كان من المفترض أن يكون مونديال 2026 تظاهرة رياضية توحد الشعوب وتكسر الحواجز، لكن قرارًا واحدًا أعاد رسم حدود الحلم، ففي الوقت الذي تتحضّر فيه الولايات المتحدة، إلى جانب كندا والمكسيك، لاستضافة أكبر حدث كروي على كوكب الأرض، تأتي السياسة لتُسدل ستار على آمال آلاف المشجعين الإيرانيين، الذين ربما لن يسمح لهم بمشاهدة منتخبهم الوطني على الأراضي الأمريكية.
بطولة عالمية في أرض غير مرحبة
تُقام بطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2026، بالشراكة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وتستضيف الولايات المتحدة، النصيب الأكبر من المباريات، بما فيها المباراة النهائية المنتظرة.
ورغم ضخامة الاستعدادات، فإن قرارًا سياسيًا صدر عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بات يُهدد بمصادرة حلم آلاف المشجعين، خاصة الإيرانيين، في حضور هذا الحدث العالمي على الأراضي الأمريكية.
القرار الجديد الذي أعلنه ترامب يفرض حظرًا على السفر من وإلى 12 دولة، من بينها إيران، ما يُلقي بظلال ثقيلة على إمكانية حضور الجماهير الإيرانية للمباريات رغم تأهل منتخب بلادهم رسميًا للبطولة.
الحظر يعمق العزلة
وحسب مجلة "نيوزويك"، فإن القرار الأمريكي لا يُمثّل فقط قيودًا إجرائية على التأشيرات، بل يحمل في طياته انعكاسات رمزية وسياسية عميقة، فالعلاقات بين الولايات المتحدة وإيران تشهد توترًا مستمرًا، ومع تعثر المفاوضات النووية، وحملة "الضغط الأقصى" التي يقودها ترامب، جاء هذا الحظر ليُجسّد مزيدًا من القطيعة بين الشعبين.
وترى "نيوزويك" أن الفعاليات الرياضية الكبرى، مثل كأس العالم، كانت دومًا تُعتبر فرصة نادرة لتقريب الشعوب وتجاوز العداوات الرسمية، غير أن حظر السفر هذا، من وجهة نظر منتقديه، يُجهض واحدة من آخر المساحات الممكنة للتقارب الإنساني والثقافي، ويكرّس مناخًا دوليًا من العزلة والتوجس.
إيران في قلب العاصفة
تُعد إيران الدولة الوحيدة من بين الدول المشمولة بالحظر، التي ضمنت رسميًا مقعدًا في كأس العالم 2026، وهو ما يزيد من حساسية الوضع، وفي حين سيُسمح للمنتخب الإيراني بالمشاركة والتنافس داخل الملاعب الأمريكية، فإن جماهيره قد تُمنع من دخول البلاد.
وبالنسبة لكثير من الإيرانيين، كانت البطولة فرصة نادرة لمشاهدة منتخبهم وهو يواجه خصومه العالميين على أرض لم يُسمح لهم بدخولها لعقود، تلك الفرصة تبدو الآن وكأنها تتبخر تحت ثقل القرارات السياسية.
أما الدول الأخرى المشمولة بالحظر، مثل فنزويلا والسودان وغينيا الاستوائية وليبيا وهايتي، فما تزال في طور التنافس على التأهل، وفنزويلا، على سبيل المثال، متأخرة بخمس نقاط عن التأهل المباشر، لكن لا تزال لديها فرصة في الملحق، بينما يتخلف السودان بنقطة واحدة فقط عن صدارة مجموعته.
فيفا في مأزق أخلاقي
حتى الآن، لم يصدر عن الاتحاد الدولي لكرة القدم أي تعليق رسمي على الحظر، غير أن الضغوط تتزايد على فيفا لاتخاذ موقف واضح، وتعود تصريحات سابقة لرئيس الاتحاد، جياني إنفانتينو، إلى عام 2017، تؤكد أن "أي فريق، بما في ذلك مشجعوه ومسؤولوه، يتأهل لكأس العالم، يجب أن يكون له حق دخول البلد المستضيف، وإلا فلن يكون هناك كأس عالم".
شهادات ومواقف متباينة
ودافع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن قراره قائلًا: "أبرز الهجوم الإرهابي الأخير في بولدر، كولورادو، المخاطر التي تهدد بلدنا بسبب دخول أجانب لم يُخضعوا للتدقيق الكافي، أو تجاوزوا مدة تأشيراتهم. نحن لا نريدهم".
وأعاد جياني إنفانتينو، رئيس الفيفا، تأكيد موقفه السابق: "أي فريق، بما في ذلك مشجعوه ومسؤولوه، يتأهل لكأس العالم، يجب أن يحصل على إمكانية دخول البلاد، وإلا فلن يكون هناك كأس عالم".
وقال جيمس مونتاجو، مؤلف كتاب "الابتلاع" وفق مجلة نيوزويك: "أتوقع أن تُمنح بعض الاستثناءات للجماهير، بحكم العلاقة الوثيقة بين ترامب وإنفانتينو، لكن إذا شعر المشجعون بأنهم قد يتعرضون للاعتقال أو الترحيل، بسبب منشورات على مواقع التواصل تنتقد ترامب أو إسرائيل، فإن الكثيرين سيخشون السفر، بغض النظر عن الوعود الرسمية".