الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

المرحاض نقطة ضعفه.. قصة هروب 10 مساجين من سجن "نيو أورلينز"

  • مشاركة :
post-title
سجن مدينة نيو أورلينز

القاهرة الإخبارية - ياسمين يوسف

في واحدة من أكثر عمليات الهروب جرأة في تاريخ ولاية لويزيانا الأمريكية، تمكّن عشرة سجناء من الفرار من سجن مدينة نيو أورلينز، في حادثة كشفت هشاشة النظام الأمني داخل المنشأة، وأعادت فتح جراح الماضي المؤلم لسكان المدينة.

ليلة انفجار الفوضى

بعد منتصف ليل 16 مايو، بدأت الفوضى عندما اقتحم نزلاء الزنزانة رقم 6 في الطابق الأول، بابًا داخليًا وتجمعوا داخلها، وفقًا لما أوردته شبكة NBC News، في مؤخرة الزنزانة، إذ تمكنوا من نزع قطعة معدنية من المرحاض، كاشفين عن فتحة ضيقة خلفها قضبان فولاذية تم قصّها بعناية.

في تلك اللحظة، صادف أن قطع أحد موظفي السجن المياه عن الزنزانة، وهو ما مكّن السجناء من إزالة المرحاض دون التسبب في أي تسرب أو ضجيج غير متوقع، في خطوة أثارت تساؤلات حول التواطؤ أو التقصير الجسيم.

آثار عملية الهروب في سجن مدينة نيو أورلينز
سجن دون حراسة

الغريب أن أحدًا لم يكن في موقعه المفترض، فلم يكن هناك شرطي يتجول على النحو المطلوب، كما غادر الموظف المدني المكلف بمراقبة تحركات السجناء لتناول طعامه، أما من كانوا في الزنزانة، فهم رجال متهمون بجرائم عنيفة، بعضهم قضى شهورًا أو حتى سنوات في مركز أورليانز للعدالة.

هروب بلا مقاومة

في مشهد يكاد يبدو وكأنه من فيلم، انسلّ السجناء، الذين تراوحت أعمارهم بين 19 و42 عامًا، عبر الفتحة، بعضهم كان يرتدي زي السجن البرتقالي، والبعض الآخر بملابس بيضاء، أحدهم كتب على الحائط ساخرًا "سهل جدًا، هههه".

قفزوا من رصيف التحميل، وتسلقوا سياجًا من الأسلاك الشائكة باستخدام بطانيات، ثم انطلقوا عبر طريق سريع، واختفوا في ظلمة الليل. ولم يُكتشف غيابهم إلا بعد سبع ساعات كاملة خلال إحصاء الصباح.

سجن متهالك

ليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها سجن نيو أورلينز للنقد، إذ يعاني من الاكتظاظ، ونقص في الموظفين، وضعف في التكنولوجيا، وتعطل في الأبواب، وفقًا لمراقب عينته المحكمة الفيدرالية.

سبق أن أشار هذا المراقب إلى فشل السجن في فصل السجناء الخطرين، وترك وحدات سكنية بلا إشراف لساعات متواصلة، وهو ما تحقق أسوأ كوابيسه في هذه الحادثة.

السجناء يكتبون رسائل استفزازية قبل فرارهم
هل كانت الكارثة قابلة للتجنّب؟

أثارت هذه العملية قلق سكان نيو أورلينز، وخصوصًا عائلات الضحايا التي اضطرت بعض أفرادها للاختباء. التساؤلات لا تزال تتوالى: كيف استطاع عشرة سجناء كسر القضبان، وخلع المرحاض، والتسلل إلى الخارج، وتجاوز الكاميرات، دون أن يُطلق أي إنذار؟

رئيس لجنة مكافحة الجريمة رافائيل سي. جوينيتشي صرّح بأن البروتوكولات الفيدرالية تقتضي وجود نائب في كل كبسولة سكنية طوال الوقت، إضافة إلى مشرف لإجراء تفتيشات دورية. وقال: "كان من المفترض أن يدخل أحدهم كل زنزانة ليتأكد من وجود من ينبغي وجوده. لكن هذا ببساطة لم يحدث".

وأكد "جوينيتشي" أيضًا أن السجن فشل في تنفيذ الجولات الأمنية المطلوبة، ومتابعة الكاميرات، وحتى مراقبة الأقفال.

غضب شعبي

وسط الغضب الشعبي، واجهت سوزان هاتسون، شريفة مقاطعة أورليانز، انتقادات حادة بسبب عدم تنفيذ تحسينات أمنية فرضتها الحكومة الفيدرالية. 

وردّت هاتسون بالقول إن "السجن تحسّن في بعض الجوانب، مثل التدريب"، لكنها اعترفت أن الموارد البشرية لا تكفي، وأنها لا تملك سوى نصف عدد الموظفين اللازمين لإدارة المنشأة بالشكل المثالي.

في أمريكا، يختلف دور "الشريف" من ولاية إلى أخرى، لكنه غالبًا ما يكون بمنزلة قائد الشرطة المحلية، والشريف هنا، موضع الاتهام الأكبر.

كابوس نيو أورلينز

مدينة نيو أورلينز، المعروفة بمهرجاناتها وثقافتها النابضة، استيقظت على كابوس حقيقي. عشرات الأسئلة لا تزال معلقة في الهواء: هل كان هناك تواطؤ؟.. هل نحن أمام فجوة أمنية عابرة، أم نظام بأكمله ينهار من الداخل؟.. الأكيد أن الهروب المثير هذا لن يُنسى قريبًا، لا من قبل سكان المدينة، ولا من النظام الجنائي الأمريكي نفسه.