كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن مسؤولين في جمهورية الكونغو الديمقراطية أبدوا تفاؤلًا بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بحلول نهاية يونيو المقبل، يشمل استثمارات أمريكية في قطاع المعادن الحيوية، إلى جانب دعم واشنطن لمساعي كينشاسا في إنهاء التمرد المتواصل في شرق البلاد.
تقليل الاعتماد على الصين
وقال وزير التعدين الكونغولي، كيزيتو باكابونبا، في تصريح للصحيفة، إن الاتفاق المرتقب سيساهم في "تنويع شراكاتنا" وتقليص اعتماد البلاد الكبير على الصين في استغلال ثرواتها المعدنية.
تجدر الإشارة إلى أن معظم شركات إنتاج النحاس والكوبالت في الكونغو هي شركات صينية، في حين تسعى كينشاسا الآن لجذب استثمارات أمريكية تمنح الشركات الأمريكية حق الوصول إلى معادن استراتيجية مثل الليثيوم والكوبالت والكولتان، مقابل استثمارات في البنى التحتية والمناجم، بحسب موقع "أوبزرفر" الصيني.
لكن "فايننشال تايمز" نبّهت إلى أن المفاوضات بين الكونغو الديمقراطية والولايات المتحدة طموحة للغاية، وتشمل أيضًا إنهاء صراع حدودي مزمن مع رواندا استمر لنحو 30 عامًا، وهو ما يضع تحديات كبيرة أمام الاتفاق.
حل النزاعات الحدودية
ومنذ يناير الماضي، تصاعد التوتر بين البلدين، حيث اتهمت كينشاسا رواندا بتهريب معادن تصل قيمتها لعشرات الملايين من الدولارات شهريًا. وترى الصحيفة البريطانية أن الاتفاق الجاري التفاوض بشأنه مع الولايات المتحدة قد يشكّل نقطة تحول، من خلال تهدئة النزاع، ووضع أسس لتعاون إقليمي في تصدير وتكرير المعادن بين الكونغو ورواندا ودول الجوار.
لكن مصادر مطلعة أوضحت أن رواندا تطمح إلى الحصول على موارد الكونغو بشكل شرعي عبر الاتفاق، وجذب استثمارات أمريكية لتعزيز صناعتها المعدنية. في المقابل، تشترط الكونغو انسحاب الجيش الرواندي من الحدود، قبل الموافقة على أي دور لرواندا في قطاع التعدين.
وصرّحت المتحدثة باسم الحكومة الرواندية، يولاند ماكولو، بأن "الإجراءات الدفاعية على الحدود ضرورية طالما استمرت التهديدات من الكونغو"، مشددة على أن "الأهم من توقيع أي اتفاق سلام هو أن يعالج جذور المشكلة بشكل دائم".
مساعٍ أمريكية مختلفة
من جانبها، ذكرت وكالة "رويترز" أن التوترات المتصاعدة دفعت واشنطن لتكثيف جهودها الدبلوماسية، في محاولة لدفع البلدين إلى توقيع اتفاق سلام واتفاق معدني خلال صيف هذا العام، ضمن خطة لجلب استثمارات غربية بمليارات الدولارات إلى المنطقة.
كان وزيرا خارجية الكونغو ورواندا وقّعا يوم 25 أبريل الماضي في العاصمة الأمريكية واشنطن "إعلان مبادئ" بحضور وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، ينص على صياغة مسودة اتفاق سلام قبل 2 مايو.
وقال مصدر مقرب من المفاوضات لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إن مبعوث إفريقيا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، دعا إلى جولة جديدة من المحادثات في واشنطن الأسبوع المقبل لتقريب وجهات النظر.
ويعتبر مراقبون تحدثوا للصحيفة البريطانية، أن الانخراط الأمريكي المكثف في الوساطة بين كينشاسا وكيجالي يعكس تحوّلاً أعمق في أولويات السياسة الخارجية الأمريكية. فعلى مدى عقود، هيمنت مصالح النفط على التحركات الأمريكية، إلا أن التنافس مع الصين على الموارد المعدنية الحيوية يدفع واشنطن اليوم للعودة بقوة إلى الساحة الإفريقية.
ووفقاً لموقع World Politics Review، فإن السيطرة على المعادن الحيوية – وليس النفط – باتت هي العامل الحاسم في سباق الهيمنة العالمية على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية والتكنولوجيا الخضراء. وفي هذا السياق، تعكس المفاوضات الأمريكية بشأن الكونغو أهمية هذه الدولة الاستراتيجية كمصدر رئيسي للثروات المعدنية، خاصة الكوبالت والنحاس.