الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بدء التصعيد الإسرائيلي.. اليمن تحت القصف

  • مشاركة :
post-title
موقع سقوط صاروخ حوثي قرب مطار بن جوريون

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في تصعيد غير مسبوق، امتدت ألسنة الحرب من غزة وجنوب لبنان، لتصل إلى أجواء مطار بن جوريون، في قلب إسرائيل، فجماعة الحوثي، التي ظلت لسنوات محصورة في جبهات اليمن، أعلنت أمس الأحد، من العاصمة صنعاء عن فصل جديد في معادلة الاشتباك الإقليمي، معلنة أنها تعمل على "فرض حصار جوي شامل" على إسرائيل على الرغم من البُعد الجغرافي، لينطلق صاروخ من اليمن ويسقط بالفعل داخل مطار بن جوريون، معلنًا بداية مرحلة جديدة قد تُغيّر قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، وتُزيد من تعقيد الحسابات الأمنية والسياسية في تل أبيب وواشنطن على حد سواء.

تهديد بحصار جوي شامل

في تسجيل مصور بثته وسائل إعلام تابعة لجماعة الحوثي، أعلن المتحدث العسكري للجماعة، يحيى سريع، أن قواتهم قررت الرد على ما وصفه بـ"التصعيد الإسرائيلي في غزة ولبنان وسوريا"، وذلك بفرض حصار جوي شامل على إسرائيل، واستهداف المطارات الإسرائيلية بشكل متكرر، وعلى رأسها مطار اللد، المعروف بمطار بن جوريون".

ودعا "سريع" شركات الطيران العالمية إلى وقف رحلاتها من وإلى إسرائيل حفاظًا على "سلامة طائراتهم وعملائهم"، محذرًا من أن استهداف المطارات سيكون ممنهجًا ومتصاعدًا.

بحسب ما نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، فإن بيان الحوثيين أثار ردود فعل دولية، حيث أعلنت بالفعل عدد من شركات الطيران الدولية تعليق رحلاتها إلى تل أبيب، بينما ألغت شركات أخرى رحلاتها إلى أجل غير مسمى.

هجوم غير مسبوق

للمرة الأولى منذ بدء الهجمات الحوثية على إسرائيل، تمكّن صاروخ باليستي أُطلق من الأراضي اليمنية من اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية وضرب مطار بن جوريون مباشرة، وأسفر الهجوم عن إصابة خمسة أشخاص بجروح متوسطة وطفيفة، إلى جانب أضرار مادية، وتسبب في حالة من الذعر وإلغاء فوري لعشرات الرحلات الدولية.

وبحسب تحقيق أولي أجرته أجهزة الأمن الإسرائيلية، فإن منظومة "حيتس" فشلت في اعتراض الصاروخ نتيجة خلل في توجيه الصاروخ الاعتراضي، كما فشل صاروخ آخر أُطلق من منظومة "ثاد" الأمريكية في إصابة الهدف، ما أثار علامات استفهام حول قدرة هذه الأنظمة على التصدي للتهديدات القادمة من مسافات بعيدة.

مطار بن جوريون الإسرائيلي بعد سقوط صارخ بالقرب منه
رد إسرائيلي

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو علّق على الهجوم الحوثي في منشور على منصة "إكس"، اقتبس فيه ما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: "هجمات الحوثيين تنطلق من إيران"، وأضاف نتنياهو: "سترد إسرائيل في الوقت والمكان الذي نختاره، على أسيادهم الإيرانيين الإرهابيين".

لكن ورغم هذه التصريحات النارية، قرر المجلس الأمني المصغر في إسرائيل، وفقًا لـ"يديعوت أحرونوت"، عدم مناقشة الرد على اليمن خلال اجتماعه الطارئ، مركّزًا في المقابل على استئناف العمليات العسكرية في قطاع غزة.

إلا أن المعادلة سرعان ما تغيّرت، فبعد يوم ونصف اليوم فقط من الهجوم على مطار بن جوريون، شنّت إسرائيل ما وصفته بهجوم واسع النطاق على ميناء الحديدة ومواقع حوثية أخرى في عملية أطلق عليها اسم "مدينة الموانئ"، نُفذت بالتنسيق الكامل مع القوات الأمريكية.

نقلت "يديعوت أحرنوت" عن مصدر أمني إسرائيلي أن العملية الجوية في اليمن نُفذت بالتوازي مع هجمات أمريكية متزامنة، وأسفرت عن قصف نحو 50 هدفًا، وتضمنت الهجمات تدمير ميناء الحديدة ومصانع للخرسانة تُستخدم في تصنيع الأنفاق والأسلحة، ووصف المصدر الهجوم بـ"القوي جدًا"، متوعدًا بالمزيد: "هذه مجرد البداية، اللعبة انتهت".

في السياق ذاته، أعلن الجيش الإسرائيلي أن الطائرات المقاتلة استهدفت منشآت تعتبر "مصادر دخل رئيسية للنظام الحوثي"، بما في ذلك ميناء الحديدة ومصنع باجل للخرسانة شرقي المدينة، والذي يُستخدم لبناء الأنفاق والبنية التحتية العسكرية.

ولم تقتصر الضربات الإسرائيلية على اليمن، فقد هاجمت الطائرات الإسرائيلية أهدافًا لحزب الله في لبنان، كما استُهدفت مواقع في محيط العاصمة السورية دمشق، ووفقاً لـ"يديعوت أحرونوت"، فإن هذه الضربات تمثل رسالة واضحة من إسرائيل بأنها لن تترك أي ساحة خارج إطار التصعيد.

واشنطن تتحرك دون حسم

من جانبهم، أكد قياديو جماعة الحوثي أن الهجمات الإسرائيلية والأمريكية لن تثنيهم عن استهداف إسرائيل، وصرّح محمد البخيتي، عضو المكتب السياسي للجماعة، بأن "التصعيد سيقابل بتصعيد"، مضيفًا أن "قدراتنا الصاروخية في أماكن آمنة، والهجوم على مطار بن جوريون كان مجرد تحذير".

كما قال نصر الدين عامر، مسؤول إعلامي حوثي، إن "الهجمات على المنشآت المدنية لن تؤثر على معنويات الشعب اليمني ولا على عملياته العسكرية"، مؤكدًا أن "الحصار البحري والجوي على إسرائيل لن يُرفع إلا بوقف العدوان على غزة".

منذ منتصف مارس الماضي، كثّفت إدارة ترامب ضرباتها ضد الحوثيين، بمعدل غير مسبوق مقارنة بإدارة بايدن، وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية أن أكثر من 800 هدف حوثي تعرّض للهجوم، ما أدى إلى مقتل المئات من عناصر الجماعة، بمن فيهم قيادات بارزة.

رغم ذلك، لم تحقق العمليات الأمريكية الهدف الأساسي منها بوقف الهجمات الحوثية على إسرائيل وممرات الملاحة في البحر الأحمر، بل على العكس، واصل الحوثيون إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، في مؤشر على صمود بنيتهم العسكرية.

حتى وقت قريب، كانت إسرائيل تمتنع عن الرد المباشر على الحوثيين، مفضّلة ترك المهمة للولايات المتحدة، بناء على تفاهمات أمنية، لكن بعد أن انفجر صاروخ في مطار بن جوريون، أعلنت إسرائيل الرد المباشر.

وفي مقطع فيديو نشره لاحقًا، قال نتنياهو: "نحن نتحرك ضدهم، تحركنا في الماضي، وسنتحرك في المستقبل، إنها ليست ضربة وانتهى الأمر". وأكد أن الولايات المتحدة تتحرك بالتنسيق مع إسرائيل، مضيفًا أن "هناك ضحايا سيقعون".

وفي سياق متصل، أفادت صحيفة "كيهان" اللندنية المقربة من المعارضة الإيرانية، باندلاع حريق في مستودع ذخيرة تابع للحرس الثوري في كازرون جنوب إيران، وهو ما أُضيف إلى سلسلة من الانفجارات الغامضة، أبرزها في ميناء الشهيد رجائي في بندر عباس، الذي أسفر عن مقتل 70 شخصًا وإصابة المئات.