".

وفيما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الضربات "يجب ألا تُنسي غزة"، أقر في الوقت نفسه بأن القمة تأجلت لأسباب أمنية دون تحديد موعد جديد.

غزة.. حصار يتعمق

وداخل غزة بدت الأمور أكثر قتامة، فالقطاع، الذي يعاني أصلًا من انقطاع مزمن في الكهرباء وشح في الغذاء، دخل في واحدة من أطول حالات انقطاع الاتصالات خلال الحرب، بحسب ما أفادت به الأمم المتحدة، وأعلنت الهيئة الإنسانية الأممية أن شبكات الهاتف والإنترنت تعطلت منذ الأربعاء بسبب تلف كابلات الألياف الضوئية، بينما رفضت السلطات الإسرائيلية أكثر من 20 طلبًا لإجراء أعمال إصلاح.

هذا الانقطاع أدى إلى عزل السكان عن أوامر الإخلاء الإسرائيلية والتحذيرات الأمنية، كما لم يتمكنوا من الوصول إلى الإعلانات الصادرة عن "مؤسسة غزة الإنسانية" الجهة التي تتولى توزيع الغذاء بدعم من واشنطن وتل أبيب، انطلاقًا من مجمعات عسكرية محمية.

في ظل هذه الفوضى، خرجت حشود من الجوعى صباح السبت إلى مراكز توزيع الطعام كما اعتادت منذ أسابيع، لكن جنود الجيش الإسرائيلي فتحوا النار عليهم، ما أسفر عن مقتل 15 شخصًا على الأقل، بحسب ما أكدت مؤسسة الإغاثة العالمية.

مدنيون في مرمى النار

بحسب السلطات الصحية المحلية في غزة، فإن سبعة أشخاص آخرين لقوا حتفهم جراء قصف ليلي جديد، وبالرغم من أن حدة الغارات الجوية تراجعت نسبيًا، بعد تركيز الجيش الإسرائيلي على الجبهة الإيرانية، إلا أن المتحدث العسكري الإسرائيلي أكد أن العمليات في القطاع "ستستمر بأقصى درجات القوة"، فيما صدرت أوامر جديدة بالإخلاء صباح السبت.

حتى الآن، يبدو أن الضربات على إيران منحت الحكومة الإسرائيلية مهلة سياسية مؤقتة، خففت من حدة الانتقادات الغربية وأرجأت المبادرات الدبلوماسية المؤيدة للفلسطينيين، لكن هذا التحول قد لا يدوم طويلًا، إذ يرى مراقبون أن ما جرى قد يفاقم الأوضاع لاحقًا ويُعيد الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية بشكل أكثر حدة، خصوصًا إذا استمرت الكارثة الإنسانية في القطاع بالتفاقم.