تصاعدت حدة التوترات في لوس أنجلوس، مع دخول الاحتجاجات على حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على المهاجرين بالولايات المتحدة يومها الرابع، حيث اعتُقل 56 متظاهرًا.
وانتشرت قوات الحرس الوطني، التي أمر ترامب بانتدابها في كاليفورنيا، وتحديدًا شوارع مدينة لوس أنجلوس؛ للمساعدة في التصدي لهذه الاحتجاجات، في خطوة وصفها حاكم الولاية الديمقراطي بأنها "غير قانونية".
تمركزت قوات الحرس الوطني حول مباني الحكومة الفيدرالية، بينما اندلعت اشتباكات بين الشرطة والمحتجين في مظاهرات منفصلة؛ احتجاجًا على المداهمات التي تنفذها سلطات الهجرة الفيدرالية في لوس أنجلوس.
أعلنت شرطة لوس أنجلوس أن العديد من الاحتجاجات تُعد "تجمعات غير قانونية"، وزعمت أن بعض المتظاهرين رشقوا الشرطة بالحجارة والزجاجات وأشياء أخرى.
وأظهر مقطع مصور إحراق عدة سيارات ذاتية القيادة من طراز "وايمو" التابعة لشركة ألفابيت في أحد شوارع وسط مدينة لوس أنجلوس مساء أمس.
ونشرت إدارة شرطة لوس أنجلوس على وسائل التواصل الاجتماعي أنها "بدأت عمليات الاعتقال"، مع نشر أفراد أمن يمتطون الخيول؛ في محاولة للسيطرة على حشود المحتجين، الذين هتف بعضها "عار عليكم" في وجه الشرطة، وأظهرت مقاطع الفيديو أنهم رشقوها ببعض الأشياء على ما يبدو.
كما أغلقت مجموعة من المتظاهرين الطريق السريع 101، وهو طريق رئيسي في وسط مدينة لوس أنجلوس.
أفعال ديكتاتور
من جانبه، صرّح حاكم كاليفورنيا، جافين نيوسوم، أنه طلب من إدارة ترامب سحب أمر نشر 2000 جندي من الحرس الوطني في لوس أنجلوس، واصفًا ذلك بأنه غير قانوني.
واتهم "نيوسوم" الرئيس الأمريكي ترامب بمحاولة افتعال أزمة وانتهاك سيادة ولاية كاليفورنيا، وكتب في منشور على منصة "إكس": "هذه أفعال ديكتاتور، وليست تصرفات رئيس".
من جانبه، البيت الأبيض رفض تعليقات نيوسوم، وقال في بيان له إن "الجميع رأوا الفوضى والعنف وانعدام القانون".
وفي وقت سابق، أظهر مقطع مصور نحو عشرة من أفراد الحرس الوطني إلى جانب أفراد من وزارة الأمن الداخلي أثناء التصدي لمجموعة من المحتجين الذين احتشدوا أمام مبنى فيدرالي في وسط مدينة لوس أنجلوس، واستمرت المواجهة في الشارع أمام المبنى.
وأعلنت القيادة الشمالية الأمريكية أنه جرى نشر 300 فرد من الحرس الوطني التابع لولاية كاليفورنيا في ثلاث مناطق في لوس أنجلوس، واقتصرت مهمتهم على حماية الموظفين والممتلكات الفيدرالية.
هم يبصقون.. ونحن نضرب
وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي أمس الأحد، وصف ترامب المتظاهرين بأنهم "غوغاء يتسمون بالعنف ومتمردون"، وقال إنه وجّه مسؤولي حكومته "باتخاذ كل الإجراءات اللازمة" لوقف ما وصفها بأنها "أعمال شغب".
وفي تصريحات للصحفيين في نيوجيرسي، هدد ترامب بانتهاج أساليب العنف ضد المتظاهرين الذين يبصقون على الشرطة أو قوات الحرس الوطني، قائلًا: "هم يبصقون، ونحن نضرب"، دون أن يذكر أي وقائع محددة.
وأضاف ترامب: "إذا رأينا خطرًا على بلدنا وعلى مواطنينا، سنكون أقوياء جدًا جدًا فيما يتعلق بالقانون والنظام".
وعرض مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) مكافأة قدرها 50 ألف دولار مقابل الحصول على معلومات عن مشتبه به متهم بإلقاء الحجارة على مركبات الشرطة في باراماونت، ما أدى إلى إصابة أحد أفراد الأمن.
وعلى الرغم من أسلوب ترامب في انتقاد المظاهرات، إلا أنه لم يُفعّل قانون العصيان لعام 1807، الذي يعطي الرئيس حق نشر الجيش الأمريكي لكبح العصيان المدني. وعندما سُئل عما إذا كان يفكر في تفعيل القانون، أجاب: "الأمر يعتمد على وجود تمرد من عدمه".
البنتاجون يستعد
أكد وزير الدفاع بيت هيجسيث أن وزارة الدفاع (البنتاجون) مستعدة لتعبئة قوات في الخدمة "إذا استمر العنف" في لوس أنجلوس، مضيفًا أن مشاة البحرية في قاعدة كامب بندلتون القريبة "على أهبة الاستعداد".
وقالت القيادة الشمالية الأمريكية إن نحو 500 من مشاة البحرية الأمريكية مستعدون للانتشار إذا صدرت أوامر بذلك.
وقد حمّلت كارين باس، رئيسة بلدية لوس أنجلوس، إدارة ترامب مسؤولية إثارة التوتر بإرسالها الحرس الوطني، لكنها نددت أيضًا بلجوء المحتجين إلى العنف.
وذكرت "باس" للصحفيين في مؤتمر صحفي: "لا أريد أن يقع الناس في الفوضى التي أعتقد أن الإدارة تختلقها دون داع على الإطلاق".
من جانبها، قالت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم لشبكة "سي.بي.إس" إن الحرس الوطني سيوفر الأمن حول المباني وللمشاركين في الاحتجاجات السلمية والقائمين على إنفاذ القانون.
يُذكر أن قوات إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك في لوس أنجلوس ألقت القبض على ما لا يقل عن 44 شخصًا، الجمعة الماضي، بسبب مخالفات مزعومة لقوانين الهجرة.
وتعهّد "ترامب" بترحيل أعداد غير مسبوقة من الموجودين في البلاد بشكل غير قانوني وإغلاق الحدود الأمريكية مع المكسيك، حيث حدد البيت الأبيض هدفًا لوكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك بإلقاء القبض على ما لا يقل عن ثلاثة آلاف مهاجر يوميًا.
الحملة الشاملة على المهاجرين غير الشرعيين شملت أيضًا احتجاز مقيمين بشكل قانوني في البلاد، بعضهم يحملون إقامة دائمة، وأدت إلى طعون قانونية.