مع تصاعد التوتر بين الهند وباكستان، والذي وصل إلى توجيه ضربات عسكرية متبادلة، يبقى السؤال عن ماهية اللاعبين الدوليين الذين يقفون وراء كل طرف من أطراف الصراع؟ وأبرزهما الولايات المتحدة والصين
وعلى الرغم من التحسن الأخير في العلاقات بين الهند والصين، هل يمكن لتحالف بكين العميق مع إسلام آباد أن يرجع العلاقات إلى عهدها الأول، للإجابة على تلك التساؤلات ومعرفة التوجه الصيني في الصراع أجرى موقع "القاهرة الإخبارية" حوارًا مع الدكتور تشو رونج، الباحث البارز في معهد تشونجيانج بجامعة رينمين الصينية.
علاقات متكافئة
وأكد تشو رونج أن العلاقات الصينية – الباكستانية ثابتة ومستقرة منذ 74 عامًا، بل وصفها بأنها في حالة "تحسن دائم" وليس هناك ما يُسمى بـ"تخفيف التوتر" لأن العلاقات أصلاً لم تعرف التوتر، والصين تعتبر باكستان شريكًا استراتيجيًا في كل الأوقات، وتدعمها في الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها، لكنها في الوقت نفسه ترفض ربط علاقتها بإسلام آباد بعلاقتها مع نيودلهي.
وأضاف أن بكين تريد تطوير علاقات ودية مع كل من الهند وباكستان، وتعارض استخدام القوة لحل النزاع حول كشمير، الذي تصفه بأنه "قضية تاريخية عالقة"، كما ترفض الصين بشدة أي محاولة من الهند لإلغاء "معاهدة مياه نهر السند"، التي تعتبرها شريان حياة أساسيًا لباكستان.
وأشار إلى أن التعاون العسكري لا يعني الانحياز للحرب، صحيح أن باكستان تُعد من كبار مستوردي الأسلحة الصينية، وهناك تعاون عسكري واسع بين البلدين. لكن تشو رونج ينفي وجود أي "سوء فهم" عسكري بين الطرفين، والصين، حسب تعبيره، .لا ترغب في اندلاع حرب شاملة بين الهند وباكستان، وتدعم حل النزاعات عبر الطرق السلمية
ولفت الباحث البارز في معهد تشونجيانج، إلى أنه مع أنها تزود باكستان بأسلحة دفاعية وتؤيد حقها في الرد المعتدل عند التعرض لهجوم، إلا أن هذا لا يعني إطلاقًا أنها تشجع على مواجهة شاملة مع الهند.
كما شدد رونج على أن بكين تقف بحزم ضد كل أشكال الإرهاب، وترفض التصعيد الذي يهدد الاستقرار الإقليمي.
بوصلة صينية
رغم خطورة النزاع الهندي الباكستاني، يشير تشو رونج إلى أن البوصلة الاستراتيجية للصين تظل موجهة نحو شرق وجنوب شرق آسيا، حيث تواجه بكين تحديات أكبر، من بحر الصين الجنوبي إلى بحر الصين الشرقي، وتايوان، وشبه الجزيرة الكورية، وصولًا إلى سياسات الهيمنة الأمريكية، لكنه يعترف أن اندلاع أزمة جنوب آسيا يمكن أن يُعيد رسم أولويات بكين، لأن هذا النوع من التوترات يُشتت الانتباه الدولي ويدفع الهند لتعزيز تعاونها مع حلف "كواد" (أمريكا–اليابان–الهند–أستراليا)، وهو ما يزيد تعقيد الحسابات الجيوسياسية. كما قد تؤدي الاضطرابات في جنوب آسيا إلى تمدد أزمات عدم الاستقرار إلى مناطق أوسع، مثل الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، مما يعمّق هشاشة النظام العالمي.
هل يتكرر سيناريو حرب 1965؟
يستبعد تشو رونج احتمال اندلاع حرب شاملة كما حدث في عام 1965. حتى الآن، تقتصر الضربات الهندية على معسكرات تابعة لجماعات مسلحة في كشمير، دون استهداف المدن الكبرى أو المراكز العسكرية الباكستانية، وهذه الضربات تبدو "رمزية عملية" في آنٍ معًا، بهدف تجنب دفع باكستان إلى رد غير محسوب، ومع امتلاك الطرفين للسلاح النووي، فإن أي تصعيد يحمل مخاطر كارثية، وهو ما يدفع القوى الكبرى مثل الصين، والولايات المتحدة، وروسيا، وحتى قوى إقليمية كإيران والسعودية والإمارات وقطر، إلى التدخل للوساطة وخفض التصعيد.
ورغم أن باكستان هدّدت بـ"رد مناسب في الزمان والمكان"، يرى تشو أن النزاع الحالي يظل منخفض الحدة، وغير قابل للاستمرار على المدى الطويل، بل يعتمد أكثر على الرسائل الرمزية، ومع ذلك، فإن استعداد باكستان لتوجيه ضربات محدودة أمر مرجّح، وهو ما سيدفع الهند إلى حالة من الاستنفار المستمر، وبالتالي رفع نفقاتها الدفاعية .وتأثير ذلك على اقتصادها