الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"الرقائق" والدفاع ضمن أهدافها.. الصين تحشد ترسانتها التجارية لمواجهة ترامب

  • مشاركة :
post-title
التجارة الصينية - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

مع تزايد التوتر في العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة منذ عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، تستعد بكين الآن لاستخدام ترسانتها التجارية بشكل كامل في مواجهة الإجراءات الأمريكية الأخيرة، متجاوزة مجرد فرض رسوم جمركية مضادة.

وأدَّت سياسات ترامب التجارية المتشددة إلى استفزاز بكين، التي طورت خلال السنوات الماضية مجموعة متنوعة من الأدوات للرد على الضغوط الأمريكية، وفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال". 

تبادل الضربات الجمركية

وقررت الصين رفع الرسوم الجمركية على جميع الواردات الأمريكية إلى 84%، ردًّا على فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية بنسبة 104% على الواردات الصينية.

ودفع هذا التصعيد ترامب إلى اتخاذ إجراء أكثر تشددًا، إذ أعلن عن زيادة الرسوم الجمركية على الصين إلى 125% بأثر فوري، مع تعليق زيادة الرسوم على عشرات الدول الأخرى.

وبينما يركِّز ترامب على الرسوم الجمركية كأداة تجارية مفضلة، تتجاوز استراتيجية الصين ذلك بكثير، معتمدة على جاذبية سوقها الضخم للشركات الأمريكية كورقة ضغط رئيسية.

ترسانة الصين المتكاملة

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن الصين أعدَّت مجموعة متنوعة من الأدوات تتجاوز الرسوم الجمركية لمواجهة الولايات المتحدة، تشمل ضوابط التصدير للمواد الحيوية التي تستخدمها الشركات الأمريكية في صناعة الرقائق الإلكترونية والمنتجات المرتبطة بالدفاع، وإطلاق تحقيقات تنظيمية مصممة لتخويف الشركات الأمريكية ومعاقبتها، وإنشاء قوائم سوداء تهدف إلى منعها من البيع في الصين.

كما تعمل السلطات الصينية على تطوير أساليب جديدة للضغط على الشركات الأمريكية للتخلي عن ملكيتها الفكرية أو فقدان إمكانية الوصول إلى السوق الصينية.

في إطار إجراءاتها المضادة الأخيرة، أضافت الصين 6 شركات أمريكية، بما في ذلك شركات مرتبطة بالدفاع والفضاء مثل "Shield AI" و"Sierra Nevada"، إلى القائمة السوداء التجارية، وفرضت ضوابط تصدير على 12 شركة أمريكية أخرى، بما في ذلك شركة "American Photonics" و"BRINC Drones".

وقال إيفان ميديروس، المسؤول السابق في الأمن القومي خلال إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما والأستاذ حاليًا في جامعة جورجتاون: "وضعت الصين بشكل منهجي ترسانة جديدة من الأدوات تهدف إلى تقليل التكلفة على الصين وزيادة الألم على الولايات المتحدة.. إنهم مستعدون بطريقة تمنحهم ميزة غير متماثلة في الحرب التجارية".

وأخذت الحكومة الصينية ووسائل الإعلام الرسمية نبرة متحدية، إذ صرحت وزارة التجارة الصينية: "إذا أصرت الولايات المتحدة على طريقها، فستقاتل الصين حتى النهاية".

فيما قالت وزارة الخارجية الصينية إن بكين ستتخذ إجراءات قوية للدفاع عن مصالح البلاد، لكنها تركت الباب مفتوحًا للتفاوض في ظل شروط "المساواة والاحترام والمعاملة بالمثل".

التوازن الدقيق

على الرغم من الترسانة المتنوعة، هناك خيارات ستتردد بكين في اللجوء إليها في الوقت الحالي نظرًا لارتفاع تكلفتها على الصين نفسها، وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن هذه الخيارات تشمل خفض قيمة اليوان بشكل حاد أو بيع حيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية بشكل مكثف.

ويمكن أن تؤدي هذه الخطوات إلى زعزعة استقرار السوق المالية الصينية وتضر بهدفها الاستراتيجي المتمثل في تعزيز العلاقات التجارية مع دول أخرى.

في الأسابيع الأخيرة، تواصلَ مسؤولون صينيون مع بعض دول جنوب شرق آسيا، بما في ذلك كمبوديا ولاوس وتايلاند؛ لمحاولة تعزيز التجارة معها، فضلًا عن تشجيع استخدام اليوان الصيني في تسوية المعاملات.

خلال هذه المناقشات، أشار المسؤولون الصينيون إلى أن بكين حريصة على الحفاظ على استقرار اليوان إلى حد كبير؛ للمضي قدمًا في هدفها المتمثل في "إزالة الدولرة" من خلال إجراء المزيد من التجارة باليوان.

سلاح بكين الاستراتيجي

ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن مزيج الإجراءات المضادة الأخيرة للصين يوضح تركيزها المتزايد على استهداف الشركات الأمريكية، خاصة تلك العاملة في مجال التكنولوجيا المتقدمة.

وفي معركتها المتصاعدة مع واشنطن، تستمر بكين في الاعتماد على جاذبية السوق الصينية للشركات، على الرغم من النمو البطيء الأخير في الصين، إذ تسعى أيضًا للفوز في سباق التكنولوجيا.

على الرغم من انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر الجديد في الصين خلال العامين الماضيين، تُظهر العديد من الاستطلاعات الحديثة أن العديد من الشركات متعددة الجنسيات، من صانعي السيارات إلى شركات الأدوية وصانعي الرقائق، تختار البقاء منخرطة مع البلاد.

في إطار ردها على إجراءات ترامب الجمركية الأخيرة، أطلقت الصين الأسبوع الماضي تحقيقًا في مكافحة الاحتكار في عمليات شركة "DuPont" في الصين، والتي اعتمدت على البر الرئيسي وهونج كونج لتحقيق 19% من إيراداتها العام الماضي.

كما يقوم منظم مكافحة الاحتكار الصيني بمراجعة صفقة من شأنها نقل السيطرة على ميناءين في بنما من "CK Hutchison"، التي تسيطر عليها عائلة الملياردير لي كا-شينج في هونج كونج، إلى مجموعة مستثمرين بقيادة "BlackRock". على الرغم من أن أيًا من الشركات أو الأصول المعنية ليست في البر الرئيسي للصين، فإن تحقيق بكين هدد بتأخير الصفقة، التي أصبحت نقطة خلاف بين الولايات المتحدة والصين.

الكيانات غير الموثوقة

أيضًا، طوّرت بكين سلاحًا تجاريًا قويًا آخر وهو ما يسمى بقائمة "الكيانات غير الموثوقة"، وهي ما يعادل القائمة التي تحتفظ بها الولايات المتحدة والتي تقيِّد الشركات والأفراد الأجانب الذين يعتبرون ضارين بالأمن القومي من ممارسة الأعمال التجارية مع الشركات الأمريكية.

أنشأت الصين هذه القائمة السوداء في عام 2019، بعد أن وضعت الولايات المتحدة شركة الاتصالات الصينية العملاقة "هواوي تكنولوجيز" على قائمتها.

يُحظر على الشركات التي تحددها الصين ككيانات غير موثوقة الاستثمار في البلاد أو المشاركة في التجارة مع الشركات الصينية وتواجه -من بين قيود أخرى- حظر دخول موظفيها الرئيسيين.

ووسَّعت بكين أخيرًا من نطاق إدراج الشركات الأمريكية في القائمة السوداء من الشركات المرتبطة بالدفاع إلى شركات مثل "PVH"، الشركة الأم الأمريكية لـ "كالفن كلاين" و"تومي هيلفيجر"، وشركة التكنولوجيا الحيوية الأمريكية "Illumina".

حتى بداية هذا الأسبوع، وضعت الصين 38 كيانًا أمريكيًا على القائمة السوداء، ومن المرجح أن تستهدف المزيد من الشركات الأمريكية كجزء من منافستها الأوسع مع الولايات المتحدة.