تتزايد المعارضة بين جنود الاحتياط الإسرائيليين مع توغل وانتشار العمليات العسكرية في قطاع غزة، ووصل بعضهم إلى انتقاد حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو علنًا على ما وصفوه بـ"القرار غير الأخلاقي والمدفوع سياسيًا بمواصلة الحرب"؛ حسبما نقل تقرير لشبكة NBC News.
وتفاقمت هذه الضغوط بعد أن أعلنت حكومة نتنياهو عن عملية جديدة كبرى أطلق عليها اسم "عربات جدعون"، التي بدأت في وقت سابق من هذا الشهر، كما وقّع أكثر من 12 ألف جندي حالي وسابق على سلسلة من الرسائل منذ انهيار وقف إطلاق النار في مارس الماضي، مطالبين رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته بإنهاء الحرب.
وأعلن هؤلاء الجنود أنهم سيرفضون الخدمة إذا استمرت الحرب، وفقًا لمنظمة "ريستارت إسرائيل"، وهي منظمة ناشطة تتعقب عدد الأشخاص الذين يعارضون تصرفات الحكومة.
وفي بيان لوكالة "أسوشيتد برس" بعد نشر إحدى الرسائل الشهر الماضي، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه يجب أن يكون "فوق كل اعتبار سياسي".
وعلى الرغم من أن القانون الإسرائيلي ينص على أن أصحاب العمل يجب أن يكون لديهم سبب مشروع لطرد شخص ما واتباع الإجراءات القانونية الواجبة قبل إنهاء عمله، فإن الجيش قام بطرد أو التهديد بطرد جنود الاحتياط الذين وقّعوا على الرسالة.
حرب غير إنسانية
نقلت الشبكة الأمريكية عن يوفال بن آري، وهو جندي احتياط خدم في فترتين داخل قطاع غزة (شمالًا وجنوبًا): "أرفض ارتكاب جرائم حرب. إن التصرف الوطني الصحيح هو الرفض".
وأضاف: "كإسرائيلي، وكإنسان، أدعو الحكومة الإسرائيلية إلى التوقف عن تجويع مليوني شخص"، مسببًا موقفه بأنه يشعر بالخجل والذنب لأن "الناس داخل غزة يموتون من الجوع".
وباعتباره واحدًا من أفراد الجيش السابقين والحاليين -بما في ذلك قادة رفيعي المستوى- الذين أعربوا عن مخاوفهم بشأن سلوك إسرائيل، أشار "آري" إلى أنه خلال مهمته الأولى في غزة أواخر العام الماضي شعر بخيبة أمل إزاء الدمار الذي شهده.
وقال "آري"، الذي أُرسل إلى جنوب غزة عندما استأنفت إسرائيل حملتها العسكرية في مارس الماضي، إنه أدرك أنه لم يعد بإمكانه الخدمة بضمير مرتاح؛ لذلك، بعد أسبوع طلب إعفاءه من مهمته، وتوجه إلى الحدود.
وفور عودته إلى إسرائيل، كتب على وسائل التواصل الاجتماعي: "لن أرتدي هذا الزي بعد الآن في ظل الحكومة الحالية".
كما أكد "آري" أنه لا يقبل "تهجير مليوني شخص"، خاصة وأن هذا أمرٌ غير إنساني، موضحًا أن معظم أصدقائه وعائلته أشادوا بموقفه، بينما وصفه آخرون بالخيانة واتهموه بالأنانية والتخلي عن المحتجزين المتبقين.
ورطة كبيرة
بعد أن خرقت إسرائيل وقف إطلاق النار مع حماس في أوائل مارس الماضي، وفرضت حصارًا يمنع دخول الغذاء والوقود والإمدادات الطبية إلى غزة، حيث أدت الهجمات الإسرائيلية إلى استشهاد أكثر من 54 ألف شخص منذ بدء الصراع الحالي، لم يكن "آري" الوحيد الذي أعرب عن انزعاجه أو رفضه، فقد نقل تقرير شبكة NBC News عن جاي بوران، الطيار المتقاعد في سلاح الجو الإسرائيلي، قوله: "إنهم لا يقولون أوقفوا الحرب لأننا متعبون، بل يقولون إن هذه الحرب غير شرعية".
وأضاف بوران (69 عامًا) الذي ساعد في إطلاق رسالة مناهضة للحرب وقّع عليها ما يقرب من 1200 عضو حالي وسابق في القوات الجوية، أن نتنياهو، الذي يخضع للمحاكمة حاليًا بتهمة الرشوة والاحتيال "في ورطة كبيرة"، في إشارة إلى اتهامات جنائية خطيرة للغاية موجهة له.
وقال "بوران"، في مقابلة أجريت معه في منزله بتل أبيب، إن بقاء نتنياهو السياسي يكمن في أيدي شركائه "في أقصى اليمين"، في إشارة إلى وزير المالية القومي المتطرف بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن جفير، وزير الأمن القومي، اللذين هددا بإسقاط الحكومة إذا وافقت إسرائيل على وقف إطلاق النار مع حماس، بينما دعيا أيضًا إلى الإبادة الكاملة للحركة، وبشكل عام إعادة احتلال غزة وإعادة توطينها من قِبل إسرائيل.
وأضاف "بوران" أن إسرائيل أصبحت "رهينة بسبب هذا الابتزاز".
بلا أخلاقيات
نقل التقرير عن أحد الموقّعين على الرسالة، وهو رائد احتياط بالقوات الجوية، إن "تصرفات الحكومة والطريقة التي تحدّث بها بعض الوزراء بحرية عن الجوعى في غزة لم تكن من حكومة طبيعية وأخلاقية"، ويعتقد أن الوزراء الحاليين "يفقدونها".
وأضاف: "الجيش بطريقة ما مضطر إلى وضع إشارة توقف أمامهم"، مشيرًا إلى أن هناك شعورًا متزايدًا بأن "الأمر أصبح حربًا انتقامية، وأن الكثير من المدنيين، الأبرياء، والأطفال، والنساء، يُقتلون دون داعٍ".
وأكد أنه حتى الجيش الإسرائيلي يقول إنه لا يمكن أن يكون حلًا طويل الأمد "إذا احتللنا هناك، فعلينا أن نهتم بغذائهم، وصحتهم، ونظامهم التعليمي، وصرفهم الصحي. مَن سيتولى ذلك؟".
وفي مقابلة منفصلة، اعترض مقدم في احتياطي القوات الجوية على استئناف الأنشطة العسكرية في غزة بسبب مخاوف من أن القوات الإسرائيلية "ربما تقتل أبناءنا"، كما قالوا، في إشارة إلى المحتجزين الـ58 الذين ما زالوا في الأسر، على الرغم من الاعتقاد بأن الأغلبية قد ماتوا.
وقالوا إن "هذا خط أحمر"، وأضافوا أن نتنياهو وائتلافه أهملوا المحتجزين "من أجل الحفاظ على حكومتهم".