مع تصاعد حرب الرسوم الجمركية الأخيرة بين الصين وأمريكا، بدأت بعض الدول الإفريقية الاعتماد على اليوان الصيني كبديل للدولار بطريقة غير رسمية، لتسوية معاملاتها التجارية مع بكين، وقد اتخذت نيجيريا، ثاني أكبر مستورد للمنتجات الصينية في إفريقيا، وكينيا خطوات فعّالة في هذا الاتجاه.
اليوان بديل للدولار
في حي إيستلّي بنيروبي، وهو أحد أكبر المراكز التجارية في كينيا، ظهر نظام جديد يعتمد على شركات الخدمات اللوجستية كوسطاء لتحويل المدفوعات من الشلن الكيني إلى اليوان الصيني. هذه الشركات لا تكتفي بتحويل الأموال فحسب، بل تتولى أيضًا شحن البضائع من مراكز التوريد الصينية مثل قوانجتشو وييوو وتسليمها للتجار في كينيا.
تقول آن كيمونتو، تاجرة في إيستلّي: "أحدد ما أحتاجه من الصين وأدفع عبر وكيل محلي لديه مكتب في قوانجتشو. بهذه الطريقة، أحصل على أسعار صرف أفضل من البنوك"، بحسب صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" الصادرة من هونج كونج.
هذا التوجّه يأتي في وقت تزداد فيه التوترات الجيوسياسية عالميًا، ومع سعي الصين المستمر لتوسيع دور عملتها في التجارة الدولية، رغم أن الدولار لا يزال يهيمن على المشهد على حد تعبير الصحيفة الصادرة من هونج كونج. فدول مثل كينيا ونيجيريا بدأت تتفاوض مع الصين بشأن قروض باليوان بدلاً من الدولار، في محاولة لتقليل الاعتماد على العملة الأمريكية.
وفي نيجيريا، التي تُعد ثاني أكبر مستورد للبضائع الصينية في إفريقيا، تنتشر أيضًا المعاملات غير الرسمية باليوان، خاصة في الأسواق الكبرى مثل ألابا في لاجوس. ورغم توقيع اتفاقية مبادلة عملات مع الصين منذ عام 2018، لا يزال العديد من التجار يعتمدون على الشبكات غير الرسمية بسبب أسعارها التنافسية وسرعتها مقارنة بالبنوك.
شبكات موازية
دراسة حديثة للأستاذة جينج جينج ليو من جامعة ماكيوان الكندية كشفت كيف يستخدم رواد الأعمال النيجيريون اليوان عبر شبكات شبيهة بنظام "الحوالة"، مستعينين بالمكالمات والرسائل النصية والتحويلات البنكية المحلية، لتفادي الرسوم المرتفعة والتحويلات الدولية المعقدة.
ويقول الخبير أوفيجوي إيجويجو من شركة "ديفيلوبمنت ريمجند" إن هذه الظاهرة مرشحة للانتشار في مناطق أخرى خارج إفريقيا، نتيجة عوامل اقتصادية وسياسية، مشيرًا إلى أن التجار يبحثون عن بدائل مضمونة لتجنّب الاضطرابات الناجمة عن التوتر بين بكين وواشنطن.
لورين جونستون، المتخصصة في الشؤون الصينية الإفريقية، ترى أن الفجوة بين قوة الصين التجارية وضعف حضور اليوان المالي تعود إلى رغبة بكين في إبقاء السيطرة على اقتصادها. لكنها تؤكد أن العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs) قد تغيّر المعادلة قريبًا.
وفي هذا السياق، تستعد نيجيريا لتوقيع اتفاق مع الصين لاستخدام العملة الرقمية الصينية مباشرة، وهو ما سيتيح للتجار النيجيريين استبدال النايرا باليوان بسهولة أكبر، ويقلل من الاعتماد على الدولار.