الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تفوق صارخ.. كيف تراجعت إسرائيل أمام الدول العربية في أولويات ترامب؟

  • مشاركة :
post-title
مقارنةً بالعديد من جيرانها لا تملك إسرائيل الكثير من المزايا المالية التي تقدمها لرئيس أمريكي

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

مع انتشار الأخبار بأن دولة قطر قد تمنح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طائرة فاخرة، تداول الإسرائيليون اقتراحًا ساخرًا في مجموعات الدردشة حول كيفية التماهي مع هذا العرض، فاقترح بعضهم منح ترامب مكانًا خاصًا لركن سيارته وسط كابوس المرور في تل أبيب.

ورغم أن هذه كانت مزحة، لكنها أكدت حقيقةً تتضح للإسرائيليين أكثر من أي وقت مضى مع جولة ترامب في الشرق الأوسط هذا الأسبوع.

وتشير مجلة "بوليتيكو" إلى أنه "مقارنةً بالعديد من جيرانها، لا تملك إسرائيل الكثير من المزايا المالية الملموسة التي تقدمها لرئيس أمريكي يُفضل الاقتصاد في إدارة شؤون الحكم".

وبينما قدّم الرؤساء الأمريكيون -من كلا الحزبين- دعمًا شبه مطلق لإسرائيل، لكن ترامب انتهج نهجًا أكثر استغلالًا للصفقات، وخاصةً في ولايته الثانية "فهو يسعى إلى صفقات، سواءً كان ذلك لمساعدة الشعب الأمريكي ماديًا أو لنفسه ولعائلته".

السخاء مقابل الاستجداء

بينما عرضت الدول التي زارها ترامب، المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، استثمار مئات المليارات من الدولارات في الولايات المتحدة، والسماح لشركاتها التابعة بإبرام صفقات مع شركات عائلة ترامب، وشراء كمياتٍ هائلة من الأسلحة الأمريكية، تعتمد إسرائيل على مليارات دولارات دافعي الضرائب الأمريكيين سنويًا لشراء الأسلحة، وعليها قريبًا إعادة التفاوض على صفقة رئيسية تتعلق بتلك المساعدات العسكرية.

ونقلت "بوليتيكو" عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين -حاليين وسابقين- إجابة صريحة عمّا إذا كانت إسرائيل قادرة على فعل أي شيء لمضاهاة السخاء المالي الذي تقدمه دول الخليج، وكانت: "لا شيء".

أيضًا، قد تتمتع إسرائيل بنقاط قوة، منها علاقاتها السياسية مع واشنطن، وتعاونها الأمني ​​والتكنولوجي والاستخباراتي، لكن عندما يتعلق الأمر بهذا الرئيس الأمريكي، وفي هذه اللحظة، فإن غياب العروض الاقتصادية الإسرائيلية يُشكل عائقًا محتملًا أمام قدرتها على التأثير على ترامب.

وأكد التقرير أنه "ما يزيد الطين بلة أن إسرائيل دولة ذات احتياجات دائمة ومعقدة"، بينما "فكر ترامب يدور حول ترامب وأمريكا أولاً"، كما قالت المحللة الإسرائيلية شيرا إيفرون.

وأعربت المحللة الإسرائيلية عن قلقها من جودة العلاقات الأمريكية الخليجية "السؤال هو: متى يريدون استخدام هذا النفوذ الاقتصادي الذي يتمتعون به عليه ليطلبوا منه كبح جماح إسرائيل في غزة وإيران، وتحقيق الاستقرار في المنطقة؟".

تزايد النفوذ العربي

يخشى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو النفوذ المتزايد للدول العربية لدى واشنطن، وربما لذلك تسربت أنباء الاثنين الماضي تفيد بأن نتنياهو أبلغ المشرعين الإسرائيليين أن بلاده بحاجة إلى تقليص اعتمادها على المساعدات العسكرية الأمريكية، التي تبلغ نحو 4 مليارات دولار سنويًا.

وقالت "بوليتيكو": "قد يُرضي هذا ترامب، كما يُخفف من حدة التوتر داخل الحزب الجمهوري الذي يُشكك في كرم الولايات المتحدة تجاه إسرائيل.. وقد روّج ترامب والعديد من مؤيديه على نطاق واسع لفكرة أن على حلفاء أمريكا إنفاق المزيد من أموالهم الخاصة على الدفاع".

وتأتي تصريحات نتنياهو في الوقت الذي بدأ فيه البلدان التفكير فيما سيتبع اتفاقية السنوات العشر بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن المساعدات العسكرية الخارجية، والتي تنتهي في عام 2028.

وفي إشارة أخرى إلى إدراك إسرائيل لتنامي نفوذ الدول العربية على ترامب، أشار وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إلى أن الوقت حان لتوطيد علاقات حكومته مع القيادة الجديدة في سوريا، وهو تحولٌ تتطلع إليه العديد من الدول العربية.

كما صرح ترامب، الثلاثاء، بأنه سيرفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، وأنه يفعل ذلك جزئيًا لإرضاء مُضيفه في ذلك اليوم، ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان.

وقال "ترامب" وهو يعلن القرار: "ما أفعله من أجل ولي العهد".

استياء إسرائيلي

بينما اتخذ ترامب العديد من الإجراءات في ولايته الأولى التي أسعدت نتنياهو واليمين الإسرائيلي، إلا أنه هذه المرة يتصرف بطرقٍ أذهلت الزعيم الإسرائيلي ومساعديه وأثارت استياءهم.

تشمل القائمة، على سبيل المثال لا الحصر، قرار ترامب الدخول في محادثات نووية مع إيران بدلًا من الموافقة على الضربات الإسرائيلية ضد البنية التحتية النووية لطهران، وقراره الفردي بالموافقة على وقف إطلاق النار مع الحوثيين، والتفاوض لإطلاق سراح المحتجز الأمريكي من قِبل حماس، والحديث عن أن ترامب قد يدخل في اتفاق نووي مدني مع المملكة العربية السعودية حتى لو لم تُطبّع علاقاتها مع الحكومة الإسرائيلية.

وأوضح التقرير أنه من اللافت للنظر أن ترامب لم يُدرج إسرائيل ضمن قائمة محطاته في جولته الشرق أوسطية، وهي أول زيارة خارجية رئيسية له في ولايته الثانية، وأفادت التقارير أن أحد مبعوثيه الرئيسيين إلى المنطقة أبلغ عائلات المحتجزين أن الحكومة الإسرائيلية غير مستعدة لإنهاء الحرب في غزة، رغم رغبة ترامب في وقف إطلاق النار والإفراج الكامل عن المحتجزين.

مع هذا، ينفي البيت الأبيض، أو يرفض، الحديث عن الخلافات.

نقلت المجلة الأمريكية عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في واشنطن، جيمس هيويت: "لم يكن لإسرائيل في تاريخها صديق أفضل من الرئيس ترامب"، كما أكدت السفارة الإسرائيلية في واشنطن أن العلاقة "قائمة على قيم مشتركة والتزام بالاستقرار الإقليمي والعالمي".

لكن في الوقت الراهن، فإن الشعور السائد في المؤسسة الإسرائيلية هو القلق، خاصة لأن ترامب يُنظر إليه على أنه شخص لا يمكنهم تجاوزه. أيضًا، يشير مسؤول إسرائيلي إلى أن نتنياهو "لا يريد أن يوبخه ترامب علنًا كما فعل ترامب مع الزعيم الأوكراني فولوديمير زيلينسكي".

ونقلت عنه المجلة الأمريكية: "هناك محادثات خاصة تنتقد ترامب يتم تسريبها بحذر، وخاصة من خلال وسائل الإعلام الإسرائيلية، لكن الجميع حريصون للغاية على عدم التحدث علنًا".

حصار نتنياهو

يشير التقرير إلى أن نتنياهو مُقيّدٌ بالسياسة الداخلية وطموحاته، فهو يُريد البقاء في السلطة -ما قد يُساعده على الانتصار في تهم الفساد- لكن هذا يعني مُراعاة مطالب شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف الذين يسعون للسيطرة على غزة، وطرد سكانها الفلسطينيين البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، وضم الضفة الغربية.

وحتى الآن، انصاع نتنياهو إلى حد كبير لمطالب اليمين الإسرائيلي المتطرف باستمرار الحرب على غزة.

كما يبدو أن ترامب حاصر نتنياهو بطرحه اقتراحًا لطرد فلسطينيي غزة وتحويل القطاع إلى وجهة سياحية أمريكية، وحفّزت هذه الفكرة اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي بات الآن مسيطرًا على نتنياهو.

وتنقل المجلة عن محلل أمريكي ذي صلات بجميع أطراف الصراع أن إسرائيل ليست في وضع مالي صعب فحسب، بل تُحبط ترامب أيضًا لكثرة مطالبها واحتياجاتها. 

وقال قاصدًا رئيس الوزراء الإسرائيلي: "كفى إزعاجًا".