الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"الوطنية للأسلحة".. المتهم الحاضر في جرائم إطلاق النار بأمريكا

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي جو بايدن

القاهرة الإخبارية - محمد صبحي

بعد كل حادث إطلاق النار، يتجدد الحديث عن حظر بيع الأسلحة الهجومية في الولايات المتحدة، واليوم حث الرئيس الأمريكي جو بايدن، الكونجرس الأمريكي، على الإسراع في تمرير القانون الخاص بحظر بيع الأسلحة الهجومية، عقب حادث كاليفورنيا الذي أسفر عن سقوط ضحايا، وأعقبه بساعات حادث آخر في ولاية واشنطن الأمريكية.

وطالب بايدن، مجلسي الكونجرس، بسرعة تسليمه القانون الخاص بحظر الأسلحة، الذي قدمته السيناتور الديمقراطية ديان فاينستاين، ويتضمن كذلك رفع سن شراء الأسلحة إلى 21 عامًا، مؤكدًا أن غالبية الشعب الأمريكي يوافق على هذا الأمر، من أجل سلامة الأطفال والأمة.

وأشار بايدن، في بيانه إلى قانون "المجتمعات أكثر أمانًا"، الذي وقعه في يونيو الماضي، ليكون أول مشروع قانون فيدرالي لضبط وتنظيم حيازة الأسلحة في الولايات المتحدة منذ عقود، على خلفية حوادث إطلاق النار، لكنه أكد وقتها أن القانون لا يشمل على كل ما يريده، لإنقاذ الأرواح.

وتجدد حوادث إطلاق النار الجماعية في أمريكا، الاتهامات التي توجه إلى "جماعات الضغط"، التابعة لشركات الأسلحة، وخاصة "الرابطة الوطنية للأسلحة"، "NRA" والتي تعد أهم رموز لوبي السلاح، ويعد دونالد ترامب الرئيس الأمريكي السابق، من أبرز داعميها، الذي خرج في مايو الماضي، خلال مؤتمر الرابطة، الذي عقد بولاية تكساس، بعد 3 أيام فقط من مجزرة شهدتها في مدرسة روب الابتدائية، أسفرت عن مقتل 14 تلميذًا ومعلمًا، وهاجم دعوات التشدد في قوانين اقتناء الأسلحة، وقال إن "وجود الشر في عالمنا، ليس سببًا لنزع سلاح المواطنين بل هو أحد أهم أسباب تسليحهم".

وأكد ترامب أنه يجب أن يتم السماح للأمريكيين الذين وصفهم بـ"الصالحين"، بحيازة الأسلحة للدفاع عن أنفسهم، رافضًا كل دعوات التشدد في قوانين اقتناء السلاح.

وهنا يجب أن يُطرح السؤال عن ماهية الرابطة وسر قوتها؟

بعد كل حادث تتعالى أصوات الناجين وعائلات الضحايا، باتخاذ إجراءات لوقف تلك الأزمة، وغالبًا لا يحدث شيء، لتبدو الأزمة وكأنها مستعصية على الحل، وأنها أكبر من الرئيس الأمريكي نفسه، فما هو تاريخ الأزمة وكيف أصبحت الرابطة الوطنية للأسلحة بهذه القوة؟

وإذا عدنا إلى تاريخ الأزمة، نجده قديم قدم الدولة نفسها، إذ يعود إلى بداية الثورة الأمريكية، وفقًا لـ برايان ديلاي، أستاذ التاريخ بجامعة كاليفورنيا، الذي أشار إلى ذلك على موقع صحيفة "باسيفيك ستاندارد".

بدأ الحديث عن الرابطة الوطنية للسلاح، حينما قرر جورج واشنطن، أول رئيس أمريكي، تشييد ترسانات عامة لإنتاج الأسلحة النارية، حتى يضمن أن يكون للجمهورية الناشئة صناعة أسلحة خاصة بها، فبدأ هو وحلفاؤه في تشييد تلك الترسانات في سبرينجفيلد وهاربرز فيري، كما بدأوا بتوزيع عقود أسلحة مربحة، على شركات خاصة مثل شركة "سيميون نورث"، التي صنعت أول مسدس أمريكي، وبعد ذلك غذت الحرب الأمريكية ضد المملكة المتحدة 1812"، إضافة إلى الحرب الأمريكية المكسيكية، نمو صناعة السلاح بسرعة، حتى برزت الولايات المتحدة كمنتج أسلحة عالمي في الخمسينيات من القرن التاسع عشر.

ساهمت الحرب الأهلية بأمريكا في ازدهار صناعة الأسلحة بشكل أوسع، وبحلول عام 1865، وبعد 4 أعوام من بدء الحرب الأهلية، حققت الشركات ملايين الدولارات كعائدات من إنتاج الأسلحة، إلا أن نهاية الحرب أدت إلى انهيار الطلب وبالتالي إفلاس صانعي الأسلحة، إلا أن بعضهم وقع عقودًا مع حكومات أجنبية، ما أدى لازدهار شركات مثل "كولت"، و"ريمنجتون".

تاريخ الرابطة الوطنية للأسلحة

تأسست الرابطة عام 1871، كمجموعة ترفيهية هدفها "تعزيز وتشجيع إطلاق النار بالبنادق على أساس علمي"، ثم بدأت في ممارسة الضغط السياسي عام 1934، بعدها دعمت قانونين رئيسيين لمكافحة الأسلحة، وهما قانون الأسلحة النارية الوطني لعام 1934، وقانون مراقبة الأسلحة عام 1968، ثم أصبحت أكثر نشاطًا بعد تمرير قانون مراقبة الأسلحة في السبعينات، وفقًا لـ"بي بي سي".

شهد عام 1975، أولى محاولات الرابطة في التأثير على السياسة بشكل مباشر، إذ شكلت ذراعًا للضغط، وهو معهد العمل التشريعي، تلاه تشكيل لجنة العمل السياسي "باك"، في 1977 لمنح الأموال للمشرعين، للتحول الرابطة وتصبح من أقوى مجموعات الضغط في الولايات المتحدة، ولها ميزانيتها الكبيرة، التي تؤثر بها على أعضاء الكونجرس، فيما يتعلق بسياسة الأسلحة، وفي عام 2020 أنفقت الرابطة نحو 250 مليون دولار.

وتنفق الرابطة وفقًا لـ"بي بي سي"، نحو 3 ملايين دولار، سنويًا للتأثير على سياسة الأسلحة، ووصل عام 2014 إلى 3.3 مليون دولار، إلا أن هذه هي المساهمات المسجلة، وهناك مبالغ كبيرة تنفق في أماكن أخرى من خلال لجان العمل السياسي ولكن يصعب تتبعها.

ويقول محللون إن الرابطة لها أيضًا نفوذ غير مباشر، من خلال المشاركة السياسية لأعضائها، إذ يُصوّت العديد منهم بطريقة أو بأخرى في كل ما يتعلق بامتلاك الأسلحة، كما أنها تصنف أعضاء الكونجرس، وفقًا لمواقفهم من مسألة امتلاك الأسلحة، وهو ما قد يكلف المرشحين الداعين لفرض رقابة على امتلاك الأسلحة لمقاعدهم.

حجم أعضاء الرابطة

زعمت الرابطة أن أعضائها نحو 5 ملايين، لكن المحليين قدروا الرقم بنحو 3 ملايين، واتهموها بالتضخيم، وبين أعضائها الكثير من الأشخاص البارزين منهم الرئيس السابق جورج بوش الأب، الذي استقال عام 1995، أيضًا الممثل توم سيليك والممثلة وبي جولدبرج".

دور الرابطة

تمارس ضغوطًا شديدة، ضد جميع أشكال الرقابة على الأسلحة، وترى أن المزيد من الأسلحة يجعل البلاد أكثر أمانًا، وترى أن الدستور الأمريكي يمنع الأمريكيين حق حمل السلاح، دون تدخل حكومي، وفقًا لتفسير مثير للجدل للتعديل الثاني من دستور الولايات المتحدة.

وتعارض الرابطة كل التشريعات التي تتحدث عن تقييد مليكة السلاح في الولايات المتحدة، وتدعم القوانين التي تسعى لتوسيع حق حيازة السلاح، مثل قانون "حمل السلاح علنًا".

وبلغ تأثير الرابطة ذروته، خلال فترة رئاسة جورج دبليو بوش، التي احتضنت مواقف الرابطة، وحققت الرابطة في عهده انتصارًا كبيرًا عام 2005، إذا نجحت في الضغط على الكونجرس لإصدار قانون فيدرالي يعفي شركات تصنيع الأسلحة من تحمل أي مسؤولية في الدعاوى القضائية نتيجة استخدام السلاح في القتل أو المذابح.

وساعدت الرابطة لعقود في إحباط أي تشريعات تقيد حيازة السلاح، ورغم ذلك يرى بعض الخبراء أن الرابطة لم تعد قوية كما كانت في السباق، إذ لم يزد عدد أعضائها في السنوات التسع الأخيرة.