سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى طمأنة شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف بأنه لن يرضخ للضغوط الأمريكية، بشأن إنهاء الحرب على غزة؛ من أجل استعادة المحتجزين المتبقين في القطاع.
وذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن نتنياهو أجرى مكالمة هاتفية مع رؤساء الأحزاب في الائتلاف الحكومي، أمس الاثنين، في محاولة لطمأنتهم بأن إسرائيل لن توافق على إنهاء الحرب قبل هزيمة حماس، بعد أن وافق على طلب من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإرسال فريق تفاوض إلى العاصمة القطرية الدوحة من أجل تحريك مفاوضات التبادل.
وقالت الصحيفة إن نتنياهو وافق على الطلب الأمريكي بعد لقائه المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، وإجراء مكالمة هاتفية قصيرة مع ترامب، بعد أن أطلقت حماس سراح المحتجز الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر.
وأطلقت حماس سراح ألكسندر فيما وصف بأنه بادرة حسن نية تجاه ترامب، بعد أن تلقت الحركة تأكيدات من وسيط طرف ثالث بأن هذه الخطوة ستكون لها آثار طويلة الأمد مع واشنطن، مما يفتح الباب أمام الإدارة لإقناع إسرائيل بإنهاء الحرب على غزة.
لكن نتنياهو أبلغ شركاءه في الائتلاف أنه لن يتراجع عن رفضه إنهاء الحرب قبل تفكيك القدرات العسكرية والحكومية لحماس، بحسب تقارير إعلامية عبرية متعددة.
وهذا من شأنه، وفق "تايمز أوف إسرائيل"، أن يضع نتنياهو في صدام مع الولايات المتحدة التي يستخدم مسؤولوها لأول مرة منذ أشهر خطابًا حول "إنهاء الحرب" في غزة، في حين تهدد إسرائيل بتوسيع عملياتها العسكرية على نطاق واسع؛ من أجل إعادة احتلال القطاع بأكمله.
ووصف ترامب قرار حماس بالإفراج عن ألكسندر بأنه "خطوة اتخذت بحسن نية تجاه الولايات المتحدة وجهود الوسطاء، لإنهاء هذه الحرب الوحشية للغاية وإعادة جميع الرهائن الأحياء ورفاتهم إلى أحبائهم".
وأعرب السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، عن أمل الإدارة في أن يكون إطلاق سراح ألكسندر "بداية النهاية لهذه الحرب الرهيبة".
وقالت "تايمز أوف إسرائيل" إنه في الوقت الذي أشارت استطلاعات رأي متكررة إلى أن أغلبية واضحة من الإسرائيليين، تؤيد إنهاء الحرب مقابل استعادة المحتجزين، رفض نتنياهو هذه الصفقة، بحجة أنها ستبقي حماس في السلطة، كما هدد شركاؤه في الائتلاف اليميني المتطرف بإسقاط حكومته إذا وافق على مثل هذه الصفقة.
وخلصت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن كل هذا يزيد من حدة التوتر مع توجه وفد إسرائيلي إلى الدوحة اليوم الثلاثاء، لجولة أخرى من المحادثات غير المباشرة مع حماس، بوساطة مصرية وقطرية وأمريكية.
ولفتت إلى التهديد الإسرائيلي بشن عملية عسكرية كبرى في غزة بمجرد مغادرة ترامب الشرق الأوسط يوم الجمعة، إذا لم توافق حماس على صفقة المحتجزين بحلول ذلك الوقت.
وقالت الصحيفة إن نتنياهو أبلغ شركاءه في الائتلاف اليميني المتطرف أنه على الرغم من إرساله فريقًا تفاوضيًا إلى الدوحة، إلا أن موقفه لم يتغير.
وأوضحت الصحيفة أن المفاوضين مفوضون فقط بمناقشة ما أسماه رئيس الوزراء الإسرائيلي "اقتراح ويتكوف"، الذي ينص على إطلاق سراح ما يصل إلى نصف المحتجزين مقابل وقف إطلاق نار لمدة أسبوع.
وخلال هذه الهدنة، تشير الصحيفة إلى أن إسرائيل مستعدة لإجراء محادثات بشأن إنهاء دائم للحرب، لكنها لن تقبل بأقل من موافقة حماس على نزع سلاحها، والتخلي عن سيطرتها على غزة.
وأعلنت حماس استعدادها للتنازل عن السيطرة على القطاع والموافقة على هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل تتضمن ضمانات أمنية، إلا أنها رفضت منذ فترة طويلة مطالب نزع سلاحها بشكل دائم.
وطالبت حماس أيضًا بضمانات في صورة قرار ملزم من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع إسرائيل من استئناف الحرب إذا وافقت حماس على إطلاق سراح المحتجزين.
ورفض نتنياهو مطلب حماس، وانتهك اتفاق وقف إطلاق النار مع الحركة، والمكون من ثلاث مراحل، بعد انتهاء مرحلته الأولى في مارس الماضي، واستأنف الحرب على غزة.
وقال نتنياهو في اتصال هاتفي أجراه أمس الاثنين، مع رؤساء الأحزاب في الائتلاف اليميني المتطرف إن إسرائيل لن تقبل أي ضمانات بإنهاء الحرب في غياب تفكيك حماس بالكامل. كما يرفض نتنياهو منح السلطة الفلسطينية موطئ قدم مهم في غزة.
وفي لقاء مع جنود إسرائيليين جرحى مساء الاثنين، قال نتنياهو إنه في حين أنه "يعطي فرصة" لعودة المحتجزين، إذا لم تنجح هذه الجهود، فإن القتال سيكون مكثفًا و"حتى النهاية"، بحسب موقع "يديعوت أحرونوت".
ونُقل عن نتنياهو قوله أيضًا إن إسرائيل "ستحتل" غزة، وستتولى السيطرة الأمنية على غزة "إلى الأبد".
وفي شهادة مغلقة أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست، الثلاثاء الماضي، قال نتنياهو إن إسرائيل "تدمر المزيد والمزيد من المنازل في غزة، وبالتالي لا يجد الفلسطينيون مكانًا يعودون إليه"، وفقًا لصحيفة "معاريف" العبرية.
وأضاف نتنياهو: "النتيجة الواضحة الوحيدة هي أن يختار الغزيون الهجرة إلى خارج القطاع، لكن مشكلتنا الرئيسية تكمن في إيجاد دول تستقبلهم".
وقال نتنياهو للنواب إنه ناقش مؤخرًا خطة ترامب للسيطرة الأمريكية على غزة مع الرئيس الأمريكي، لكنه أقر بوجود صعوبات في تنفيذها.
وخلال اجتماع لجنة الكنيست، الأحد الماضي، زعم نتنياهو أنه على الرغم من عدم النجاح في إيجاد دول لاستقبال سكان غزة، فإن الولايات المتحدة لا تزال مهتمة بالسيطرة على غزة.
لكن مصادر مطلعة على الأمر قالت لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن إدارة ترامب بذلت الحد الأدنى من الجهد في المضي قدمًا في خطة ترامب للسيطرة على غزة، في أعقاب المقاومة الهائلة التي تلقتها من حلفائها العرب منذ الإعلان عنها في أوائل فبراير.
ومع ذلك، قال نتنياهو للمشرعين: "أعلم أنني سأخيب آمال البعض هنا، لكننا لا نتحدث عن المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة الآن".
ورد عضو الكنيست ليمور سون هار-ميليش قائلًا: "أحضروا يهود الولايات المتحدة للاستيطان في غزة. بهذه الطريقة، نستطيع ضرب عصفورين بحجر واحد"، بحسب "معاريف".
كما أطلع نتنياهو اللجنة على خطة إسرائيل لاستئناف توزيع المساعدات في غزة قريبًا من خلال نظام جديد يهدف إلى منع تحويل المساعدات إلى حماس. وقال نتنياهو إن أولئك الذين يتلقون المساعدات من مراكز التوزيع التي أقيمت حديثًا في جنوب غزة سيمنعون من العودة إلى أماكن في غزة خارج المنطقة الإنسانية الجديدة التي يتم إنشاؤها في جنوب القطاع.
وتتضمن خطة المساعدات الإسرائيلية حصر سكان غزة، البالغ عددهم مليوني نسمة، في منطقة داخل رفح ومحيطها، تشكل ما بين 10% و25% من مساحة القطاع. وسيخضع الداخلون لفحص دقيق من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وفقًا لمسؤولين مطلعين على الخطة.
وواجهت خطة المساعدات الإسرائيلية انتكاسات كبيرة بعد أن رفضت الأمم المتحدة وهيئات دولية أخرى التعاون أو تمويل المبادرة؛ بسبب المخاوف من أنها لا تعالج بشكل كاف الأزمة الإنسانية في غزة، حيث منع جيش الاحتلال إسرائيل دخول المساعدات للقطاع منذ الثاني من مارس.