الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تحذيرات بشأن أضرار منتظرة لاستخدام "البالونات" لإنقاذ سفينة كوريا الشمالية المنكوبة

  • مشاركة :
post-title
كوريا الشمالية تحاول إنقاذ سفينتها المنكوبة بالبالونات

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

رصدت صور الأقمار الصناعية أجسامًا بيضاء أشبه ببالونات تحيط بسفينة حربية منكوبة على سواحل كوريا الشمالية، وهي السفينة التي كان يُفترض أن تكون تاج مشروع التحديث البحري للزعيم كيم جونج أون، التي تحولت إلى صداع وطني علني، يتابعه العالم، وتحاول بيونج يانج إنقاذ ماء وجهها عبر هندسة إنقاذية غير تقليدية.

وحسب شبكة CNN الأمريكية، فإن هذه البالونات قد لا تكون مجرد أدوات طفو، بل جزء من استراتيجية دفاعية وإعلامية معقدة.

فشل مرير

في 21 مايو الماضي، وبينما كانت كوريا الشمالية تستعد للكشف عن أحدث مدمرة في أسطولها البحري، تعرّضت السفينة الحربية، التي يبلغ وزنها 5000 طن، إلى فشل مدوٍّ خلال عملية إطلاق احتفالية، ووفقًا لوكالة الأنباء المركزية الكورية، انزلقت مؤخرة السفينة قبل أوانها إلى الماء نتيجة عطل ميكانيكي، ما أدى إلى سحق أجزاء من هيكلها وبقائها عالقة على الرصيف، في مشهد محرج وصفته الوكالة بـ"الاعتراف النادر بالأخبار السيئة".

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، الذي حضر الإطلاق الفاشل في مدينة تشونججين، وصف الحادث بـ"العمل الإجرامي"، وأمر بإصلاح السفينة المجهولة الاسم بسرعة قبل الجلسة الكاملة لحزب العمال الحاكم في يونيو، معتبرًا المسألة "شرفًا وطنيًا".

قصة "البالونات"؟

أحدث صور الأقمار الصناعية التي نشرتها شركة Maxar Technologies كشفت عن نشر أكثر من اثني عشر جسمًا أبيض اللون يشبه البالونات حول السفينة منذ 23 مايو، في مشهد أثار تساؤلات عدة، وبحسب CNN، لم يصدر أي توضيح رسمي عن الغرض منها، لكن خبراء عسكريين قدموا عدة تفسيرات ممكنة.

النائب يو يونج وون، عضو الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية ومحلل عسكري، قال إن هذه الأجسام "ربما تهدف إلى منع السفينة من الغرق أكثر، وليس لإعادة تعويمها بالكامل".

أما الكابتن الأمريكي المتقاعد كارل شوستر، فطرح احتمالين، الأول يتمثل في حماية السفينة من استطلاع الطائرات دون طيار على ارتفاعات منخفضة إلى متوسطة، والثاني في تخفيف الضغط على الجزء العالق من السفينة على الرصيف، وهي المنطقة الأكثر تضررًا.

وبحسب "شوستر"، لا تُظهر الصور وجود أكياس طفو أو دعم هيكلي للسفينة، وهي تقنيات عادة ما تستخدمها الولايات المتحدة في عمليات إنقاذ مماثلة، ما يعكس الفارق التكنولوجي بين البلدين.

صورة الأقمار الصناعية تظهر بالونات بيضاء تطفو فوق السفينة الحربية الكورية الشمالية العالقة
مخاطرة هندسية

نيك تشايلدز، الباحث البارز في القوات البحرية والأمن البحري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، حذّر من أن استخدام البالونات قد يُفاقم الأضرار، موضحًا أن رفع السفينة من الأعلى قد يضيف ضغطًا مفرطًا على هيكلها.

وأشار إلى أن الطريقة المعتمدة عادة في مثل هذه الحالات هي "زيادة الطفو داخل السفينة ورفعها من الأسفل"، ما يعكس نهجًا مختلفًا تمامًا عما يبدو أن كوريا الشمالية تحاول تنفيذه.

وأعرب "تشايلدز" عن قلقه من أن كوريا الشمالية، نتيجة لقلة الموارد أو المعرفة التقنية، قد تلجأ إلى حلول مرتجلة تعرض السفينة لمزيد من التلف.

سباق مع الزمن

في محاولة يائسة لتسريع عمليات الإصلاح، قامت السلطات الكورية الشمالية باعتقال أربعة أشخاص، من بينهم كبير مهندسي حوض بناء السفن، وفق CNN، هذه الإجراءات العقابية قد تعكس الضغط الشديد الواقع على النظام لتدارك الفضيحة قبل اجتماع الحزب الحاكم.

كانت وسائل الإعلام الكورية الشمالية أكدت في تقارير سابقة أن الضرر كان "أقل من المتوقع"، وأنه لا توجد ثقوب في الهيكل رغم وجود خدوش وتسرب للمياه في المؤخرة، لكن محللين غربيين شككوا في ذلك، وأكدوا أن الإصلاح الكامل قد يستغرق أشهرًا، وليس أيامًا كما تزعم بيونج يانج.

ديكر إيفليث، محلل أبحاث في منظمة CNA الأمريكية المتخصصة في شؤون الدفاع، وصف الوضع بالـ"كابوسي"، قائلًا: "وجود نصف السفينة داخل الماء ونصفها الآخر على اليابسة هو أسوأ سيناريو ممكن".

وأوضح أن هذا الوضع المعقد يجعل من عمليات السحب والرفع محفوفة بالمخاطر، إذ قد يؤدي إلى التواء أو كسر عارضة السفينة، وهي العمود الفقري الهيكلي لها.

وأضاف أن "لو كانت السفينة قد انقلبت بالكامل في البحر أو سقطت على اليابسة لكان من الأسهل التعامل معها"، معتبرًا الوضع الحالي بمثابة "كابوس هندسي" قد يجعل إنقاذها مستحيلًا دون تدميرها.

هل تُفكك السفينة؟

في نهاية المطاف، يرجّح خبراء كثر أن الحل الوحيد أمام كوريا الشمالية قد يكون تقطيع السفينة إلى أجزاء، ويقول نيك تشايلدز: "غالبًا ما يكون السبيل الوحيد لإخلاء الرصيف هو تفكيك جزء من السفينة، ثم سحب ما تبقى منها لاتخاذ قرار بشأن إعادة البناء أو التخلص منها".

هذا المصير لا يهدد مجرد سفينة، بل يُلقي بظلال ثقيلة على طموحات كيم جونج أون في تحديث أسطوله العسكري، وعلى صورته التي يحاول ترسيخها كقائد لا يُخطئ.