أعاد المكتب الاتحادي لحماية الدستور في ألمانيا تصنيف حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD) كحزب يميني متطرف، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا وأشعلت النقاش مجددًا حول احتمال حظره، بحسب ما أورد موقع NTV الألماني.
التصنيف الجديد، الذي وصف الحزب بأنه "كيان لا يحترم كرامة الإنسان"، استند إلى تقييم أمني شامل خلص إلى أن الحزب يتبنى خطابًا إقصائيًا قائمًا على التمييز العرقي، في توجه يتنافى مع القيم الدستورية الألمانية. ومن جانبه، أعلن الحزب نيته اتخاذ إجراءات قانونية للطعن في هذا القرار.
مبررات التصنيف
ووفقًا لوكالة الاستخبارات الداخلية الألمانية (BfV)، فإن الحزب يروّج لفكرة تقسيم المجتمع على أساس عرقي، ويستبعد فئات من المواطنين—خصوصًا من أصول مهاجرة أو من بلدان ذات غالبية مسلمة—من الانتماء الكامل للأمة الألمانية. وأكد تقرير الهيئة أن "حزب البديل لا يعتبر هؤلاء مواطنين متساوي الحقوق"، وهو ما يتجلى في تصريحات متكررة من قياداته، كما نقل موقع "تاجز شاو" الألماني.
وفي هذا السياق، أشار التقرير إلى تصريحات لعضو البرلمان هانيس جناوك، قال فيها: "ينبغي أن يُسمح لنا مجددًا بتحديد من هو ألماني ومن ليس كذلك". كما أورد التقرير خطابًا لزعيمة الحزب أليس فايدل، ألقت فيه باللائمة على المهاجرين في انتشار جرائم جنسية، معتبرة أن "ما يحدث في شوارع ألمانيا هو حرب دينية تُشن على الشعب الألماني".
هجرة مرة أخرى
تحت شعار "الهجرة مرة أخرى"، صرّح مسؤولون في الحزب مطلع عام 2024 بضرورة ترحيل ملايين الأشخاص من ألمانيا، بمن فيهم من يحملون الجنسية الألمانية. وأثارت هذه التصريحات موجة انتقادات داخلية ودولية.
انتقادات أمريكية
تصنيف الحزب كـ"يميني متطرف" لم يمر بهدوء على المستوى الدولي. فقد انتقد مسؤولون أمريكيون، خاصة من إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، القرار الألماني بشدة، معتبرين أنه يمس بحرية التعبير. نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس اتهم برلين بـ"إعادة بناء جدار برلين"، والتقى لاحقًا بزعيمة الحزب أليس فايدل على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن.
أما وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، فوصف الخطوة بـ"الطغيان المقنع"، معتبرًا أن منح وكالة الاستخبارات الداخلية صلاحيات رقابية كهذه يفتح الباب لما سماه "الاستبداد الخفي".
الرد الألماني
جاء الرد من وزارة الخارجية الألمانية سريعًا، إذ أكدت عبر منصة "إكس" أن القرار جاء نتيجة "تحقيق مستقل لحماية الدستور"، وأشارت إلى أن "مواجهة التطرف اليميني واجب تاريخي ألماني". كما أوضحت أن الحزب يمكنه الطعن في القرار قانونيًا.
استطلاعات الرأي: انقسام شعبي حول الحظر
تُظهر استطلاعات الرأي التي أجراها معهد INSA أن نحو 48% من الألمان يؤيدون حظر الحزب، مقابل 37% يعارضونه، فيما احتفظ 15% بموقف محايد. أما فيما يتعلق بتأثير الحظر المحتمل، فإن 39% يعتقدون أنه سيكون ضارًا بالديمقراطية، بينما يرى 35% أنه قد يعززها.
شعبية متصاعدة
ورغم هذا التصنيف، لا يزال الحزب يتمتع بشعبية متزايدة. ففي انتخابات فبراير 2025، حصل الحزب على أكثر من 20% من الأصوات، ليصبح أكبر قوة معارضة في البلاد، خلف تحالف الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي فقط.
لكن عزله عن المشهد الحكومي لا يزال قائمًا، إذ ترفض معظم الأحزاب الألمانية التعاون معه بسبب مواقفه المتطرفة. في المقابل، بدأت بعض الجهات السياسية بالتحرك فعليًا لحشد الدعم القانوني الكافي لحظر الحزب، وسط نقاش وطني محتدم حول حدود حرية التعبير وأسس الديمقراطية.