تسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتنفيذ ما تراه "إصلاحًا جذريًا" لمجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، وذلك "عبر تقليص المركز العصبي لآلية السياسة الخارجية الأمريكية"، كما نقلت صحيفة "بوليتيكو" عن خمسة مصادر مطلعين على هذه الخطط.
ووفق التقرير، تتضمن الخطط خفض عدد موظفي مجلس الأمن القومي إلى أقل من 150 موظفًا، من أصل نحو 350 موظفًا حاليًا، التي بدأ تطبيق بعضها بالفعل.
كما يعتزم البيت الأبيض خفض عدد لجان مجلس الأمن القومي، وتقليل وتيرة اجتماعات اللجان المتبقية، وفقًا لثلاثة من المصادر.
وأشارت الصحيفة إلى أن البيت الأبيض أعاد مقابلة عدد كبير من موظفي مجلس الأمن القومي؛ لتحديد ما إذا كان ينبغي لهم الاحتفاظ بوظائفهم.
ووفقًا لأحد المصادر، أُرسلت إشعارات إلى الموظفين في وقت متأخر من ظهر يوم الجمعة بعد اجتماع الساعة 3:45 مساءً. وقال مصدر آخر إن العديد من المتضررين من عمليات الفصل غادروا المدينة لقضاء عطلة نهاية الأسبوع.
وقال مصدران إن بعض الموظفين أُبلغوا بأنهم سيُوضعون في إجازة إدارية، وأُبلغ آخرون كانوا في مهمة مؤقتة بمجلس الأمن القومي بأنهم سيعودون إلى وكالاتهم.
نفوذ هائل
غالبًا ما يمارس مسؤولو مجلس الأمن القومي الأمريكي نفوذًا هائلًا خلف الكواليس في الإدارة الرئاسية، حيث يديرون الخلافات بين وزارة الخارجية والبنتاجون وهيئات أخرى حول قضايا سياسية رئيسية.
وتلفت "بوليتيكو" إلى أن "أي تغيير قد يؤثر على المداولات الداخلية التي تُوجّه عملية صنع القرار لدى الرئيس، بدءًا من المنافسة مع الصين، مرورًا بالحرب بين روسيا وأوكرانيا، ووصولًا إلى المحادثات النووية مع إيران".
وحسب المصادر، غذّت عملية مقابلات الموظفين وإعادة الاستجواب، التي جرت الأسبوع الماضي، مستويات جديدة من عدم اليقين والقلق داخل مجلس الأمن القومي، عقب الإطاحة المفاجئة ببعض كبار مسؤوليه الشهر الماضي.
كما جاء ذلك في خضم صراع داخلي على النفوذ بين الفصائل المؤيدة بشدة لشعار "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا" والفصائل الأكثر تقليدية في الحزب الجمهوري، التي تُشكّل فريق السياسة الخارجية لترامب.
وذكر موقع "أكسيوس"، في وقت سابق أن هذا التقليص قادم. والآن، يقول إن مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس جيه دي فانس، آندي بيكر "سيلعب دورًا أكثر بروزًا في مجلس الأمن القومي من خلال العمل كنائب مستشار الأمن القومي".
وتأتي هذه الخطوات في الوقت الذي أعاد فيه الرئيس دونالد ترامب ووزير الخارجية ماركو روبيو تشكيل المشهد المتعلق بالمساعدات الخارجية والأمن القومي؛ من خلال إصدار تخفيضات شاملة وتسريح أعداد كبيرة من الموظفين في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية.
موضع القوة
في وقت سابق من هذا الشهر، أقال ترامب مايك والتز من منصبه كمستشار للأمن القومي لترشيحه لمنصب السفير الأمريكي المقبل لدى الأمم المتحدة، وهو التغيير الذي اعتبر عمومًا بمثابة إبعاده إلى دور أقل قوة.
وجاء ترشيح والتز بعد موجة من الجدل، بما في ذلك فضيحة "تسريبات سيجنال"، عندما أضاف والتز -عن غير قصد- رئيس تحرير مجلة "ذا أتلانتيك" إلى مناقشة آمنة وحساسة على تطبيق المراسلة بشأن ضربة في مارس الماضي ضد جماعة الحوثي في اليمن.
بعدها، عُيّن روبيو مستشارًا للأمن القومي بالإنابة مع احتفاظه بمنصبه وزيرًا للخارجية. ويتوقع مطلعون على شؤون الإدارة الأمريكية بقاءه في منصبه على المدى الطويل، كما ذكرت "بوليتيكو".
وتعهّد روبيو، مرارًا وتكرارًا، بإعادة هيكلة وزارة الخارجية لوضعها في مركز صنع السياسة الخارجية الأمريكية، ومعالجة شكوى طويلة الأمد في السلك الدبلوماسي عبر الإدارات الجمهورية والديمقراطية الأخيرة، من أن السلطة المتضخمة لمجلس الأمن القومي كانت تقوض وزارة الخارجية.
وقال "روبيو" خلال شهادته أمام مجلس الشيوخ هذا الأسبوع: "كان لا بد من تغيير وزارة الخارجية. أقول لكم إنها لم تعد محور السياسة الخارجية الأمريكية، بل غالبًا ما استُبدلت بمجلس الأمن القومي أو بوكالة حكومية أخرى".