بعد دقيقتين فقط من إقلاعها من مطار أحمد آباد متجهة إلى العاصمة البريطانية لندن، تحطمت طائرة من طراز "بوينج 787-8 دريملاينر"، والتي كانت تحمل ركاب رحلة الخطوط الجوية الهندية AI-171. حيث سقطت الطائرة داخل مجمع الشحن قرب المطار، وكان من بين ركابها الـ 242، رئيس وزراء ولاية جوجارات السابق فيجاي روباني، و53 مواطنًا بريطانيًا.
وبينما تلفت صحيفة "كشمير ميرور" إلى أنها المرة الأولى التي تتحطم فيها طائرة من طراز 787، رغم العديد من المشكلات التي تم الإعلان عنها من قبل، يعيد الحادث إلى الأذهان الأقاويل المتعددة حول مدى سلامة الطائرات المشهورة بكفاءتها في استهلاك الوقود وراحة ركابها.
وأشار التقرير إلى أنه "رغم أن شركات الطيران التي تستخدم طائرات بوينج واجهت مشاكل واسعة النطاق مع محركات مما دفع العديد منها إلى إيقاف طائراتها عن العمل وتقليل الرحلات، فإن سجل السلامة لطائرات 787 في الخدمة كان جيدًا حتى الآن".
مع ذلك، اضطرت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA)إلى التحقيق في العديد من المخاوف على مر السنين، بما في ذلك الهبوط في الجو على متن رحلة تابعة لشركة LATAM العام الماضي.
وهناك أكثر من 1100 طائرة من طراز 787 قيد الخدمة حول العالم، وتستخدمها معظم شركات الطيران الدولية الكبرى. وقد حظي هذا الطراز بتقدير كبير لكفاءته العالية في استهلاك الوقود وانخفاض مستوى الضوضاء مقارنةً بالأنواع التي حلّت محله.
وانخفض سهم شركة صناعة الطائرات بنسبة 7.2% في تعاملات ما قبل السوق في نيويورك بعد الحادث، والذي يبدو من المرجح أن يصبح الأسوأ فيما يتعلق بطائراتها ذات الجسم العريض 787 الأكثر تقدما؛ كما ذكرت صحيفة "ذا تليجراف" البريطانية.
هكذا، تكبدت بوينج ثاني أكبر خسارة سنوية لها في تاريخها الممتد على مدار 109 أعوام العام الماضي، ليصل إجمالي خسائرها منذ عام 2019 إلى أكثر من 35 مليار دولار. وقد انخفضت أسهمها بنسبة 48% خلال تلك الفترة.
مشكلات وحوادث
في يناير 2013، اشتعلت النيران في بطاريات أيونات الليثيوم في طائرتي "دريملاينر" تابعتين للخطوط الجوية اليابانية، إحداهما أثناء توقفها في بوسطن، والأخرى في الجو، مما أدى إلى هبوط اضطراري. إثر الحادثين، أوقفت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA) أسطول "دريملاينر" بأكمله عالميًا لمدة ثلاثة أشهر، وهو أول إجراء من نوعه في تاريخ شركة "بوينج"، التي قامت لاحقًا بتحديث أنظمة البطاريات وعزلها.
أيضًا، بين عامي 2020 و2022، واجهت شركة "بوينج" شكاوى متعددة بشأن وجود عيوب هيكلية في طائرة "دريملاينر"؛ وتركز الانتقادات على ألواح جسم الطائرة غير المحاذية، وأجزاء ألياف الكربون الموصولة بشكل غير صحيح، ووجود فجوات زائدة في مفاصل الجسم. إثر تلك الشكاوى، أقرت "بوينج" بالعيوب والتزمت بالتحسينات وأوقفت الشركة عمليات التسليم، وشددت إدارة الطيران الفيدرالية الرقابة.
وفي أبريل 2024، أثار تغيير طريقة التجميع مخاوف من تفكك الطائرة في الجو. حيث يُصنّع هيكل طائرة "دريملاينر" على شكل أجزاء من قِبل شركات مختلفة، ثم يُجمّع.
وادعى المهندس المخضرم سام صالحبور، المبلغ عن مخالفات شركة بوينج، أن عدة أجزاء من جسم طائرة "بوينج 787 دريملاينر" لم تكن متصلة بشكل صحيح، مما يشكل خطر تفكك الطائرة في الهواء.
وقتها، صرّح صالحبور -الذي عمل في بوينج لأكثر من عقد- لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، بأن التعديلات في طريقة تجميع أجزاء الطائرة أدت إلى سوء محاذاة الأجزاء التي لم تكن متناسبة بشكل صحيح.
في المقابل، أقرّ المتحدث باسم الشركة، بول لويس، بحدوث تغييرات في عمليات التصنيع، لكنه أصرّ على أن هذه التغييرات لا تؤثر على متانة الطائرة أو عمرها الافتراضي.
وبينما أعلنت "بوينج" عن مراجعة هياكل طائراتها، نفت الشركة في بيان لاحق مزاعم صالحبور، وأكدت أن طائرة 787 آمنة تمامًا.
أيضًا، في 2024، اتهم العديد من مهندسي "بوينج" الشركة بإعطاء الأولوية للسرعة وكفاءة استهلاك الوقود على حساب السلامة. كما أعرب جون بارنيت، الموظف المخضرم في الشركة، عن مخاوف جدية بشأن سلامة طائرة "787-8 دريملاينر". لكن في مارس 2024، عُثر على بارنيت ميتًا في ظروف غامضة في موقف سيارات بالقرب من منزله. مما أثار تكهنات وتجدد التدقيق في ممارسات "بوينج" الداخلية.
وبينما تستخدم طائرات "بوينج 787-8" نظامًا كهربائيًا أكثر مقارنةً بالطائرات التقليدية، إذ تستبدل المحركات الهيدروليكية بمحركات كهربائية في العديد من الوظائف؛ إلا أن هذا الابتكار جلب معه سلسلة من المشاكل التقنية، بينها أعطال المحركات من طرازات (General Electric GEnx) وRolls-Royce Trent 1000))، وأعطال النظام الكهربائي، وتشقق الزجاج الأمامي، وتسربات الوقود، وأخطاء البرمجيات.
وفي إحدى الحالات في اليابان عام 2024، اضطرت طائرة من نفس الطراز تابعة لشركة ANA Airlines إلى إلغاء الإقلاع بعد اكتشاف تسرب في زيت الهيدروليك، حيث أُوقفت الطائرة على المدرج لمنع المزيد من المخاطر.
حوادث مميتة
تلفت "ذا تليجراف" إلى أن شركة "بوينج" متورطة في سلسلة من الحوادث في السنوات الأخيرة، بما في ذلك حوادث مميتة في عامي 2018 و2019.
والعام الماضي تعرضت طائرة "بوينج 737 ماكس 9" تابعة لشركة خطوط ألاسكا لانفجار في الجو، مما أجبر الطيارين على الإسراع في الهبوط بالطائرة بسلام. وأظهر تحقيق أولي أن السبب هو فقدان سدادة باب الطائرة لأربعة مسامير.
لاحقًا، أفادت شركات طيران أخرى بالعثور على مسامير مفكوكة على متن عدة طائرات "بوينج 737 ماكس 9".
في الوقت نفسه، يأتي الحادث بعد أن أصبحت الوفيات أمرا نادرا في قطاع الطيران التجاري الهندي. وكان آخر حادث تحطم كبير من هذا النوع في أغسطس 2020، عندما انزلقت طائرة "بوينج 737" تابعة لشركة طيران الهند إكسبريس من نهاية المدرج في مطار "كوزيكود" الدولي، مما أسفر عن مقتل 21 من أصل 190 راكبًا وطاقم.