قد يكون مفاجئًا أن يُعد المحامون أكثر الناس تعاسة على الكوكب، وذلك بحسب استطلاع أجرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، باستخدام تحليل بيانات، الهدف منه هو تحديد أكثر الوظائف سعادة وأكثرها تعاسة في الولايات المتحدة.
واستعرضت كاثلين باركر، كاتبة المقال في واشنطن بوست، والحاصلة على جائزة "بوليتزر" مرتين، نتيجة الاستطلاع، قائلة إن ذلك لا يعني أن جميع المحامين يكرهون وظيفتهم، لكن البيانات لا تكذب، وبخاصة أن عددًا كبيرًا من أفراد عائلتها كانوا ولا يزالون "محامين"، وتابعت أن تحليل البيانات تم إجراؤه بواسطة قسم البيانات في "واشنطن بوست"، باستخدام قواعد بيانات ضخمة للإجابة على الأسئلة التي يطرحها القراء، كما تمت الاستعانة بآلاف المجلات، واستطلاع أجراه "مكتب إحصاءات العمل"؛ لمعرفة من هو سعيد أو تعيس في وظيفته.
ما هي السعادة؟
وحاولت كاتبة المقال الإجابة عن سؤال "ما هي السعادة؟"، وتابعت أنها سألت والدها المحامي عما إذا كان سعيدًا، ففكر، ثم قال: "بالنسبة لبعض الناس، السعادة هي الحياة بدون توتر"، وتوقعت باركر أن والدها يعبر عن رأيه الشخصي، لكن إجابته جاءت متوافقة مع نتائج استطلاع "واشنطن بوست"، فكلما قل التوتر، زادت السعادة، ولذلك، فإن الإنسان الأسعد هو الأقل توترًا.
الشياطين السعداء.. المزارعون والحطابون وعمال الغابات
ذكر الاستطلاع أن أصحاب الوظائف الأسعد في الولايات المتحدة هم الحطابون، وعمال الغابات، والمزارعون، والقاسم المشترك بين الثلاثة واضح، وهو أنهم يعملون في الهواء الطلق، فهم بمثابه عازفون منفردون يتواصلون مع الطبيعة، بعيدًا عن ضغوط الحياة المكتبية والأعمال الورقية، إذ يعيش المزارعون وهم مرتبطون بشكل وثيق مع الأرض، يحرثون التربة ويتنفسون، ويزرعون المحاصيل، ويعتنون بها ويحصدونها، وينهون كل يوم بالرضا، وفي النهاية يطعمون العالم، وبالمثل يُشرف عمال الغابات على الأراضي، ويعملون للحفاظ على النظم البيئية، والتخفيف من تغير المناخ، ويمكن لشجرة واحدة يبلغ طولها 30 قدمًا تخزين مئات الأرطال من ثاني أكسيد الكربون خلال عمرها، كما يمكن بعد ذلك استخدام أخشابها للسكن، وذلك بحسب تعبير وزارة الزراعة الأمريكية، أما الحطابون الذين يعانقون الأشجار ويحصدونها لأغراض مثل الإسكان والأثاث والمنتجات الاستهلاكية الأخرى، وصحيح أنهم مسؤولون جزئيًا عن إزالة الغابات، لكنهم أيضًا يستمتعون بعملهم ويعانون من ضغوط قليلة.
القرب من الطبيعة
وتابعت الكاتبة أن هناك أسبابًا ميتافيزيقية للسعادة، وهي أنهم يقضون وقتهم بالقرب من الطبيعة، فإن العيش المتناغم مع دورات الأرض وفصولها له تأثير صحي على الجسم والعقل والروح، ولذلك يبني الرهبان في التبت أديرة على قمم الجبال البعيدة، مضيفة أن سكان المدن قد يرون أنهم يتصلون بالطبيعة بطرق حضرية، ربما من خلال قضاء يوم في حديقة، أو خلال إجازة، حيث يمكنهم مراقبة مد وجزر المحيطات والأنهار والبحيرات، أو رؤية الحياة البرية، كما يمكنهم الذهاب إلى حديقة الحيوانات، لكن تلك التكيفات تفتقر إلى نقطة أساسية، وهي أن مراقبة الطبيعة أمر، وكون الفرد جزء منها شيء آخر، فقضاء الوقت بالقرب من الطبيعة، والعيش المتناغم مع دورات الأرض وفصولها، له تأثير صحي على الجسم والعقل والروح.