حذّر وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، في رسالة رسمية وجهها إلى الكونجرس، من احتمال عجز الحكومة الفيدرالية عن سداد التزاماتها المالية بحلول شهر أغسطس المقبل، ما لم يتم اتخاذ إجراء عاجل لرفع سقف الدين أو تعليقه، في وقت يتجاوز فيه الدين العام الأمريكي 36 تريليون دولار.
دعوة للتحرك العاجل
طالب "بيسنت" في رسالته الموجهة إلى رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، بضرورة "زيادة أو تعليق سقف الدين بحلول منتصف يوليو"، قبل العطلة التشريعية المقررة للكونجرس.
وأضاف الوزير، وفقًا لما نقلته صحيفة نيوزويك، أنه يعتقد بوجود "احتمالية معقولة" بأن "النقد والإجراءات الاستثنائية للحكومة ستنفد في أغسطس، بينما من المقرر أن يكون الكونجرس في عطلة".
وأوضح بيسنت أنه توصل إلى هذا الاستنتاج بعد مراجعة "الإيرادات من موسم تقديم الضرائب في أبريل الأخير"، مشيرًا إلى ضرورة التحرك العاجل "لحماية الإيمان والائتمان الكاملين للولايات المتحدة".
يُذكر أن هذه التصريحات تأتي بعد ثلاثة أيام فقط من إفادة بيسنت أمام لجنة الاعتمادات بمجلس النواب، حيث أشار آنذاك إلى أن البلاد كانت على "مسار تحذيري" نحو تجاوز الحد، دون أن يحدد إطارًا زمنيًا دقيقًا.
خلفية الأزمة
تأتي هذه التطورات في سياق صراع سياسي مستمر بدأ عندما تجنّب الكونجرس إغلاقًا حكوميًا وشيكًا في ديسمبر الماضي، بعد فوز الرئيس دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية على نائبة الرئيس السابقة، كامالا هاريس.
وكما ذكرت نيوزويك، حاول ترامب آنذاك تمرير تعليق لمدة عامين على سقف الدين، لكن المحاولة باءت بالفشل، بعدما انضم 38 جمهوريًا إلى الديمقراطيين في معارضة المقترح.
وفي مارس الماضي، استخدم الجمهوريون آلية "المصالحة" لتمرير خطة إنفاق، مما حرم الديمقراطيين من تحقيق أهداف رئيسية تتعلق بالرعاية الصحية والمساعدات الإسكانية.
وفي تطور لاحق الشهر الماضي، أقر مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، إطارًا للميزانية في محاولة لتحقيق هدف ترامب المتمثل في تمرير "مشروع قانون واحد كبير ورائع"، وفق وصفه.
عواقب كارثية
شدد وزير الخزانة على خطورة التأخير في معالجة المشكلة، حيث حذر من أن "الأزمات السابقة أظهرت أن الانتظار حتى اللحظة الأخيرة لتعليق أو زيادة حد الدين، يمكن أن تكون له عواقب سلبية خطيرة على الأسواق المالية، والشركات، والحكومة الفيدرالية، ويضر بثقة الشركات والمستهلكين، ويرفع تكاليف الاقتراض قصيرة الأجل لدافعي الضرائب".
وأكد بيسنت في رسالته التي نقلتها نيوزويك أن "الفشل في تعليق أو زيادة حد الدين سيؤدي إلى دمار في نظامنا المالي، ويقلل من أمن أمريكا ومكانتها القيادية العالمية"، مما يعكس قلقًا متزايدًا من احتمال التخلف عن سداد الديون للمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة.
مواقف سياسية متباينة
تعكس تصريحات القادة السياسيين حالة الاستقطاب الحاد في التعامل مع قضية سقف الدين وإدارة الميزانية الفيدرالية. فمن جهته، احتفى الرئيس ترامب، الشهر الماضي، بإقرار الإطار العام للميزانية، حيث كتب على منصته "تروث سوشيال": "تهانينا لمجلس النواب على إقرار مشروع قانون يمهد الطريق لواحد من أعظم وأهم التوقيعات في تاريخ بلادنا. من بين أمور أخرى كثيرة، ستكون أكبر تخفيضات ضريبية وتنظيمية تم التفكير فيها على الإطلاق، لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى!"
في المقابل، انتقد زعيم الأقلية في مجلس النواب، حكيم جيفريز من نيويورك، وهو ديمقراطي، خطة الميزانية المقترحة من الجمهوريين بشدة، واصفًا إياها بأنها "متهورة وقاسية".
وأضاف جيفريز، وفق ما أوردته نيوزويك: "نحن هنا لنوضح الأمر: ابتعدوا عن الأمريكيين العاديين الذين يكافحون لتدبير أمورهم المعيشية".
من جانبه، أكد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، جون ثون من ساوث داكوتا، وهو جمهوري، التزام الجمهوريين في مجلس الشيوخ بالسعي لتحقيق تخفيضات قوية في الإنفاق، مصرحًا: "سنفعل بالتأكيد كل ما في وسعنا".
توقعات مستقبلية
سيحتاج الكونجرس إلى الموافقة على مشروع قانون المصالحة، وإما زيادة أو تعليق حد الدين في الصيف، على أبعد تقدير.
وصرح ترامب سابقًا بأنه يعتقد أن الكونجرس يمكنه تسوية مشروع قانون بحلول عيد الذكرى (نهاية مايو).
ويراقب المستثمرون والأسواق المالية عن كثب هذه التطورات، حيث يمكن لأي إشارات لعدم اليقين أو المماطلة في رفع سقف الدين أن تؤدي إلى تقلبات في الأسواق، وارتفاع تكاليف الاقتراض، مما يزيد من العبء المالي على الحكومة، والشركات، والأفراد على حد سواء.
وتشير التحذيرات المتكررة من وزارة الخزانة إلى خطورة الموقف وضرورة التوصل إلى حل سريع قبل أن تواجه الولايات المتحدة كارثة اقتصادية محتملة، قد تمتد آثارها إلى الاقتصاد العالمي.