نفذت أوكرانيا ما قد يكون العملية العسكرية الأكثر تعقيدًا وتخطيطًا متقنًا وفعالية، من حيث التكلفة في حربها الحالية مع روسيا، بالاعتماد على مواردها الخاصة، وهو ما يمكن أن يكون تحذيرًا من أوكرانيا للقوات العسكرية الأخرى في العالم، بحسب "ذا أتلانتيك" الأمريكية.
واستخدم الأوكرانيون طائرات بدون طيار لمهاجمة أربعة مطارات روسية على الأقل، في وقت واحد تقريبًا، تفصل بينها آلاف الأميال، من بينها مطاران داخل روسيا مباشرة، لكن الأهداف شملت أيضًا قاعدة أولينيا الجوية، فوق الدائرة القطبية الشمالية، واللافت للنظر، قاعدة بيلايا الجوية في سيبيريا، الواقعة على الحدود مع منغوليا مباشرة.
أظهر الهجوم هشاشة الطائرات الكبيرة باهظة الثمن وغيرها من المعدات التي تُقدّرها القوى العظمى حول العالم بعد أن أصيبت الطائرات الروسية بدقة ملحوظة في أكثر نقاط ضعفها.
ويبدو أن الأوكرانيين وضعوا أسرابًا صغيرة نسبيًا من الطائرات بدون طيار في تجاويف مدمجة في الجزء العلوي من شاحنات مقطورة، عندما اقتربت الشاحنات من الأهداف، انفتحت أسقف المقطورات، وحلقت أسراب الطائرات المسيرة، مُفاجئةً الدفاعات الروسية ومُدمرةً إياها.
وصرح مسؤولون أوكرانيون بأن بعض الطائرات المسيرة كانت مُدربة بشكل أساسي على الذكاء الاصطناعي للتعرف على الأجزاء الأكثر ضعفًا في الطائرات الروسية، والتوجه تلقائيًا نحو تلك المناطق.
قُدِّرت تكلفة إحدى الطائرات الأوكرانية المُسيَّرة المُستخدمة في هجوم الأمس بحوالي 1200 دولار أمريكي، لذا حتى لو هوجمت المطارات بـ 100 طائرة مُسيَّرة لكل منها (وهو تقدير يبدو مرتفعًا)، فإن التكلفة الإجمالية للطائرات المُسيَّرة المُستخدمة كانت لتقل عن مليون دولار أمريكي.
ويُمثل الهجوم الأوكراني ذروة ما شهدناه منذ أن شنت روسيا هجموها الشامل عام 2022، إذ يبدو أن الجيش الروسي الأكبر حجمًا يتفوق على أوكرانيا، فلجأت إلى استخدام الطائرات بدون طيار وغيرها من المعدات البدائية لتدمير الدبابات والسفن الحربية الكبيرة والقاذفات وغيرها من الأنظمة القديمة الضخمة.
وقد تباطأ المخططون العسكريون والعديد من المعلقين الخارجيين في إدراك أهمية التكتيكات الدفاعية الأوكرانية، لكن الهجمات الأخيرة تُظهر بوضوح الحاجة إلى تغييرات جذرية في كيفية بناء وتدريب جميع الجيوش.
على سبيل المثال، دأبت المصالح الصينية لسنوات عديدة على شراء مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية المجاورة لقواعد عسكرية أمريكية مهمة، قد تكون هذه الأراضي مزروعة بفول الصويا، ولكنها قد تكون أيضًا مواقع انطلاق لأسراب الطائرات المسيرة التي قد تجعل الهجمات الأوكرانية تبدو ضئيلة.
وشهدت القواعد العسكرية في أوروبا خلال السنوات القليلة الماضية تحليقًا منتظمًا لعدد كبير من الطائرات المسيرة المجهولة، والتي يُفترض أنها تجمع معلومات استخباراتية، من الواضح أن القوة المسؤولة تمتلك القدرة على نشر عدد أكبر من الطائرات المسيرة في هجمات حركية.
يُظهر الأوكرانيون للجيوش الأمريكية والأوروبية أن تحسين الأمن ضد رحلات الطائرات المسيرة أمرٌ طال انتظاره، بالنسبة للولايات المتحدة والجيوش الغربية الكبرى الأخرى، سيطرح استخدام أوكرانيا للشاحنات المتوقفة خارج المناطق الآمنة بالقرب من المواقع العسكرية أسئلةً مُقلقة، وهي إلى أي مدى يُراقبون - أو يستطيعون - حركة الشاحنات التي تمر بقواعدهم عن كثب، وهل يعرفون ما يحدث في كل عقار قريب يُمكن للعدو أن يُخفي فيه أسراب الطائرات بدون طيار ثم يُطلقها دون سابق إنذار.