في خطوة تصعيدية تعكس القلق البريطاني المتزايد من تصاعد العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، تدرس لندن بجدية على حد وصف صحيفة "فايننشال تايمز" فرض عقوبات على اثنين من وزراء الحكومة الإسرائيلية المتطرفة.
وبحسب مصادر مطلعة نقلتها الصحف البريطانية، فإن الحكومة العمالية في لندن تناقش فرض حظر سفر وتجميد أصول مالية بحق كل من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن جفير، وهما من أبرز الشخصيات اليمينية المتطرفة في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
تصعيد غير مسبوق
تركز العقوبات المحتملة بشكل رئيسي على الاعتداءات التي يمارسها المستوطنون اليهود المتطرفون في الضفة الغربية، والتي وصفتها بريطانيا بأنها شهدت "تصاعدًا دراماتيكيًا" خلال الأشهر الـ 18 الماضية.
وتشير البيانات التي نشرتها "فايننشال تايمز" إلى مقتل أكثر من 900 فلسطيني في الضفة على يد القوات الإسرائيلية منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، إلى جانب مقتل أكثر من اثني عشر فلسطينيًا على يد المستوطنين، وسط تهجير وترهيب مستمر للسكان المحليين.
وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي أعلن أمام البرلمان أمس الثلاثاء أن لندن ستجمد مفاوضات اتفاق تجاري جديد مع إسرائيل، كما أعلن فرض عقوبات على ثلاثة مستوطنين يهود بتهمة التحريض على العنف.
وفي خطابه، خص لامي سموتريتش بانتقادات حادة، بعد أن صرح الأخير بأن إسرائيل تقوم بـ"تطهير غزة وتدمير كل ما تبقى منها". وقال لامي: "يجب أن نسمي الأمور بأسمائها، هذا خطاب متطرف وخطير ومقزز، وأدينه بأشد العبارات".
وأضاف أن سلوك الحكومة الإسرائيلية يمثل "إهانة لقيم الشعب البريطاني".
الوزيران المستهدفان بالعقوبات المقترحة، سموتريتش وبن جفير، هما من المستوطنين القوميين المتشددين الذين لطالما دعوا إلى ضم الضفة الغربية بشكل كامل إلى إسرائيل.
سموتريتش، إلى جانب منصبه كوزير مالية، يمتلك صلاحيات إدارية واسعة في إدارة الشؤون المدنية بالضفة الغربية. أما بن جفير، وهو زعيم حزب "قوة يهودية"، فله سجل في التحريض على العنصرية، وقد أُدين عام 2007 بهذه التهمة، وكان يحتفظ في منزله بصورة لباروخ غولدشتاين، منفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994.
تحولات في السياسة البريطانية
منذ تولي رئيس الوزراء السير كير ستارمر السلطة العام الماضي، بدأت بريطانيا تتبنى موقفًا أكثر توازنًا تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، شمل تعليق بعض تراخيص تصدير السلاح إلى إسرائيل، واستئناف تمويل وكالة الأونروا، بالإضافة إلى التراجع عن الطعن في جهود المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت.
كما تخوض بريطانيا حاليًا مشاورات مع فرنسا والسعودية لبحث الاعتراف بدولة فلسطينية خلال مؤتمر أممي حول الصراع يعقد الشهر المقبل في نيويورك، في إطار جهود أوروبية وعربية لإيجاد تسوية دائمة.