وضعت حادثة اغتصاب محتجزة سابقة، إسرائيل في صدمة، بعدما كشفت عن تفاصيلها المروعة التي أعقبت الإفراج عنها في صفقة تبادل، وأثارت موجة غضب على مواقع التواصل أشارت إلى أنها كانت أكثر أمانًا في قطاع غزة "تحت الاحتجاز".
تعرضت الشابة الإسرائيلية مايا شيم (23 عامًا) للاغتصاب بعد عودتها من الاحتجاز الذي استمر 55 يومًا في غزة، فيما وجهت الاتهام إلى مدرب لياقة بدنية معروف في تل أبيب، متهمة إياه باغتصابها في منزلها باستخدام مخدر أفقدها الوعي، بحسب صحيفتي "معاريف" و"هاآرتس".
من الاحتجاز إلى الاغتصاب
تقدمت "شيم"، التي أصبحت شخصية عامة بعد عودتها من الاحتجاز لدى حماس، بشكوى رسمية ضد المدرب، ووفقًا لصحيفة "هاآرتس"، ألقي القبض عليه أواخر مارس الماضي، في الوقت الذي بدأت فيه شائعات تنتشر على منصات التواصل الاجتماعي حول تعرض إحدى المحررات للاعتداء الجنسي.
وكشفت مايا شيم عن هويتها في مقابلة متلفزة مع القناة 12 الإسرائيلية، قائلة: "قررت أن أقول الحقيقة.. لست أنا من يجب أن تختبئ"، وأضافت في المقابلة: "هذا كان أكبر خوف في حياتي، قبل الاحتجاز وخلال الاحتجاز، وحدث لي بعد الاحتجاز، في مكاني الأكثر أمانًا".
خدعة هوليوودية
وفي تفاصيل القضية، كشفت صحيفة هاآرتس أن مايا التقت بالمدرب، وهو مؤثر رياضي معروف في تل أبيب لديه العديد من العملاء المشاهير، في حفلة بمناسبة عيد البوريم، وبعد ثلاث جلسات تدريبية معه، اقترح عليها تقديمها إلى منتج أفلام هوليوودي مهتم بتحويل قصتها إلى فيلم.
وحسب رواية مايا، بعد فشل اللقاء الأول، إذ لم يظهر المنتج المزعوم في ردهة الفندق، تم تحديد موعد ثانٍ، هذه المرة في منزل مايا.
وصل المدرب متأخرًا ساعتين، وطلب من صديقة مايا المقربة -التي كانت في شقتها- المغادرة، بحجة حساسية الاجتماع مع المنتج المزعوم.
وأوضحت مايا أن ذاكرتها من تلك النقطة أصبحت غير واضحة، مضيفة: "جسدي يتذكر، يشعر بكل شيء، لكنني لا أعرف ما حدث".
وتسلط هذه القضية، الضوء على أوضاع النساء في إسرائيل والإفلات من العقاب في الجرائم المتعلقة بهن، وفقاً لما نقلته "معاريف"
إحصائيات صادمة
كشفت التقارير المنشورة عن إحصائيات مقلقة حول التعامل مع قضايا الاغتصاب في إسرائيل، أنه يتم إغلاق 9 من كل 10 قضايا اغتصاب دون توجيه اتهامات، وفقًا لبيانات رسمية نقلتها "معاريف"
وبحسب تقرير اتحاد مراكز دعم ضحايا الاعتداء الجنسي، سجلت الشرطة الإسرائيلية 6405 قضايا اعتداء جنسي خلال عام 2023، لكن 81% من هذه القضايا أغلقت دون اتهامات، فيما رفعت دعاوى قضائية في 16% فقط من الحالات، و2% انتهت بتسويات مشروطة.
في قضية مايا شيم تحديدًا، أفادت "هاآرتس" بأن المتهم أطلق سراحه رغم فشله في اختبار كشف الكذب، الذي وجده كاذبًا في أسئلة متعددة تتعلق بالاتصال الجنسي.
ونفى المدرب بشدة أي اتصال جنسي مع مايا، رغم أن روايته للأحداث تغيرت، كما أن الرسائل النصية التي أرسلها إلى مايا بعد لقائهما أثارت الشكوك، إذ كتب في إحداها: "أي ليلة، واو"، تبعها لاحقاً برسالة: "يوئيل كان معجبًا بك حقًا.. إنه يتحقق من الأمر".
انقسام عالمي
أشارت معاريف الى انقسام في مواقف مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي حول العالم بشكل حاد إزاء قضية مايا، إذ عبر كثيرون عن تعاطفهم معها ودعمهم لها، ونقلت تعليقات متعاطفة مثل: "أنا أصدقها.. ليباركك الله ويحميك، كوني قوية يا مايا، هذا لم يكن يجب أن يحدث لك أبدًا".
في المقابل، واجهت مايا موجة من التعليقات المسيئة والعنصرية، وشكَّك البعض في روايتها أو أبدوا شماتة فيما تعرضت له. وسجلت صحيفة معاريف بعض هذه التعليقات، مثل: "إذن محتجزو حماس لم يعتدوا عليها، بل كان أحد مواطنيها؟ هذا جنون". وأضاف آخر تعليقًا يجمع بين كراهية النساء والعنصرية: "النساء مهووسات بالاغتصاب ويفكرن فيه طوال الوقت. أضف إلى ذلك خلفيتها وهي أكثر جنوناً".
الإفلات من العقاب
يعكس تقرير اتحاد مراكز دعم ضحايا الاعتداء الجنسي، الذي استشهدت به معاريف، الفجوة الكبيرة بين عدد الشكاوى المقدمة سنويًا وبين عدد القضايا التي تصل إلى المحاكم وتحقق إدانات، فيما تشير هذه الفجوة إلى خلل في نظام التحقيق والمقاضاة، وضعف الدعم المقدم للضحايا.
وأشارت الصحيفة إلى أن قضية مايا شيم تبرز التحديات التي تواجهها ضحايا الاعتداء الجنسي في نضالهن من أجل تحقيق العدالة، فرغم أن المتهم كذب في اختبار كشف الكذب، إلا أنه تم الإفراج عنه، مما يثير تساؤلات حول جدية التعامل مع مثل هذه القضايا.