الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

من خلافات التجارة إلى العنصرية.. ترامب ينحرف عن مسار أهدافه أمام "رامافوزا"

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الجنوب إفريفي سيريل رامافوزا

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

مرة أخرى، انحرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن المسار المُتَّبع خلال لقاء زعماء الدول، إذ شهد البيت الأبيض لقاءً غير اعتيادي تحوَّل إلى مواجهة حادة بين الرئيس الأمريكي ونظيره الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا، تمامًا كما فعل مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وتحوَّل محور لقاء ترامب ورامافوزا من العلاقات التجارية المتوترة بين البلدين إلى قضية المزارعين من العرق الأبيض في جنوب إفريقيا، وفقًا لصحيفة واشنطن بوست.

ضغط ترامب على رامافوزا بحجة حماية المزارعين البيض من هجمات عنيفة، متجاهلًا الإشارة إلى وباء العنف طويل الأمد الذي يؤثر على كل من البيض والسود في البلاد، وكذلك التاريخ العنيف والتمييزي للحكم الأبيض، بحسب الصحيفة.

ادعاءات الإبادة الجماعية

خلال اللقاء، روَّج ترامب لادعاءات غير دقيقة حول تعرض البيض لإبادة جماعية، وعرض مقطع فيديو يظهر صلبانًا وأكوامًا ترابية ادعى أنها تمثل أكثر من 1000 موقع لقبور مزارعين قُتلوا، إلا أن "واشنطن بوست" أوضحت أن هذه المشاهد كانت في الواقع جزءًا من احتجاج ضد العنف وليست قبورًا حقيقية.

ووصفت الصحيفة ردَّ فعل رامافوزا، إذ أوضحت أنه "حدَّق أمامه مباشرة، ومسح وجهه وتحرك في مقعده ونظر إلى ترامب الذي تجنب النظر إليه أثناء عرض مقطع لحشود تهتف (اقتلوا البوير)، في إشارة إلى المزارعين البيض المنحدرين من المستعمرين الذين أسسوا نظام الفصل العنصري في البلاد.

وبعد عرض الفيديو، سأل الرئيس الجنوب إفريقي: "هل أخبروك أين هذا؟ سيدي الرئيس: أود أن أعرف أين هذا، لأنني لم أرَّ هذا من قبل"، ليرد ترامب ببساطة: "إنه في جنوب إفريقيا".

وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن الفيديو يركز على جوليوس ماليما، زعيم حزب المحاربين الاقتصاديين، وهو حزب يدعو إلى منح الأراضي المملوكة للبيض للسود.

حاول رامافوزا ونوابه خلال اللقاء تأكيد أن العنف مشكلة تؤثر على جميع مناطق جنوب إفريقيا وليس فقط المناطق الريفية أو ضد البيض فقط، ونفوا ادعاء ترامب بأن الحكومة نفسها مسؤولة عن قتل المزارعين البيض.

وبحسب الصحيفة، اعترف جون ستينهاوزن، وزير الزراعة في جنوب إفريقيا، بوجود مشكلات تتعلق بأمن المزارعين، قائلًا: "لدينا مشكلة أمنية ريفية في جنوب إفريقيا، ولا أعتقد أن أي شخص يريد التقليل من ذلك.. وهذا يتطلب الكثير من الجهد للسيطرة عليها".

الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا
جذور النزاع

يستند توتر العلاقات بين البلدين إلى تركيز ترامب المتزايد على المزارعين البيض، في أعقاب قانون أقرته جنوب إفريقيا أخيرًا يسمح للحكومة -في حالات نادرة- بمصادرة الأراضي دون تعويض.

ووصفت قيادات البلاد القانون بأنه أداة للمساعدة في إنهاء إرث الفصل العنصري، لكن ترامب اعتبره تمييزًا ضد المزارعين البيض، وهو ما نفته حكومة جنوب إفريقيا.

وأشارت "واشنطن بوست" إلى تدقيق أجري عام 2017 كشف أن المزارعين البيض يشكلون 7% فقط من سكان جنوب إفريقيا، لكنهم يملكون ثلاثة أرباع أراضي البلاد، في استمرار لإرث الفصل العنصري، وتم تسليط الضوء على هذه القضية من قبل الملياردير إيلون ماسك، المستشار الأمريكي المولود في جنوب إفريقيا، الذي كان حاضرًا في اللقاء، والذي غرَّد في عام 2023 قائلًا: "إنهم يدفعون علنًا نحو إبادة جماعية للبيض في جنوب إفريقيا".

انحراف المسار

أوضحت الصحيفة أن اللقاء كان من المفترض أن يركز على إعادة ضبط العلاقات التجارية بين البلدين بعد فرض ترامب تعريفات جمركية، لكن تركيزه على قضية المزارعين البيض أثار توترات جديدة.

وتعد الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري لجنوب إفريقيا بعد الصين، واستوردت بضائع بقيمة 14.7 مليار دولار، بزيادة قدرها 4.9% عن عام 2023، وفقًا لممثل التجارة الأمريكي.

وذكرت "واشنطن بوست" أن جنوب إفريقيا، أكبر اقتصاد في القارة السمراء، تعاني من اضطرابات مالية عالمية تسببت فيها التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب، وتواجه البلاد نموًا منخفضًا ومعدلات بطالة مرتفعة، كما تسعى إلى جذب الاستثمارات الأمريكية والاستفادة من اتفاقية تجارية بموجب قانون النمو والفرص الإفريقي الأمريكي (AGOA)، الذي ينتهي في سبتمبر.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الجنوب إفريفي سيريل رامافوزا
انتقادات بسبب التمييز

نقلت واشنطن بوست عن بارني مثومبوثي، كاتب العمود في صحيفة "صنداي تايمز" والمحرر السابق في "صنداي تريبيون" ورئيس هيئة الإذاعة الجنوب إفريقية، قوله قبل الاجتماع إن العديد من مواطني جنوب إفريقيا كانوا متوجسين منه.

وقال: "يعتقد الكثير من الناس أن هذا فخ بإعداد مسبق.. إذا كان ترامب مهتمًا بمعرفة ما يحدث في هذا البلد، فكيف يمكنه اتخاذ إجراء ثم الاستماع بعد ذلك؟".

وانتقد "مثومبوث" قرار الإدارة الأمريكية بالترحيب بالأفريكانر كلاجئين بموجب تصنيف إنساني مخصص لحماية الأشخاص الفارين من الاضطهاد، في الوقت الذي حرمت فيه العديد من ضحايا العنف من غير البيض من هذه المساعدة.

وقال للصحيفة: "فكرة أن البيض في جنوب إفريقيا يتعرضون للاضطهاد هي فضيحة وإهانة للسود الذين تعرضوا للاضطهاد لقرون".

وخلصت "واشنطن بوست" إلى أن هذا اللقاء غير المسبوق، الذي تم بثه مباشرة حول العالم، أظهر النظرة الانتقائية والمستقطبة عنصريًا لترامب تجاه أزمة العنف المستمرة في جنوب إفريقيا، في وقت تسعى فيه البلدان إلى تجاوز التوترات المتصاعدة بسبب السياسات الأمريكية الأخيرة.