الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"مادلين" في الأسر.. آلة الحرب الإسرائيلية تحجب ومضات الإنسانية عن غزة

  • مشاركة :
post-title
اعضاء اليخت "مادلين"

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

اعترضت قوات الاحتلال الإسرائيلي السفينة البريطانية "مادلين" التي يحمل على متنها الناشطة البيئية السويدية الشهيرة جريتا ثونبرج وعضوة البرلمان الأوروبي الفرنسية-الفلسطينية ريما حسن، إضافة إلى 10 ناشطين آخرين كانوا يحاولون كسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة.

ركاب من مختلف القارات

ضمت السفينة "مادلين" مجموعة متنوعة من الناشطين والشخصيات البارزة، منهم (إلى جانب الناشطة السويدية وعضوة البرلمان الأوروبي) الصحفي الحائز على نوبل للسلام يانيس محمدي، وطبيب الإغاثة باتيست أندريه، والمدافعة عن اللاجئين ياسمين أكار، والمراسل الصحفي عمر فياض، والناشط البيئي البرازيلي ثياجو أفيلا، والناشط باسكال موريراس، والناشط شعيب أردو، والمهندس الهولندي مارك فان رين، والناشطة البيئية ريفا فيارد، والممثل الإيرلندي ليام كونينجهام، والناشط سيرجيو توريبيو.

رحلة الأسطول

غادرت السفينة "مادلين" من إيطاليا في الأول من يونيو الجاري حاملة 12 ناشطًا من جنسيات متعددة شملت الفرنسية والألمانية والبرازيلية والتركية والسويدية والإسبانية والهولندية، وفقًا لما ذكرته صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية.

وكان هدف الرحلة هو "كسر الحصار الإسرائيلي" على غزة وتوصيل كمية رمزية من المساعدات تشمل حليب الأطفال والأرز، إضافة إلى تسليط الضوء الدولي على الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، كما أفادت صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية.

وبالفعل اقتربت السفينة من الجيب الفلسطيني رغم التحذيرات الإسرائيلية، وكانت تل أبيب أصدرت أوامر للجيش بمنع السفينة من الوصول لغزة، فيما أعلنت منظمة "ائتلاف أسطول الحرية"، التي استأجرت السفينة، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قام بصعود السفينة في المياه الدولية نحو الساعة الثانية صباحًا، مؤكدة أن "الاتصال انقطع مع مادلين" وأن الطاقم تعرض لـ"اختطاف من قبل قوات الاحتلال"، كما نقلت عنها "لو باريزيان".

هجوم بمادة كيميائية مجهولة

في تطور مثير للقلق، كشفت شبكة "سي إن إن" أن طائرات مسيرة إسرائيلية قامت برش سائل كيميائي أبيض اللون مجهول الهوية على الناشطين الموجودين على متن السفينة "مادلين" قبل اعتراضها.

وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها "ياسمين أكار"، إحدى الناشطات المدافعات عن اللاجئين الموجودات على السفينة، آثار السائل الأبيض على اليخت.

وقالت "أكار" في مقطع فيديو وهي تغطي وجهها: "رشوا علينا سائلًا كيميائيًا، لا نعرف ما هو. هذه جريمة حرب أخرى على وشك أن تُرتكب ضد المدنيين"، مضيفة أن عينيها تحترقان من تأثير السائل.

لم تتضح بعد طبيعة المادة المستخدمة أو تأثيراتها الصحية المحتملة على المدى الطويل، فيما لم تعلق السلطات الإسرائيلية على هذه الاتهامات.

ودعت منظمة "ائتلاف أسطول الحرية"، عبر حسابها على "تليجرام"، الحكومات المعنية للضغط من أجل ضمان سلامة النشطاء المحتجزين.

طائرات مسيرة إسرائيلية قامت برش سائل كيميائي أبيض اللون مجهول الهوية على الناشطين
انتهاء عرض "يخت السيلفي"

ردًا على العملية، وصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن السفينة بـ"يخت السيلفي" في بيان نشرته على منصة "إكس"، قائلة: "يخت السيلفي الخاص بالمشاهير يتجه بأمان نحو السواحل الإسرائيلية، ومن المتوقع أن يعود الركاب إلى بلدانهم الأصلية".

وادعت الوزارة، في تغريدة لاحقة، أن جميع الركاب بأمان ولم يتعرضوا لأذى، زاعمة أنه "تم تقديم الساندويتشات والماء لهم"، وفقًا لـ"ذي إندبندنت".

زعمت الحكومة الإسرائيلية أن جريتا ثونبرج والآخرين حاولوا "تنظيم استفزاز إعلامي بهدف وحيد هو الدعاية الشخصية"، حسبما ذكرت "لو باريزيان".

كان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أصدر تعليماته مسبقًا لجيش الاحتلال بمنع السفينة من الوصول إلى غزة، مبررًا ذلك بادعاء أن "إسرائيل لن تسمح لأحد بكسر الحصار البحري على غزة، الذي يهدف بالأساس إلى منع نقل الأسلحة إلى حماس".

كما نشرت وزارة الدفاع الإسرائيلية صورًا ومقاطع فيديو للناشطين على منصة "إكس"، بينها صورة تُظهر ثونبرج مبتسمة، ومقطع فيديو يُظهر جنود الاحتلال وهم يوزعون الطعام والماء على الناشطين.

وزعمت الوزارة أن المساعدات الضئيلة التي كانت على متن السفينة "ولم يستهلكها المشاهير" ستُنقل إلى غزة عبر "القنوات الإنسانية الحقيقية"، حسب وصف الخارجية الإسرائيلية.

اتهامات بانتهاك القانون الدولي

من جهة الناشطين، دافعت ريما حسن عن شرعية المهمة، مؤكدة في تغريدة على منصة "إكس" أن "طاقم أسطول الحرية اعتُقل من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي في المياه الدولية حوالي الساعة الثانية صباحًا" وفقًا لـ"ذي إندبندنت"، كما نشرت صورة تُظهر أفراد الطاقم جالسين في القارب مرتدين سترات النجاة ورافعين أيديهم في الهواء.

بينما اتهمت منظمة "ائتلاف أسطول الحرية" إسرائيل بـ"الانتهاك الواضح للقوانين الدولية"، مؤكدة أن الاعتراض تم في المياه الدولية، وذلك حسب ما قاله مسؤول المنظمة هويدا عراف، والتي أكدت أن "إسرائيل ليس لديها سلطة قانونية لاحتجاز المتطوعين الدوليين على متن مادلين".

من جهته، ندّد جان لوك ميلانشون، زعيم حزب فرنسا الأبية، الذي تنتمي إليه ريما حسن، بـ"الاعتقال غير القانوني" للركاب الـ12.

في مقطع فيديو مسجل مسبقًا نُشر على حساب ائتلاف أسطول الحرية، زعمت الناشطة البيئية السويدية جريتا ثونبرج أن الناشطين تعرضوا لـ"الاعتراض والاختطاف"، ودعت مؤيديها للضغط على الحكومة السويدية لإطلاق سراحها وسراح الآخرين في أسرع وقت ممكن، كما ذكرت "ذي إندبندنت".

ذكريات أسطول مرمرة 2010

تستدعي هذه الأحداث ذكريات مؤلمة من عام 2010، عندما اعترضت قوات الاحتلال الإسرائيلي أسطولًا دوليًا مكونًا من ثماني سفن شحن تحمل نحو 700 راكب، انطلق من تركيا في محاولة لكسر حصار غزة.

انتهت تلك العملية العسكرية بوفاة عشرة ناشطين كما ذكرت "لو باريزيان"، ما أثار أزمة دبلوماسية دولية واسعة النطاق.

من جهتها، أعربت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز عن دعمها لعملية ائتلاف أسطول الحرية وحثت سفنًا أخرى على تحدي الحصار، قائلة: "ربما انتهت رحلة مادلين، لكن المهمة لم تنته. يجب على كل ميناء متوسطي إرسال قوارب بالمساعدات والتضامن إلى غزة".