قد تكون العديد من مخطوطات البحر الميت، التي تُعدّ من أشهر الاكتشافات الأثرية على مر العصور، أقدم مما كان يُعتقد سابقًا، وفقًا لدراسة جديدة.
وصرح ملادن بوبوفيتش، المؤلف الرئيسي للتقرير الذي نُشر في مجلة PLOS One، بأن التحليل الجديد، الذي جمع بين التأريخ بالكربون المُشع والذكاء الاصطناعي، حدّد أن بعض المخطوطات التوراتية يعود تاريخها إلى نحو 2300 عام، أي إلى زمن مؤلفيها المفترضين، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
استُخلصت تقديرات سابقة لعمر المخطوطات من تأريخ الكربون المشع الذي أُجري في تسعينيات القرن الماضي، وطوّر الكيميائي ويلارد ليبي هذه الطريقة -المستخدمة لتحديد عمر المواد العضوية- في أواخر أربعينيات القرن الماضي في جامعة شيكاغو.
يُعرف هذا التأريخ أيضًا باسم تأريخ الكربون 14، وهو تحليل كيميائي لعينة، مثل أحفورة أو مخطوطة، يُحدد كمية ذرات الكربون 14 التي تحتويها.
تمتص جميع الكائنات الحية هذا العنصر، لكنه يبدأ بالتحلل بمجرد الوفاة، لذا فإن دراسة الكمية المتبقية منه تُعطي عمرًا دقيقًا نسبيًا لعينة عضوية عمرها نحو 60 ألف عام.
مع ذلك، للتأريخ بالكربون جوانب سلبية، فالعينة المُحلَّلة تُتلف أثناء العملية، وقد تكون بعض النتائج مُضللة.
استخدم فريق الدراسة في البداية تأريخًا جديدًا بالكربون المُشع، مُطبقًا تقنيات أكثر حداثة على 30 مخطوطة، وكشفت النتائج أن معظمها أقدم مما كان يُعتقد سابقًا، اثنتان فقط كانتا أحدث.
في نهاية المطاف، اقترح بوبوفيتش أن الذكاء الاصطناعي قد يحل محل الكربون 14 كطريقة لتأريخ المخطوطات.
وقال: "الكربون 14 مُدمِّر، لأنه يتطلب قطع جزء صغير من مخطوطة البحر الميت، ثم يختفي.. وزنه 7 مليجرامات فقط، لكنه يبقى مادةً تُفقد".
شعر الباحثون الذين لم يشاركوا في الدراسة بالتفاؤل إزاء النتائج، وفقًا لشارلوت هيمبل، أستاذة الكتاب المقدس العبري في جامعة برمنجهام بالمملكة المتحدة، فإن وجود كل من الذكاء الاصطناعي وطريقة تأريخ الكربون 14 المُحسَّنة يسمح بمستوى من المعايرة عبر كلتا المنهجيتين، وهو أمر مفيد.
وقالت عبر البريد الإلكتروني: "يبدو أن النمط الواضح هو أن الذكاء الاصطناعي يوفر نافذة أضيق ضمن نافذة الكربون 14، أتساءل عمّا إذا كان هذا يشير إلى مستوى أعلى من الدقة، وهو أمر سيكون مثيرًا للغاية".
فيما صرح لورانس شيفمان، الأستاذ العالمي المتميز للدراسات العبرية واليهودية في جامعة نيويورك، بأن الدراسة تمثل محاولة أولى لتسخير تقنية الذكاء الاصطناعي لتوسيع نطاق المعرفة العلمية الحالية من تأريخ الكربون 14 لبعض المخطوطات إلى مخطوطات أخرى.
لن تُلهم هذه النتائج المزيد من الدراسات وتؤثر على عمليات إعادة بناء التاريخ فحسب، وفقًا لمؤلفي التقرير، بل ستفتح أيضًا آفاقًا جديدةً في تحليل المخطوطات التاريخية.
اكتشف رعاة البدو المخطوطات لأول مرة بالصدفة في صحراء الضفة الغربية المحتلة، بالقرب من البحر الميت، عام 1947، ثم استعاد علماء الآثار آلاف القطع التي تنتمي إلى مئات المخطوطات من 11 كهفًا، جميعها بالقرب من موقع خربة قمران بالضفة الغربية الآن.