استبعدت روسيا عقد اجتماع مع الجانب الأمريكي في الوقت الحالي، لمناقشة معاهدة "ستارت الجديدة" للحد من انتشار الأسلحة النووية، وذلك في مؤشر جديد على تدهور العلاقات بين موسكو وواشنطن، التي تقود تحالفًا غربيًا لتسليح أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة والأنظمة الدفاعية المتطورة.
وذكرت وكالة "رويترز" أن وكالات أنباء حكومية روسية نقلت عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، قوله إن "الوضع الحالي في العلاقات الروسية الأمريكية لا يسمح بعقد اجتماع لمناقشة معاهدة ستارت الجديدة للحد من انتشار الأسلحة النووية".
وكشف "ريابكوف" أن موسكو تستبعد عقد أي مناقشات مع الجانب الأمريكي، اعتراضًا على تسليم أسلحة غربية لأوكرانيا، وقال في إفادة للصحفيين، إن أعداء روسيا يفاقمون المخاطر في أوكرانيا بتسليمها الأسلحة.
ورغم ذلك، ذكر "ريابكوف" إن السفير الأمريكي الجديد لروسيا سيصل إلى موسكو خلال أيام.
ما هي معاهدة ستارت الجديدة؟
وتجدر الإشارة إلى أن معاهدة "ستارت الجديدة" دخلت حيز التنفيذ في فبراير 2011 ولا تزال سارية حتى اليوم رسميًا. وتلزم هذه المعاهدة الولايات المتحدة وروسيا بخفض الرؤوس النووية لديها إلى 1550 رأسًا كحد أقصى، وخفض أنظمة الحمل والإطلاق مثل الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والغواصات التي تطلق الصواريخ والقاذفات إلى 800.
وللتحقق من ذلك يجب أن يسمح كل بلد بدخول مراقبين من الآخر، والتمديد الأخير لهذه الاتفاقية تم التوقيع عليه من قبل الرئيسين الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين عام 2021 لمدة خمسة أعوام أي حتى عام 2026.
واشنطن تقود تحالفًا غربيًا لدعم أوكرانيا عسكريًا
وتدهورت العلاقات بين واشنطن وموسكو أكثر في العام الماضي، منذ بداية الحرب الروسية في أوكرانيا، وردّت الولايات المتحدة وحلفاؤها بمجموعة من العقوبات الاقتصادية على روسيا.
وقدمت الولايات المتحدة دعمًا اقتصاديًا وعسكريًا كبيرًا لكييف، الأمر الذي استنكره المسؤولون الروس الذين اتهموا واشنطن بلعب دور مباشر في الصراع.
وبينما تحدث نجاحات دبلوماسية كبيرة بين الحين والآخر بما في ذلك تبادل أسرى منهم جندي مشاة البحرية الأمريكية السابق "تريفور ريد" ونجمة كرة السلة الأمريكية "بريتني جرينر"، فإن الاتصال رفيع المستوى بين الجانبين نادر الحدوث.
وأُلغيت محادثات كانت مقررة بين البلدين في نوفمبر الماضي، بشأن استئناف عمليات التفتيش بموجب معاهدة ستارت الجديدة للحد من الأسلحة النووية.
وأوقفت روسيا مراقبة ترسانتها النووية في أغسطس 2022 "مؤقتًا"، لكن رسميًا ليس بسبب الحرب، وإنما بسبب العقوبات المفروضة على طائراتها حيث لا يستطيع مراقبوها السفر جوًا إلى الولايات المتحدة.
وأصدرت موسكو حينها بيانًا، أي بعد نحو ستة أشهر من بدء الحرب في أوكرانيا، جاء فيه: "سيبقى الالتزام ببنود المعاهدة قائمًا، ويعرف الجميع دورها الفريد ويقدرها (المعاهدة) بشكل كبير كأداة مهمة للحفاظ على الأمن والاستقرار الدولي".
اجتماع رامشتاين محطة مهمة في الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا
واستبعدت روسيا مجددًا عقد اجتماعات جديدة مع واشنطن حول معاهدة ستارت الجديدة، بينما تعهد حلفاء أوكرانيا بتقديم مزيد من الدعم العسكري لها، إلا أنهم فشلوا في تسوية الانقسامات بشأن إرسال دبابات قتالية إلى كييف، خلال اجتماع رفيع المستوى، عُقد الجمعة الماضي في قاعدة "رامشتاين" الجوية بألمانيا.
وفي حديثه للصحفيين بعد ترؤوسه الاجتماع، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، إنه جرى التركيز بشكل خاص على احتياجات أوكرانيا للدفاع الجوي والعربات المدرعة، وقدم الحلفاء تعهدات كبيرة لتعزيز قواتها المسلحة.
وأضاف أن الالتزامات الجديدة المهمة تظهر التصميم المستمر لحلفاء واشنطن وشركائها على مساعدة كييف في الدفاع عن نفسها؛ لأن هذا لا يتعلق بأمن أوكرانيا فحسب، بل بالأمن الأوروبي والعالمي، على حد قوله.
وأشار "أوستن" إلى أن فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة أعلنوا عزمهم إرسال أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا بما في ذلك صواريخ باتريوت.
دبابات "ليوبارد 2" و "أبرامز إم 1"
وخلال اجتماع" رامشتاين" لم تتعهد الولايات المتحدة بإرسال دبابات "أبرامز إم 1" إلى كييف، فيما تقول ألمانيا إنها لم تقرر بعد بشأن تسليم دبابات "ليوبارد 2" لها.
وكانت كييف ناشدت تسليمها دبابات "ليوبارد 2" الألمانية، إلا أن الحصول عليها حتى من الدول التي تمتلكها مثل بولندا وفنلندا يتطلب موافقة برلين. وتخشى دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" أن تتسبب بعض الإمدادات العسكرية إلى أوكرانيا بتصعيد وتيرة الصراع وتحوله إلى حرب مع روسيا.
ويعود إصرار كييف على الحصول على دبابات "ليوبارد" بعدما كشف خبراء عسكريون أنها ستكون فاصلة في مسار المعارك، حسبما نقلت وسائل إعلامية.
وتتميز "ليوبارد 2" بحماية شاملة لطاقمها من التهديدات، مثل العبوات الناسفة أو الألغام أو النيران المضادة للدبابات، فضلًا عن احتوائها على أنظمة تبريد بمقصورة الطاقم ومولد طاقة إضافي وهاتف يسمح للطاقم بالاتصال الخارجي.
وكان اجتماع "رامشتاين" هو الثامن لمجموعة الاتصال الخاصة بدعم كييف منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير 2022.