غادر الرئيس اللبناني "ميشال عون" القصر الجمهوري في بعبدا، ليترك "بلد الأرز " في منتصف النفق المظلم، بين أزمات اقتصادية تفتك بها ومشاكل أمنية، وفراغ دستوري يُغيّم سماء بيروت.
فراغ دستوري
ما يزيد الأمر سوءًا أن مغادرة الرئيس هذه المرة كرّست لفراغ دستوري غير مسبوق على لبنان، حيث تقتضي الأعراف الدستورية أن يتم توقيع مرسوم استقالة الحكومة مع مرسوم تكليف الحكومة الجديدة لتفادي الفراغ الحكومي التام، لأن صلاحيات الحكومة تكون محدودة في فترة تصريف الأعمال، كما الوضع الحالي.
اندلعت الأزمة بسبب خلافات بين "عون" و"ميقاتي" منعت تشكيل الحكومة على مدار أكثر من 4 أشهر منذ تكليف "عون" لـ"ميقاتي" بالتأليف في الاستشارات النيابية الملزمة في شهر يونيو الماضي.
ويتزامن مع الفراغ الحكومي، فراغ رئاسي كامل نظرًا لتعثر مجلس النواب في انتخاب رئيس جديد خلفا للرئيس عون، مما ينتج عنه فراغ دستوري كامل في البلاد.
الفراغ الرئاسي ليس أمرا جديدا في لبنان
شغور منصب رئيس الجمهورية ليس جديدًا على الشعب اللبناني، إذ عاد الحال إلى ما كان عليه قبل تولي "عون" للسلطة قبل 6 سنوات، ما جعل بعض اللبنانيين يتعامل بهدوء مع هذا الوضع، منذ نهاية عهد الرئيس إميل لحود عام 2007.
فراغ رئاسي للمرة السادسة
ورحيل "عون" عن السلطة دون اختيار خلف له، هو المرة السادسة التي يرى فيها الشعب اللبناني كرسي الحكم فارغًا، فمنذ استقلال لبنان عام 1943 وقع لبنان في الفراغ 5 مرات، وكانت الحكومات تتسلم صلاحيات الرئيس خلال فترات غيابه، حيث كانت المرة الأولى عام 1952 في الفترة من من 18 إلى 22 سبتمبر بعد استقالة الرئيس بشارة الخوري، حيث شُكلت حكومة عسكرية برئاسة فؤاد شهاب تولت صلاحيات الرئيس لمدة 4 أيام حتى انتخاب كميل شمعون.
وكانت المرة الثانية بعد انتهاء فترة رئاسة أمين الجميل، وتعذر انتخاب من يخلفه، وامتد الفراغ 408 أيام، من 23 سبتمبر عام 1988 إلى 5 نوفمبر عام 1989.
وكان ثالث فراغ رئاسي في لبنان "قسرياً"، بعد اغتيال الرئيس رينيه معوض في 22 نوفمبر 1989، وانتهى بعد 3 أيام بانتخاب الرئيس إلياس الهراوي في 25 من الشهر نفسه، بينما امتد الفراغ الرابع 182 يومًا، منذ 23 نوفمبر 2007 إلى 25 مايو 2008، بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، وتعذر انتخاب خلفٍ له، فتولت حكومة فؤاد السنيورة صلاحيات رئيس الجمهورية حتى انتخاب ميشال سليمان.
ومع نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان دخلت لبنان في فترة الفراغ الخامسة، التي تعد الأطول حيث استمرت أكثر من عامين (889 يومًا)، بعد إغلاق البرلمان من قِبل بعض القوى لمنع انتخاب رئيس جديد.
وبين 24 مايو 2014 و31 أكتوبر 2016، عقد البرلمان 45 جلسة لم يكتمل نصاب معظمها، حتى جرى التوافق على ميشال عون رئيساً في النهاية، ليختتم فترة الفراغ الخامسة.