كشفت وثيقة اطلعت عليها مجلة "بوليتيكو" أن الاتحاد الأوروبي سيقوم بتقليص نحو 10 من بعثاته الدبلوماسية الخارجية، وتسريح قرابة 100 موظف محلي، وذلك ضمن خطة واسعة لإعادة هيكلة جهاز العمل الخارجي الأوروبي، استجابة للضغوط المالية وتحول الأولويات الاستراتيجية للتكتل الأوروبي.
خطة إعادة الهيكلة
وفقًا لمسؤولين اثنين تحدثا لـ"بوليتيكو"، قدمت كايا كالاس، كبيرة الدبلوماسيين الأوروبيين، خطة تقليص البعثات الدبلوماسية لكبار مسؤولي المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي، وحصلت على موافقتهم للمضي قدمًا في تنفيذها على مدى العامين المقبلين.
ورغم أن جهاز العمل الخارجي الأوروبي (EEAS) لن يُغلق رسميًا أيًا من بعثاته الخارجية البالغ عددها 144 بعثة، فإن بعضها سيشهد تقليصًا كبيرًا.
وأوضح أحد المسؤولين أن البعثات المستهدفة ستقتصر على الموظفين الأساسيين فقط، مثل السفير ومساعد أو اثنين، مع التخلص التدريجي من الموظفين المحليين.
وأضاف المسؤول الثاني أن "تقليص البعثة إلى موظفين أساسيين يعملون من المنزل بدلًا من مكتب الاتحاد الأوروبي يعادل عمليًا إغلاق تلك البعثات".
تحول استراتيجي
كشفت المصادر التي اطلعت عليها "بوليتيكو" أن الاتحاد الأوروبي يستهدف بالتخفيضات الدول التي لم يعد يرى فيها مصلحة استراتيجية قوية، مثل بيلاروسيا وليسوتو.
ويعكس هذا التوجه تحولًا استراتيجيًا في سياسة الاتحاد الخارجية من التركيز على المساعدات التنموية والتعاون الاقتصادي إلى متابعة المصالح الجيوسياسية مثل فرض العقوبات وشراكات الدفاع.
ومن المتوقع أن تشهد بعض البعثات في الدول ذات الأهمية الاستراتيجية، خاصة تلك المرتبطة بتنفيذ العقوبات على روسيا أو الدول التي توفر أعلامًا لسفن "الأسطول الظل" الروسي، زيادة في عدد الموظفين، وفقًا لأحد المسؤولين المطلعين على الخطط.
التكلفة المالية
تمثل خطة التقليص الحالية نسخة مخففة من خطة سابقة كانت تستهدف الاستغناء عن نحو 800 موظف، بحسب ما أفادت به "بوليتيكو" في نوفمبر الماضي.
وستكلف عملية إعادة الهيكلة الاتحاد الأوروبي حوالي 20 مليون يورو في السنة الأولى، ثم ستؤدي إلى وفورات مالية تُقدَّر بنحو 9 ملايين يورو سنويًا في السنوات الثلاث اللاحقة.
ومع ذلك، حذر أحد المسؤولين من احتمال فرض تخفيضات إضافية تتجاوز ما هو مخطط له حاليًا، وذلك كجزء من مفاوضات ميزانية الاتحاد الأوروبي طويلة الأجل، المعروفة باسم الإطار المالي متعدد السنوات.
تاريخ البعثات الخارجية
تشير "بوليتيكو" إلى أن جهاز العمل الخارجي الأوروبي تأسس في عام 2011، وقد توسع من بضع عشرات من الموظفين إلى أكثر من 5,200 شخص على مستوى العالم، مع سعي الاتحاد الأوروبي لتوسيع نفوذه العالمي.
وتضطلع البعثات الخارجية بمسؤوليات متعددة تشمل إدارة العلاقات مع الحكومات المحلية، وتخصيص أموال ومنح الاتحاد الأوروبي، وتنفيذ مهام خاصة مثل تقديم تقارير عن مناطق النزاع.
وتعكس تخفيضات الميزانية في الاتحاد الأوروبي شهية محدودة بين الدول الأعضاء لزيادة مساهماتهم في المؤسسات الأوروبية، فضلًا عن رغبتهم في توجيه المزيد من الموارد نحو المشاريع المتعلقة بالدفاع، في ظل التوترات الجيوسياسية المتزايدة.