عملت الصين في الأيام القليلة الماضية على تشجيع استخدام العملات المحلية في المعاملات التجارية بينها وبين دول القارة السمراء، في محاولة للتخلص من هيمنة الدولار على الأسواق الإفريقية التي تعاني ديونًا طائلة.
ونظرًا للعلاقات الوطيدة التي يتمتع بها التنين الصيني مع القارة السمراء، تفوقت الصين على الولايات المتحدة في عام 2009 لتصبح أكبر شريك تجاري لدول إفريقيا، بتوقيع اتفاقيات تجارة ثنائية بين بكين و40 دولة من القارة. وفي عام 2000 بلغ حجم التجارة بين الصين وإفريقيا 10 مليارات دولار وبحلول عام 2014 نمت إلى 220 مليار دولار.
ووضعت الحكومة الصينية خطة محكمة لتنفيذ أهدافها، التي بدأت باتجاه إصدار سندات "الباندا" باليوان عبر الحدود. فضلًا عن إنشاء الكثير من أفرع بنوكها في مختلف دول القارة السمراء.
سندات "الباندا"
خلال العام الماضي، أصدرت مصر سندات "الباندا" المقومة باليوان الصيني، بقيمة 3.5 مليار يوان (490 مليون دولار أمريكي)، عندما قررت اختيار الاقتراض الأقل تقليدية. حسبما ذكرت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست".
وتدرس كينيا، التي تواجه مشكلات في سداد الديون، إصدار سندات "الباندا" لتأمين الأموال اللازمة لسحب سندات "اليورو" البالغة قيمتها 2 مليار دولار، التي من المفترض أن تبدأ في سدادها هذا العام.
إنشاء بنوك
عندما تهبط في مطار "كينيث كاوندا" الدولي في لوساكا، تعلن إحدى اللوحات الإعلانية التي ترحب بك في العاصمة الزامبية عن خدمات "بنك الصين". وبالإضافة إلى زامبيا، لدى "بنك الصين" فرع في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، بالإضافة إلى مكتب تمثيلي في العاصمة الكينية نيروبي. حسبما ذكرت صحيفة "تشاينا ديلي" الصينية.
وفي الآونة الأخيرة، أعلن البنك أيضًا أن قسمه الزامبي سيساعد في تعزيز استخدام اليوان في التجارة كجزء من جهود الصين لترويج العملة الصينية في إفريقيا.
استخدام اليوان
ومن المرجح أن تستمر بكين في تشجيع الشركات الصينية على استخدام اليوان في المدفوعات التجارية عبر الدول المشاركة في مبادرة الحزام والطريق، وفقًا لروبرت جرين، الباحث في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي.
وقال "جرين"، إنه في عام 2024، "يمكننا أن نشهد توسعًا في وجود أكبر البنوك المملوكة للدولة الصينية في إفريقيا، إضافة إلى مزيد من النمو في ترتيبات التسوية باليوان عبر الحدود بين الصين وإفريقيا".
وأضاف: "من المهم أيضًا مراقبة كيفية نمو ارتباط البنوك الإفريقية بالصين".
وتم إطلاق مركز تسوية اليوان عبر الحدود بين الصين وإفريقيا في مقاطعة تشجيانج في منتصف عام 2023، وتمتلك موريشيوس الآن مركز المقاصة الثالث للعملة الصينية في إفريقيا، بعد جنوب إفريقيا وزامبيا.
وقال جرين: "يمكننا أن نرى اتفاقيات جديدة تشمل البنك المركزي الصيني والبنوك التجارية المملوكة للدولة بهدف زيادة استخدام اليوان في المدفوعات التجارية عبر الحدود بين الصين وإفريقيا".
وفي نيجيريا، تفيد التقارير بأن السياسيين يعملون على إحياء اتفاقية تبادل العملات الثنائية لعام 2018 مع البنك المركزي الصيني.
وفي أغسطس الماضي، قام أكبر بنك في جنوب إفريقيا، ستاندرد بنك، وأكبر بنك صيني مملوك للدولة، البنك الصناعي والتجاري الصيني، بتجديد شراكة طويلة الأمد تعمل على تسهيل استخدام اليوان عبر 15 سوقًا إفريقية.
وأكد الباحث في مؤسسة كارنيجي إن العديد من الأسواق الناشئة تتبع سياسات تهدف إلى زيادة استخدام العملات المحلية في المدفوعات التجارية عبر الحدود.
وقال: "في بعض الولايات القضائية، يعتقد المسؤولون أن مثل هذه السياسات يمكن أن تقلل الطلب المحلي على الدولار، وتساعد في معالجة انخفاض قيمة العملة المحلية ومخاطر سعر الصرف".