الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تحول استراتيجي.. "الجدار المسيّر" الأوكراني في مواجهة "تكنولوجيا الألياف" الروسية

  • مشاركة :
post-title
حظيرة مُسيرات أوكرانية - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

شهدت الحرب الأوكرانية تحولًا استراتيجيًا نحو الاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة، بعد خطط أوكرانية طموحة لتوسيع استخدام "الجدار المسيّر"، وتطوير روسيا وحدات مسيّرة متقدمة مثل "روبيكون" التي استهدفت منظومات هيمارس الحيوية، كما استخدمت تقنيات الألياف البصرية المقاومة للتشويش؛ وتُعد هذه التحولات مؤشرات على دخول الصراع مرحلة تعتمد بشكل كبير على الذكاء الصناعي والطائرات المسيّرة.

الأهداف العسكرية الأوكرانية

كشف السفير الأوكراني لدى المملكة المتحدة والقائد العسكري السابق فاليري زالوجني عن رؤية جديدة للصراع تتخلى عن الأهداف التقليدية لاستعادة الأراضي. وأكد زالوجني خلال منتدى حواري في كييف أن أوكرانيا يجب أن تركز على "حرب تكنولوجية عالية للبقاء تستخدم الحد الأدنى من الوسائل الاقتصادية لتحقيق أقصى فائدة"، وتقلل من خسائر الأرواح العسكرية. وحذّر من التفكير في "حرب أخرى من ناحية الديموجرافيا والاقتصاد"، مؤكدًا أن "العدو ما زال يمتلك الموارد والقوات والوسائل لشن ضربات على أراضينا ومحاولة عمليات هجومية محددة"، ما يمثل تحولًا واضحًا عن المواقف السابقة للقيادة الأوكرانية التي كانت تصر على ضرورة تحرير جميع الأراضي المحتلة بما في ذلك شبه جزيرة القرم.

استراتيجية "الجدار المسيّر"

في إطار هذا التوجه التكنولوجي، أعلنت القوات المسلحة الأوكرانية في مارس الماضي عن خطط طموحة لتوسيع استخدام "الجدار المسيّر" أو "خط الطائرات المسيّرة" كاستراتيجية دفاعية متطورة. وفسّر الجنرال الأسترالي السابق ميك رايان هذا المفهوم بأنه "ممر دفاعي مستمر من الطائرات المسيّرة على طول الحدود الأكثر عرضة للخطر في أوكرانيا لإلحاق خسائر كبيرة بالقوات الروسية". وأوضح رايان أن النظام مصمم لـ"إنشاء منطقة بعرض 10-15 كيلومترًا توفر دعمًا جويًا وغطاءً للمشاة يجعل تقدم العدو مستحيلاً بدون خسائر"، مشيرًا إلى أن أوكرانيا استخدمت الطائرات المسيّرة بشكل واسع، لكن "النطاق الهائل لعمليات الطائرات المسيّرة عبر خط المواجهة لم يُتصور أو يُبنى كوحدة تكنولوجية واحدة" حتى وقت قريب.

وحدة تحكم في المسيرات روسية
استهداف منظومات هيمارس

على الجانب الروسي، تطورت القدرات التكنولوجية بشكل متقدم من خلال وحدة الطائرات المسيّرة النخبوية "روبيكون" التي أسسها وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف في أكتوبر 2024. وبحسب صحيفة "ذا تلجيراف" البريطانية، نجحت هذه الوحدة في تدمير منظومة صاروخية أمريكية من طراز هيمارس على بُعد 10 كيلومترات فقط من خط المواجهة بالقرب من مدينة تشاسيف يار في دونيتسك. وتُعتبر منظومات هيمارس من أهم الأصول العسكرية في الترسانة الأوكرانية، حيث تلقت كييف حوالي 40 منظومة من واشنطن منذ بداية الحرب. وتُعتبر هذه القاذفات الصاروخية الموجهة بالأقمار الاصطناعية قادرة على ضرب أهداف بدقة متناهية على مسافة تصل إلى 80 كيلومترًا، وقد لعبت دورًا محوريًا في إحباط التقدم الروسي وإجبار القوات الروسية على الانسحاب من مدن استراتيجية مثل خيرسون.

الألياف البصرية تغير قواعد الحرب

الجانب الأكثر إثارة للقلق في تطور القدرات الروسية هو استخدام الطائرات المسيّرة المزودة بكابلات التوجيه الليفية البصرية، وهي تقنية متطورة ومقاومة للتشويش بشكل شبه كامل. وأوضح توم ويذنجتون، خبير الأسلحة في معهد "روسي" للدراسات الدفاعية، أن "الكابلات الليفية البصرية مستحيلة التشويش تقريبًا، والكابلات صغيرة جدًا، وفي بعض الحالات بعرض شعرة الإنسان؛ مما يجعل اكتشافها فيزيائيًا صعبًا للغاية". وتوضح الصحيفة البريطانية أن هذه النقلة التكنولوجية، تمثل تطورًا خطيرًا مقارنة بالطائرات المسيّرة التقليدية التي تعتمد على الترددات اللاسلكية القابلة للتشويش بواسطة أنظمة الحرب الإلكترونية الأوكرانية. كما تشير الصحيفة إلى أن الطائرات المسيّرة الليفية البصرية مرتبطة فيزيائيًا بمشغليها عبر كابلات فائقة الرقة تنقل إشارات الفيديو والتوجيه في الوقت الفعلي، مما يجعلها قادرة على تنفيذ مهام معقدة مثل ضرب قطاعات طرق قصيرة من 100 إلى 300 متر من زوايا متعددة في وقت واحد، أو الاختباء في أسطح الطرق والانفجار تحت المركبات العابرة مثل الألغام الأرضية.

تُظهر هذه التطورات التكنولوجية تحولًا جذريًا في أساليب القتال، حيث أصبح الاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة جزءًا أساسيًا من استراتيجيات الحرب الحديثة، بينما تسعى أوكرانيا لتطوير تقنيات مماثلة لمواجهة هذه التحديات، تظل روسيا متقدمة في هذا المجال، مما يجعل السباق التكنولوجي في ساحة المعركة أكثر تعقيدًا وحسمًا.