الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تكلفة الواحدة 10 آلاف دولار.. 117 هجمة أوكرانية تكبد روسيا خسائر بالمليارات

  • مشاركة :
post-title
المسيّرات المستخدمة في عملية "شبكة العنكبوت"

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

نجحت أوكرانيا في تنفيذ عملية عسكرية استثنائية تحمل الاسم الرمزي "شبكة العنكبوت"، استخدمت خلالها طائرات مسيّرة مدعومة بالذكاء الاصطناعي بتكلفة لا تتجاوز 10 آلاف دولار، وهو ما يعادل ثمن 10 هواتف آيفون 16 برو، بحسب السعر المعلن على الموقع الرسمي لشركة آبل.

وصرح الرئيس فولوديمير زيلينسكي بأن 117 طائرة مسيرة استُخدمت في ما يُسمى بعملية "شبكة العنكبوت"، ضربت "34% من حاملات صواريخ كروز الاستراتيجية الروسية".

وأسفرت عملية "شبكة العنكبوت" عن تدمير أكثر من 40 قاذفة روسية استراتيجية في عدة قواعد جوية، وقاذفات استراتيجية بعيدة المدى من طراز Tu-95 وTu-22 M3، كبدت موسكو أكثر من 7 مليارت دولار، وفقًا لصحيفة "تايمز أوف إنديا" وشبكة "BBC".

وتمثل هذه العملية النوعية نقلة تقنية ثورية في استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي عسكريًا، حيث حققت نتائج استراتيجية هائلة بتكلفة منخفضة مقارنة بالضربات الصاروخية التقليدية التي تتكلف 300 إلى 500 ضعف هذا المبلغ.

عملية استراتيجية معقدة

كشفت مصادر في جهاز الأمن الأوكراني SBU لشبكة "BBC" أن عملية "شبكة العنكبوت" استغرقت منذ بدايته وحتى نهايتها 18 شهرًا كاملة، وتضمنت تخطيطًا استراتيجيًا دقيقًا لاستهداف المطارات العسكرية الروسية عبر مساحة جغرافية شاسعة، معتمدة على تقنية مبتكرة تشمل إخفاء طائرات مسيّرة محمّلة بالمتفجرات داخل كبائن خشبية متنقلة مثبتة على شاحنات، حيث تم وضع هذه الشاحنات استراتيجيًا بالقرب من المطارات العسكرية الروسية قبل إطلاق الطائرات المسيّرة عن بُعد.

امتدت الضربات المنسقة عبر آلاف الكيلومترات، مستهدفة مطارات روسية من المرافق القريبة من العاصمة موسكو وصولًا إلى القواعد النائية في شرق سيبيريا والشرق الأقصى، ما يُظهر قدرة أوكرانية استثنائية على تنفيذ عمليات بعيدة المدى بدقة عالية.

"الطائرة الأم" والذكاء الاصطناعي

أكد وزير التحول الرقمي الأوكراني ميخايلو فيدوروف لمصادر إعلامية، الاستخدام القتالي الأول لنظام "الطائرة الأم" المدعوم بالذكاء الاصطناعي، الذي طورته مجموعة تقنيات الدفاع الأوكرانية "بريف وان".

هذا النظام الثوري قادر على إيصال طائرتين مسيّرتين مجهزتين بالذكاء الاصطناعي ومزودتين برؤية الشخص الأول إلى مسافة تصل إلى 300 كيلومتر خلف خطوط العدو.

تعتمد الطائرات المسيّرة على أنظمة مستقلة متقدمة تعمل بشكل مستقل تمامًا فور نشرها، مستخدمة نظام ملاحة بصري مع كاميرات وتقنيات متطورة.

هذه التقنية تتيح للطائرات تحديد الأهداف والاشتباك معها دون الاعتماد على نظام تحديد المواقع العالمي GPS أو أي تدخل بشري، ما يجعلها مقاومة لأنظمة التشويش الإلكتروني، إلا أن لكن القلب النابض لهذه التقنية المتطورة يكمن في نظام الذكاء الاصطناعي المدمج داخل كل طائرة مسيّرة.

"سمارت بايلوت" وراء النجاح

هنا يأتي دور نظام "سمارت بايلوت" كالعقل المدبر لعملية "شبكة العنكبوت" بأكملها، فهو النظام الذي حوّل الطائرات المسيّرة العادية إلى أسلحة ذكية قادرة على اتخاذ قرارات قتالية مستقلة.

يمثل هذا النظام الحلقة الأهم في سلسلة التقنيات المستخدمة، حيث يمكّن الطائرات المسيّرة من معالجة بيانات الفيديو المباشرة من الكاميرات في الوقت الفعلي باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي المتطورة.

ما يجعل "سمارت بايلوت" محوريًا في نجاح العملية أنه يحول البيانات البصرية المعقدة إلى قرارات تكتيكية دقيقة، فالنظام قادر على تحليل المشهد أمامه وتحديد الأهداف عالية القيمة تلقائيًا، مثل القاذفات الاستراتيجية الروسية تو-95 وتو-22، من بين عشرات الطائرات والمركبات الأخرى في المطار، ثم اتخاذ قرار الاشتباك بالهدف المناسب دون أي تدخل بشري، ما مكّن العملية من تحقيق دقة استهداف استثنائية رغم المسافات الشاسعة والظروف المعقدة.

بفضل نظام "سمارت بايلوت" والتقنيات المدمجة، تبلغ تكلفة كل عملية نحو 10 آلاف دولار أمريكي فقط، وفقًا لما ذكرته "تايمز أوف إنديا" نقلًا عن مصادر عسكرية، وهو مبلغ يعادل ثمن 10 هواتف آيفون 16 برو.

هذه التكلفة المنخفضة جدًا، التي تشمل تطوير وتشغيل نظام الذكاء الاصطناعي، مقارنة بالضربات الصاروخية التقليدية تجعل من تقنية "سمارت بايلوت" والطائرات المسيرة الذكية خيارًا اقتصاديًا ثوريًا للعمليات واسعة النطاق.

كيفية تحديد الأهداف

النجاح الحقيقي لعملية "شبكة العنكبوت" يكمن في قدرة نظام "سمارت بايلوت" على التمييز بدقة فائقة بين الأهداف المختلفة واختيار الأهم استراتيجياً، إذ ركّزت العملية بذكاء على استهداف القاذفات الاستراتيجية الحاملة للصواريخ، وتحديدًا طائرات تو-95 وتو-22 إم 3 وتو-160، وهي طائرات لم تعد قيد الإنتاج ويصعب جدًا استبدالها.

هذا التحديد الدقيق للأهداف لم يكن ممكنًا بدون الذكاء الاصطناعي المتقدم في "سمارت بايلوت"، الذي تمكن من تحليل أشكال وأحجام ومواصفات الطائرات المختلفة في المطارات العسكرية الروسية، ثم اتخاذ قرار مدروس بضرب القاذفات الاستراتيجية تحديدًا دون المساس بطائرات أقل أهمية.، ما يُظهر مستوى متقدماً من الذكاء الاصطناعي العسكري قادر على فهم القيمة الاستراتيجية للأهداف المختلفة.

يشير المحللون العسكريون المختصون إلى أن الضربات أثرت على نحو 34% من أسطول القاذفات الاستراتيجية الروسية في القواعد الجوية الرئيسية، ما يمثل أضرارًا محتملة بمليارات الدولارات وتآكلًا خطيرًا في القدرات الجوية الروسية بعيدة المدى.

استراتيجية التعويض التكنولوجي

وتشير "تايمز أوف إنديا" إلى أن مجموعة "بريف وان" الأوكرانية طوّرت نظام "سمارت بايلوت" وباقي التقنيات المتقدمة كجزء من استراتيجية شاملة لتعويض النقص في القوى البشرية والقوة النارية التقليدية من خلال الابتكار التكنولوجي والذكاء الاصطناعي.