مع سعيه للتعافي من الهزيمة في الانتخابات الرئاسية وفوز مرشح الجمهوريين دونالد ترامب، وقع الحزب الديمقراطي في مأزق جديد تمثل في الإعلان عن إصابة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بسرطان البروستاتا في مرحلته الرابعة.
المأزق، حسبما رأت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، يتمثل في أن الديمقراطيين يعانون انقسامًا واضحًا في كيفية التعامل مع الأزمة الصحية لزعيم الحزب السابق، فبينما يحاول بعضهم الابتعاد عن الموضوع تمامًا، يطرح آخرون أسئلة مباشرة حول توقيت التشخيص وتبعاته السياسية.
أزمة غير مهمة
وفي تصريح يعكس هذا الانقسام، قال النائب جابرييل آمو من ولاية رود أيلاند، المساعد السابق الوحيد في البيت الأبيض الذي يخدم حاليًا في الكونجرس: "من مصلحة الجمهوريين الحديث عن هذا بدلًا من قضايا اليوم، لذلك نحن عالقون في هذا الواقع المؤسف".
وأضاف أنه يأمل أن "يركز الناس على إرث الخدمة العامة لبايدن وعلى تمني الشفاء له".
في المقابل، عبرت النائبة فيرونيكا إسكوبار من ولاية تكساس، التي كانت رئيسة مشاركة في حملة إعادة انتخاب بايدن، عن عدم رغبتها في التطرق للموضوع قائلة: "نحن نعيش تراجعًا تاريخيًا ومخيفًا لديمقراطيتنا.. أنا غير مهتمة بشكل عميق بالحديث عن هذه القضية".
انعزال بايدن
أشارت "بوليتيكو" إلى أن عددًا من أقرب حلفاء بايدن لم يتمكنوا من التواصل معه بعد الإعلان عن حالته الصحية، فبعد 24 ساعة، قال النائب جيم كلايبورن من ولاية كارولينا الجنوبية، أحد أشد المؤيدين له، إنه لم يتمكن من التواصل معه، كما أفاد السيناتور كريس كونز أنه لم يتحدث مع زميله حتى ظهر الثلاثاء الماضي.
وحتى بوب برادي، النائب السابق من ولاية بنسلفانيا الذي يعرف بايدن منذ عقود، أكد أنه لم يتحدث مع الرئيس السابق مباشرة بعد تشخيصه بالسرطان، رغم تواصله مع أفراد عائلته يوم الاثنين.
هذا الانعزال يمثل تحولًا كبيرًا لبايدن، الذي كان قبل تشخيصه يسافر بالقطار من ديلاوير إلى واشنطن، ويعقد اجتماعات مع فريقه وحلفائه ووزراء سابقين في حكومته، بحسب مساعد مقرب منه تحدث لـ"بوليتيكو".
سر توقيت التشخيص
فتح الطبيب إزكيال إيمانويل، المستشار السابق لبايدن في شؤون الجائحة، الباب أمام موجة من التساؤلات حول صحة بايدن عندما صرح على قناة MSNBC قائلًا: "بايدن لم يصب بالسرطان في الـ100 أو الـ200 يوم الأخيرة.. كان مصابًا به أثناء رئاسته، وربما كان مصابًا به منذ بداية رئاسته في 2021".
هذه التصريحات أثارت شكوكًا حول وجود تستر محتمل على الحالة الصحية للرئيس السابق خلال فترة رئاسته، وفي مقابلة لاحقة مع "بوليتيكو"، قال إيمانويل: "أنا لست طبيبه.. لا يمكنني استبعاد احتمالية أنه تم تشخيصه في وقت سابق لكن هذه المعلومات لم يتم الإفصاح عنها، لأنني لا أعرف ما حدث هناك".
في محاولة للرد على هذه التكهنات، أكد متحدث باسم بايدن أن "آخر فحص معروف" لمستضد البروستات النوعي (فحص دم) كان في عام 2014، وأنه "قبل يوم الجمعة، لم يسبق أن تم تشخيص بايدن بسرطان البروستاتا".
استثمار جمهوري
لم يفوت الجمهوريون فرصة استغلال الأزمة الصحية لبايدن سياسيًا، وصرح الرئيس دونالد ترامب للصحفيين: "أنا مندهش من أنه لم يتم إخطار الجمهور منذ فترة طويلة، لأن الوصول إلى المرحلة 9 يستغرق وقتًا طويلًا".
وردًا على الاتهامات بوجود مؤامرة لإخفاء مرض بايدن، قال السيناتور الديمقراطي تيم كين من ولاية فرجينيا لـ"بوليتيكو": "ما هذه المجموعة القاسية.. سأصلي من أجل أي شخص يقضي وقتًا في نشر هذه الشائعات في قداس يوم الأحد".
مخاوف انتخابية
يخشى بعض الديمقراطيين من تأثير هذه المناقشات على قاعدة الناخبين خاصة الشباب، وعبر عن هذا القلق كيلان وايت، الاستراتيجي الديمقراطي الذي عمل مستشارًا كبيرًا لحملة بايدن في بنسلفانيا عام 2024، قائلًا لـ"بوليتيكو": "هذا يغذي نظريات المؤامرة.. لديك ناخبون لا يهتمون كثيرًا، وهذا يخترق وعيهم.. كل ما يسمعه ناخب من الجيل Z الذي بالكاد يهتم بالسياسة هو: لقد خدعونا بشأن جو بايدن الذي يعاني الآن من السرطان، والذي ربما كان مصابًا به منذ 10 سنوات".