موافقة الحكومة الإسرائيلية الأمنية المصغرة برئاسة بنيامين نتنياهو على توسيع العدوان على غزة، تبدد آمال إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التوصل إلى اتفاق بشأن القطاع، وفق ما أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وسردت الصحيفة أن ترامب، عندما استضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض في أوائل أبريل، قال أحد المراسلين للرئيس الأمريكي إن وعده الانتخابي بإنهاء الحرب على غزة لم يتحقق بعد.
ولفتت الصحيفة إلى أن إسرائيل انتهكت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مطلع مارس الماضي، واستأنفت حربها على القطاع، لكن ترامب أبدى تفاؤله، وردّ على المراسل قائلًا: "أتمنى أن تتوقف الحرب، وأعتقد أنها ستتوقف في وقت قريب".
وبعد مرور شهر واحد، أصبحت احتمالات السلام في غزة أكثر قتامة. وهدد نتنياهو، أمس الاثنين، بتصعيد إسرائيلي "مكثف" في القطاع الفلسطيني، بعد أن وافقت حكومته الأمنية على خطط لاستدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط لهجوم جديد هناك.
ويصر المتطرفون الإسرائيليون على أن القوة وحدها كفيلة بإجبار حماس على إطلاق سراح أكثر من عشرين محتجزًا، وإنهاء الصراع، لكن العديد من المحللين يرون أن تصعيدًا إسرائيليًا كبيرًا قد يقضي على أي أمل متبقٍ في السلام.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن محللين أن الجهود الدبلوماسية المبكرة لتحرير المحتجزين والتوصل إلى تسوية طويلة الأمد انشغل عنها ترامب وكبار مسؤوليه، وقد أتاح ذلك لنتنياهو حرية التصرف، ويبدو أنه مستعد لاستخدامها.
وقال إيلان جولدنبرج، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في إدارتي أوباما وبايدن: "في بداية عهد الإدارة، كانت كل الوعود منصبة على غزة. لكن عندما انهار وقف إطلاق النار، أعطى ترامب الإسرائيليين الضوء الأخضر لفعل ما يحلو لهم".
وأضاف جولدنبرج، الذي يشغل الآن منصب نائب رئيس أول في منظمة "جيه ستريت"، وهي منظمة يهودية سياسية يسارية وسطية: "أشعر أنه –يقصد ترامب– ليس منخرطًا في الأمر، لقد شعر بالملل نوعًا ما".
ومن المقرر أن يقوم ترامب بزيارة إلى الشرق الأوسط الأسبوع المقبل، والتصعيد العنيف في غزة سيكون محبطًا لترامب، وهو بمثابة تذكير صارخ بأنه فشل في تحقيق السلام الذي وعد به.
وطرحت "نيويورك تايمز" احتمال أن يكون ترامب قد فقد صبره، ويرحب بالحديث في إسرائيل عن توجيه ضربة ساحقة نهائية ضد حماس، فيما قال نتنياهو إن مسؤوليه العسكريين أخبروه أنها ستكون "التحركات الختامية" للحرب.
وافترضت الصحيفة أن يكون لدى ترامب أيضًا تساهل كبير مع استخدام إسرائيل للقوة المفرطة، فقد حذر حماس من أن "الجحيم سيشتعل" إذا لم تُفرج الحركة عن المحتجزين المتبقين.
واتفق مايكل ماكوفسكي، رئيس ومدير تنفيذي للمعهد اليهودي المتشدد للأمن القومي في أمريكا، على أن ترامب كان أقل انخراطًا مع إسرائيل في موضوع غزة مقارنة بإدارة بايدن.
فقد أمضى بايدن وكبار مسؤوليه وقتًا طويلًا في محاولة إدارة الحملة الإسرائيلية على غزة، كان هدفهم الحد من معاناة المدنيين في غزة، وإنقاذ إسرائيل من الإدانة الدولية، حتى لو وصفهم النقاد بالمبالغة في التسامح مع استخدام إسرائيل للقوة.
وأبدى ترامب بعض القلق بشأن سكان غزة، وقال أمس الاثنين، إنه سيساعد سكان غزة في "الحصول على بعض الطعام" وسط الحصار الإسرائيلي، لكن اهتمامه بالصراع كان متقطعًا.
وقال ماكوفسكي: "الأمر أشبه بالليل والنهار مع إدارة بايدن، التي كانت تحاول التحكم في تفاصيل عمليات إسرائيل". وأضاف: "المسؤولون الإسرائيليون لا يتلقون اتصالات هاتفية. لا أعتقد أنهم يتعرضون لضغوط بشأن عدد شاحنات المساعدات القادمة".
وأفاد موقع "أكسيوس" الأمريكي، أمس الاثنين، بأن إسرائيل ستشن عملية برية جديدة في غزة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع حماس بحلول عودة ترامب من زيارته إلى المنطقة. وقال ماكوفسكي، الذي حضر مؤخرًا اجتماعات مع كبار المسؤولين الإسرائيليين، إن التقرير يتوافق مع فهمه.
وأضاف أنه عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، كان ترامب أكثر تركيزًا على الدبلوماسية الناشئة التي تهدف إلى منع إيران من تطوير قنبلة نووية.
وفي بيان صدر أمس الاثنين، صرّح برايان هيوز، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، بأن ترامب "لا يزال ملتزمًا بضمان الإفراج الفوري عن الرهائن وإنهاء حكم حماس في غزة". وأضاف أن "حماس تتحمل وحدها المسؤولية عن هذا الصراع، وعن استئناف الأعمال العدائية" – على حد زعمه.
وذكرت "نيويورك تايمز" أن أحد مؤشرات هذا التحول هو منصب المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف. وقالت إنه في الأيام الأولى لرئاسة ترامب، انخرط ويتكوف في دبلوماسية إسرائيل وحماس سعيًا لتمديد اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت الذي تم التوصل إليه في 15 يناير.
لكن ويتكوف أصبح منذ ذلك الحين مبعوثًا خارقًا متجولًا يوازن بين مهام متعددة، وقد تولّى المطور العقاري السابق وصديق ترامب القديم ملف إيران، والتقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أربع مرات لمناقشة الملف الأوكراني.