الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

صاحب مسيرة بارزة.. نقاد وأدباء يثمنون تجربة صنع الله إبراهيم وأمنيات بالشفاء

  • مشاركة :
post-title
صنع الله إبراهيم

القاهرة الإخبارية - محمد عبد المنعم

يُعد الكاتب والروائي المصري صنع الله إبراهيم أحد أعمدة السرد الأدبي العربي، وصوت حمل هموم الوطن والإنسان في نصوصه، ليظل طوال مسيرته الإبداعية حاضرًا بحسه النقدي ووعيه المستنير الذي جعل منه ضميرًا أدبيًا وثقافيًا بارزًا لجيله والأجيال اللاحقة، مُحملًا برصيد زاخر من الروايات والأعمال التي تركت بصمة عميقة في وجدان القارئ العربي، وهو ما جعل الأوساط الثقافية في مصر والوطن العربي تشعر بقلق إثر تعرضه لأزمة صحية طارئة اضطرته لدخول المستشفى.

وفي لفتة إنسانية تعبّر عن تقدير الدولة المصرية لرموزها الثقافية، قام الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصرية، بزيارة الأديب الكبير، للاطمئنان على حالته الصحية، عقب خضوعه لعملية جراحية أمس بمعهد ناصر لتركيب مفصل صناعي.

وأعرب وزير الثقافة عن سعادته بتحسن الحالة الصحية للكاتب الكبير، مؤكدًا أن وضعه مستقر حاليًا، مطمئنًا محبّيه وقراءه الذين تابعوا حالته بقلق خلال الأيام الماضية، مشيرًا إلى أنه زاره مجددا اليوم بعد الجراحة، ووجده في حالة أفضل بكثير مقارنة بزيارته الأولى له قبل عشرة أيام.

وأوضح الدكتور هنو: "نسأل الله أن يتم عليه الشفاء والعافية، وأن يعود قريبًا إلى ساحته الثقافية والفكرية، ليواصل مسيرته المضيئة التي أثرى بها الأدب العربي لعقود طويلة".

وأضاف الوزير أنه سيتابع شخصيًا الحالة الصحية للأديب الكبير بالتنسيق مع أسرته الكريمة، والدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء المصري وزير الصحة والسكان، والفريق الطبي المختص، لضمان توفير أفضل سبل الرعاية الطبية حتى تمام شفائه.

وحرص موقع "القاهرة الإخبارية" على التواصل مع عدد من الأدباء والنقاد الأدبيين والمثقفين للحديث عن تأثير أعمال صنع الله إبراهيم في المشهد الأدبي والثقافي وأهميته في الأدب الحديث.

صاحب مشروع كبير

"صنع الله إبراهيم صاحب مشروع كبير في كتابة الرواية المصرية منذ روايته الأولى "تلك الرائحة" وخلال عدد كبير من رواياته اللاحقة، إضافة إلى بعض قصصه القصيرة".. هكذا بدأ دكتور حسين حمودة أستاذ الأدب العربي في جامعة القاهرة حديثه، إذ أوضح: "بالإضافة إلى بعض قصصه القصيرة.. استكشف صنع الله مسارًا خاصًا في كتابة الرواية، زاوج خلاله بين الاهتمام بالوقائع والأحداث المرجعية الكبرى، المرتبطة بزمن بعينه، من ناحية، وبين تدفق التجربة، التي تنهض أحيانا على أبعاد تخيلية، والتي تستكشف أبعادًا مهمة وعميقة في الشخصيات الروائية والقصصية.

وتابع: "في أغلب ما كتب صنع الله إبراهيم حضور لقضايا عامة تخص الإنسان المصري والعربي، تتصل بالظواهر الاجتماعية والسياسية التي تترك آثارًا بالغة على هذا الإنسان، وهذا كله جعل تجربة الكتابة عنده أقرب إلى أن تكون شاهدًا إبداعيًا على فترات محددة كتب عنها، واهتم بها في أعماله".

أوضح أنه على الرغم مما يبدو ملمحًا ثابتًا في كتابات صنع الله إبراهيم، مرتبطًا باهتمامه بالتوثيق، فإن أعماله تتسم بتنوع كبير، إذ تتحرك في وجهات متعددة جدًا، ولعلها تتباين من رواية لأخرى.. ويمكن بسهولة ملاحظة هذا التعدد والتباين، من وجهة تبدو كابوسية في بعض رواياته مثل "اللجنة"، ووجهة تبدو ساخرة في روايته "ذات"، ووجهة تبدو محايدة في أكثر من رواية له، ولكن كل هذه الأعمال، على تنوعها، تظل مُعبرة عن صوت روائي خاص ومتميز.

أشار إلى أن صنع الله إبراهيم راهن على كتابة سهلة ظاهريًا، وبسيطة على مستوى الصياغات اللغوية، لكنها مبنية على جهد بحثي استقصائي، كبير جدًا، قاد هذا إلى إضفاء طابع معرفي واضح على أغلب أعماله.

رائد التجديد

فيما قال الروائي والقاص المصري يوسف القعيد إن "صنع الله" أحد رواد التجديد في الرواية العربية بعد نجيب محفوظ ويوسف إدريس ورواياته شديدة الأهمية ولم يكتب إلا ما يؤمن به.

كما نوّه إلى أن أعماله ترجمت لكل لغات العالم لأنه أحد رواد الرواية الحديثة، وتوجه بالشكر إلى وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو على زيارته قائلًا: "سلوك نبيل".

صاحب تجارب فريدة

بينما قال الدكتور هيثم الحاج علي، الرئيس السابق للهيئة المصرية العامة للكتاب، إن الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم يعد أحد أهم رواد الواقعية في الرواية والقصة العربية، إذ بدأ مشروعه الأدبي في ستينيات القرن الماضي، ليترك أثرًا واضحًا في تدشين تيار جديد يعتمد على الواقعية الصريحة، التي كان لها تأثير بالغ على المشهد الثقافي المصري والعربي.

وأضاف أن صنع الله إبراهيم استطاع أن يخلق تكنيكًا ورؤية جديدة في أعماله، مستشهدًا برواية "تلك الرائحة"، وأسلوب التوثيق الذي قدمه في "نجمة أغسطس"، إلى جانب مزجه بين الرواية والسينما، وهو ما جعل كل عمل له بمثابة تجربة فريدة في التقنية والأسلوب، تبعه فيها عدد كبير من الكتاب بعد ذلك.

وأشار "الحاج علي" إلى أن أهمية صنع الله إبراهيم لا تتوقف فقط عند أسلوبه الأدبي، بل تمتد إلى انسجام مواقفه مع كتاباته، وهو أمر نادر في المشهد الثقافي، مؤكدا: "كل نص كان يكتبه كان يحمل أثرًا واضحًا يعكس موقفه ورؤيته".

واختتم تصريحاته بتمنياته للكاتب الكبير بالشفاء العاجل، مؤكدًا أمله في أن يعود للمشهد الثقافي قريبًا، ليواصل إلهام الأجيال ويدشن تيارات جديدة في الأدب العربي.