الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تصعيد تقني جديد.. ترامب يمنع برمجيات الرقائق الأمريكية عن الصين

  • مشاركة :
post-title
صورة تعبيرية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

الحرب التقنية تتصاعد.. أمريكا تقطع شريان برمجيات أشباه الموصلات عن بكين

أمرت إدارة الرئيس دونالد ترامب، الشركات الأمريكية المتخصصة في برمجيات تصميم أشباه الموصلات بوقف بيع خدماتها للمجموعات الصينية، في أحدث تصعيد للحرب التقنية بين القوتين العظميين، ما يمثل ضربة إستراتيجية جديدة لقدرة بكين على تطوير رقائق الذكاء الاصطناعي المتطورة، حسبما كشفت صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية.

وأفادت مصادر مطلعة على القرار، لصحيفة "فايننشيال تايمز"، بأن وزارة التجارة الأمريكية أبلغت شركات "التشغيل الآلي لتصميم الإلكترونيات"، والتي تشمل عمالقة التقنية مثل "كادينس ديزاين سيستمز" و"سينوبسيس" و"سيمنز إي دي إيه" (التابعة لمجموعة سيمنز الألمانية)، بضرورة التوقف فورًا عن توريد تقنياتها المتطورة إلى الصين.

رسائل مباشرة للشركات

وأصدر مكتب الصناعة والأمن، الذراع المتخصص في وزارة التجارة الأمريكية المسؤول عن الإشراف على ضوابط التصدير، هذا التوجيه الحاسم عبر رسائل رسمية مباشرة للشركات المعنية، وإن كان من غير الواضح ما إذا كانت جميع الشركات الأمريكية العاملة في هذا المجال تلقت هذه الرسائل أم لا.

وأكد مسؤول رسمي في وزارة التجارة الأمريكية للصحيفة البريطانية أن الوزارة "تراجع حاليًا الصادرات ذات الأهمية الإستراتيجية المتجهة إلى الصين، وفي بعض الحالات علقت تراخيص التصدير الحالية أو فرضت متطلبات ترخيص إضافية بينما المراجعة جارية".

وتأتي هذه الخطوة كجزء من سلسلة إجراءات تصعيدية بدأت في أبريل، حين قيدت واشنطن تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي المخصصة للصين من عملاق التقنية الأمريكي "إنفيديا".

خسائر فورية

انعكست أنباء القيود الجديدة فورًا وبقوة على أسواق المال الأمريكية، إذ هوت أسهم شركة "سينوبسيس" بنسبة حادة بلغت 9.6% خلال تداولات أمس الأربعاء، بينما خسرت أسهم كادينس ديزاين سيستمز نسبة مؤلمة وصلت إلى 10.7% من قيمتها السوقية.

كما تراجعت أسهم شركة أنسيس (شركة برمجيات المحاكاة الأمريكية) بنسبة 5.3% تأثرًا بالأنباء، خاصة أن سينوبسيس تسعى لشرائها في صفقة ضخمة تبلغ قيمتها 35 مليار دولار، وهي الصفقة التي لا تزال تنتظر موافقة الجهات التنظيمية الصينية.

وتكشف الأرقام المالية المعلنة حجم الخسائر الفادحة المتوقعة على هذه الشركات، حيث سجلت شركة سينوبسيس مبيعات ضخمة بقيمة مليار دولار تقريباً في السوق الصينية خلال السنة المالية 2024، أي ما يعادل نسبة كبيرة تصل إلى 16% من إجمالي إيراداتها السنوية.

من جهتها، كشفت شركة كادينس أن السوق الصينية مثلت مصدرًا مهمًا لإيراداتها بقيمة 550 مليون دولار، أو ما يعادل 12% من إجمالي إيراداتها.

وقال ساسين جازي، الرئيس التنفيذي لشركة سينوبسيس، خلال مكالمة أرباح الربع الثاني التي عُقدت أمس الأربعاء: "نحن على علم بالتقارير الإعلامية والتكهنات المنتشرة، لكن شركة سينوبسيس لم تتلق بعد أي إشعار رسمي من مكتب الصناعة والأمن، لذا فإن توجيهاتنا التي نؤكدها للعام الكامل تعكس فهمنا الحالي لقيود التصدير المفروضة من المكتب".

ضربة إستراتيجية

تُعد هذه الخطوة الأمريكية الجديدة ضربة إستراتيجية قاسية للاقتصاد الصيني وطموحاته التقنية، إذ تسيطر الشركات الثلاث المستهدفة بالقيود "سينوبسيس وكادينس وسيمنز إي دي إيه" مجتمعة على حصة مهيمنة تصل إلى نحو 80% من السوق الصينية الواسعة لبرمجيات التشغيل الآلي لتصميم الإلكترونيات.

وهذه البرمجيات المتخصصة بمثابة العمود الفقري الحيوي في سلسلة التوريد العالمية لصناعة أشباه الموصلات، وتسمح لمصممي ومصنعي الرقائق الإلكترونية بتطوير وتصميم واختبار الجيل القادم من الرقائق المتطورة، رغم أنها تمثل حصة صغيرة نسبيًا من إجمالي حجم صناعة أشباه الموصلات العالمية.

وتشكل هذه الخطوة جزءًا من إستراتيجية أوسع تتبعها إدارة ترامب لمنع الصين من تحقيق التفوق التقني، خاصة في مجال تطوير رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة التي تُعد أساسية للتقدم التقني والعسكري في القرن الـ21.

وفي ولاية ترامب الأولى، حظرت الولايات المتحدة على شركة هواوي الصينية العملاقة استخدام أدوات التصميم الإلكتروني الأمريكية، وتُعتبر هواوي منافسًا صاعدًا لشركة إنفيديا برقائق الذكاء الاصطناعي "أسيند".

توقيت حساس

يأتي هذا القرار التصعيدي في توقيت بالغ الحساسية والدقة، بينما تحاول الولايات المتحدة والصين، بجهد كبير، التوصل إلى اتفاق تجاري شامل بعد أن اتفقا مؤخرًا في العاصمة السويسرية جنيف على وقف مؤقت للحرب التجارية، من خلال تعليق فرض الرسوم الجمركية المتبادلة والانتقامية لمدة 90 يومًا.

وأفادت "فايننشيال تايمز" الشهر الماضي بأن إدارة ترامب كانت تعتزم وضع عدد من صانعي الرقائق الصينيين على قائمة سوداء من شأنها أن تجعل من الصعب للغاية على الشركات الأمريكية تزويدهم بالتقنية الأمريكية، لكن بعض المسؤولين دفعوا نحو تأجيل هذا الإجراء لتجنب تعريض المحادثات التجارية بين البلدين للخطر.

وحذر كريستوفر جونسون، المحلل السابق المتخصص في الشؤون الصينية لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ورئيس مجموعة "إستراتيجيات الصين" الاستشارية المتخصصة في تحليل المخاطر، من أن "ضوابط التصدير الجديدة تؤكد بوضوح "الهشاشة الفطرية للهدنة الجمركية التي تم التوصل إليها في جنيف، مع رغبة كلا الجانبين في الاحتفاظ بقدراتهما على الضغط ومواصلة إظهار فعالية أسلحة الخنق الاقتصادي المتبادلة". 

وأضاف "جونسون"، في تصريحات لصحيفة "فايننشيال تايمز"، أن "خطر انهيار وقف إطلاق النار حتى داخل فترة الـ90 يومًا المتفق عليها أمر حاضر باستمرار".