بعد ما يقرب من 100 عام، قد يكون النظام السياسي البريطاني ثنائي الحزب على وشك الانهيار، إذ يُمثل حزب نايجل فاراج، حزب الإصلاح البريطاني الشعبوي اليميني، تحديًا خطيرًا لحزب العمال الحاكم وحزب المحافظين المعارض، بحسب "نيويورك تايمز".
حقّق حزب نايجل فاراج، زعيم حزب الإصلاح البريطاني المناهض للهجرة، مكاسب كبيرة في الانتخابات المحلية في إنجلترا، وهو ما عزّز سمعة زعيم حزب الإصلاح البريطاني المناهض للهجرة، كأبرز مُخرب سياسي في البلاد، وأحد أشهر مؤيدي الرئيس ترامب في بريطانيا، ومع وجود خمسة أحزاب تتنافس الآن على الأصوات في نظام يناسب حزبين فقط، أصبحت السياسة البريطانية غير قابلة للتنبؤ إلى حد كبير.
على مدار القرن الماضي تقريبًا، تناوبت السلطة في بريطانيا بين حزب العمال الحاكم، بقيادة رئيس الوزراء كير ستارمر، وحزب المحافظين المعارض، الذي اختار العام الماضي زعيمًا جديدًا، كيمي بادينوخ.
لكن مع تزايد الدعم لحزب الإصلاح والمكاسب التي حققتها أحزاب صغيرة أخرى، بدا هذا الاحتكار الثنائي أكثر هشاشة، وربما أحدث الفوز الأخير ثغرة في النظام السياسي الثنائي في البلاد.
لا يزال المحافظون يعانون آثار إقصائهم من السلطة العام الماضي، وقد تكبدوا نتائج كارثية أخرى، فمع ركود الاقتصاد، عوقب حزب العمال من قبل الناخبين الغاضبين من قيود الإنفاق الحكومي وزيادة الضرائب المفروضة منذ توليه السلطة.
قال روبرت فورد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة مانشستر إن الناخبين رفضوا كلا الحزبين الرئيسيين، مضيفًا أنه في حال حدوث نتيجة كهذه في الانتخابات العامة، سيفقد حزب المحافظين وجوده كقوة مؤثرة في البرلمان.
صرّحت كلير أينسلي، مديرة السياسات السابقة ستارمر، أن النتائج عكست أيضًا اتجاهات طويلة المدى، بما في ذلك انهيار الولاءات التقليدية بين الناخبين، والجاذبية المتزايدة للسياسات القومية، والدعم المتزايد للديمقراطيين الليبراليين الوسطيين، وحزب الخضر، والمرشحين المستقلين.
وأضافت "أينسلي"، التي تعمل الآن في بريطانيا لدى معهد السياسة التقدمية، وهو معهد أبحاث مقره واشنطن: "لقد شهدنا تفككًا في المجتمع، وقد انعكس ذلك على سياساتنا، ويوجد الآن تصويت متعدد الأحزاب".
ويواجه الحزبان الرئيسيين صعوبات، إذ يجدان نفسيهما يتنافسان ليس فقط مع بعضهما البعض، بل أيضًا مع خصومهما من اليسار واليمين السياسيين.
انبثق حزب العمال من رحم الحركة النقابية، وكان يُنظر إليه في السابق على أنه حزب الطبقة العاملة، معقله في المناطق الصناعية الشمالية والوسطى من البلاد، كان المحافظون يمثلون الطبقات الثرية والمتوسطة، مع تركيز الدعم بشكل رئيسي في الجنوب.
تُجرى الانتخابات البرلمانية البريطانية وفق نظام يُعرف باسم "الفائز الأول"، إذ يُنتخب المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات في كل دائرة انتخابية من أصل 650 دائرة، وحتى الآن، كان هذا النظام عادةً في غير صالح الأحزاب الصغيرة.
ومع محاولات كسر الاحتكار الثنائي لحزب العمال وحزب المحافظين، كانت القاعدة العامة الحاجة إلى 30% على الأقل للتغلب على التحيزات المتأصلة في نظام الفائز بالأكثرية، كما كتب بيتر كيلنر، خبير استطلاعات الرأي.
مع تزايد الأحزاب المتنافسة وعدم وجود قوة مهيمنة، تتغير الحسابات، ولم تعد نقطة التحول لحزب مثل الإصلاح هي 30%، بل ربما حوالي 25% فقط.
فاز الحزب اليميني المتطرف "إصلاح المملكة المتحدة" أول أمس الجمعة، في أول انتخابات تجرى في إنجلترا منذ أن تولى كير ستارمر رئاسة الوزراء، إذ تمكن من انتزاع مقعد برلماني من حزب العمال بزعامة رئيس الوزراء الجديد. كذلك فاز حزب الإصلاح بعشرات المقاعد في مجالس محلية على حساب حزبي العمال والمحافظين