كأن عقارب الساعة عادت إلى الوراء، وكأن شبح "حظر المسلمين" لم يغادر كواليس البيت الأبيض، إذ عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المسرح مجددًا، حاملاً توقيعًا تنفيذيًا يحيي سياسة مثيرة للجدل طُبقت لأول مرة عام 2017، لكن هذه المرة، تتسع الدائرة لتشمل 12 دولة، معظمها من إفريقيا والشرق الأوسط.
القرار أعاد فتح باب الانتقادات الدولية والمخاوف من زعزعة العلاقات الدبلوماسية وتقويض التعاون في مجالات الأمن والتعليم والاقتصاد.
حظر كلي وجزئي يطول 19 دولة
أعلن ترامب، الأربعاء الماضي، حظر دخول مواطني 12 دولة إلى الولايات المتحدة، مع فرض قيود إضافية على مواطني 7 أخرى، مشيرًا إلى "مخاوف تتعلق بالأمن القومي" كمبرر للخطوة.
الدول التي يشملها الحظر الجديد هي: أفغانستان، وميانمار، وتشاد، وجمهورية الكونغو، وغينيا الاستوائية، وإريتريا، وهايتي، وإيران، وليبيا، والصومال، والسودان، واليمن، أما القيود الإضافية فتشمل مواطني: بوروندي، وكوبا، ولاوس، وسيراليون، وتوجو، وتركمانستان، وفنزويلا، بشرط أن يكونوا خارج الأراضي الأمريكية ولا يحملون تأشيرات صالحة.
ومن المقرر أن يبدأ تنفيذ القرار الاثنين المقبل، في تمام الساعة 12:01 صباحًا، دون تحديد موعد لانتهاء مفعوله.
لا نريدهم
اتهم ترامب مواطني الدول المحظورة بتشكيل "مخاطر تتعلق بالإرهاب والسلامة العامة"، مؤكدًا أن العديد من هذه الدول تفتقر إلى "آليات فحص وتدقيق فعالة"، أو أنها "تُماطل في استعادة مواطنيها".
ووفقًا لتقرير سنوي صادر عن وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، اعتمد القرار على نسبة الأشخاص الذين تجاوزوا مدة تأشيرات السياحة أو الدراسة أو العمل، ما أدى إلى إدراج بعض البلدان ذات "النسب العالية للبقاء غير الشرعي"، وقال ترامب صراحةً: "نحن لا نريدهم".
إدراج أفغانستان ضمن القائمة أثار حفيظة منظمات دعمت إعادة توطين الأفغان الذين تعاونوا مع القوات الأمريكية خلال العقدين الماضيين، رغم أن الحظر لا يشمل أولئك الحاصلين على تأشيرات خاصة.
في وثيقة وزعتها الإدارة مساء الأربعاء، أوضحت أنه يمكن تعديل القائمة "إذا حسنت الدول إجراءاتها بشكل جوهري"، مشيرة إلى إمكانية إضافة دول جديدة عند ظهور "تهديدات عالمية جديدة".
ردود فعل دولية وإدانات
انتقدت منظمة "أوكسفام أمريكا"، على لسان رئيستها آبي ماكسمان، القرار بشدة، وقالت: "هذه السياسة لا تتعلق بالأمن القومي، بل بزرع الانقسام وتشويه المجتمعات التي تبحث عن الأمان والفرص".
وأصدر الاتحاد الإفريقي بيانًا رسميًا أمس الخميس، أعرب فيه عن قلقه البالغ إزاء ما قد يخلفه الحظر من تأثيرات سلبية على "التبادلات التعليمية والعلاقات التجارية والدبلوماسية"، ودعت المفوضية الإفريقية الإدارة الأمريكية إلى "اعتماد نهج قائم على الحوار والتشاور المباشر مع الدول المتأثرة".
وأضاف البيان أن هذا الحظر قد يدمر علاقات دبلوماسية امتدت لعقود، خصوصًا أن 7 من الدول الـ12 المتأثرة تقع في القارة الإفريقية، وهي: تشاد، وجمهورية الكونغو، وغينيا الاستوائية، وإريتريا، وليبيا، والصومال، والسودان.
نسخة محدثة من "حظر المسلمين"
القرار الجديد يعيد إلى الأذهان نسخة عام 2017 من حظر السفر التي طبّقها ترامب في ولايته الأولى، والتي طالت مواطني دول ذات أغلبية مسلمة مثل: العراق، وسوريا، وإيران، والسودان، وليبيا، والصومال، واليمن.
أدى ذلك الحظر إلى حالة من الفوضى داخل المطارات الأمريكية، حيث مُنع المسافرون من دخول البلاد أو احتُجزوا فور وصولهم، رغم امتلاكهم تأشيرات سارية.
وواجه الحظر حينها طعنات قضائية، قبل أن تؤيد المحكمة العليا نسخة منه في عام 2018، والتي شملت فئات من المسافرين من دول مثل إيران واليمن وسوريا وليبيا والصومال وكوريا الشمالية، وفنزويلا.
ووفقًا لمجلة "نيوزويك" الأمريكية، يتهم الديمقراطيون ترامب بمحاولة "إبعاد أي شخص غير أبيض عن الولايات المتحدة"، في إشارة إلى الطبيعة العرقية والثقافية للدول المستهدفة.