يواجه سكان غزة خطر الطرد من وطنهم، في إطار خطة غريبة اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتبناها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحلفاؤه من اليمين المتطرف دون تردد.
وذكرت صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ينفذ الآن مقترح التهجير الذي طرحه ترامب وقُوبل برفض دولي واسع النطاق.
وقالت الصحيفة: "على الرغم من إدانته في جميع أنحاء العالم باعتباره تطهيرًا عرقيًا، وصف نتنياهو اقتراح ترامب بإفراغ القطاع المدمر من سكانه البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة وإعادة بنائه، بأنه الخطة الوحيدة القابلة للتطبيق".
وأضافت الصحيفة أنه منذ أن انتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين في غزة، واستأنفت عدوانًا عنيفًا أدى مرة أخرى إلى إجبار الناس على النزوح من أماكن لجوئهم، يخشى سكان غزة أن يكون الاحتلال بصدد تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي.
ولزيادة الضغوط على السكان، منعت إسرائيل دخول كل المساعدات إلى القطاع لأكثر من 50 يومًا، وأنشأت "وحدة هجرة طوعية" لتشجيع سكان غزة على المغادرة، واستولت على ما يقرب من ثلث القطاع كمناطق "عازلة"، تخطط لإبقاء قواتها فيها حتى بعد انتهاء الحرب.
ولفتت "فايننشيال تايمز" إلى أن إسرائيل في تصعيدها للعدوان على غزة، تحظى بدعم واضح من إدارة ترامب، مشيرة إلى رفض السفير الأمريكي الجديد لدى إسرائيل مايك هاكابي، الدعوات للسماح بدخول المساعدات إلى القطاع، وحثَّ المجتمع الدولي على "ممارسة الضغط في المكان المناسب، على حماس".
وقالت الصحيفة إن الكثيرين من سكان غزة، الذين كانوا يأملون أن تنتهي الحرب بوقف إطلاق النار وإعادة الإعمار، لم يكونوا يتخيلون تدهور الوضع أكثر، لكنهم يعانون من عواقبه.
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، غزة بأنها "ساحة قتل"، حيث يُحاصر المدنيون في "حلقة موت لا نهاية لها".
ونقلت الصحيفة عن شادي صقر، الذي يعيش مع زوجته وأطفاله الأربعة في أنقاض شقتهم المدمرة بمدينة غزة (شمال القطاع)، إنهم لا يجدون ما يسد رمقهم، موضحًا أن ابنه عدي، البالغ من العمر 15 عامًا، يقف في طابور لساعات يوميًا للحصول على الماء، الذي يحمله معه في رحلة طويلة إلى منزله عبر الشوارع المليئة بالأنقاض.
ويصر "صقر" على عدم مغادرة القطاع، وهذا موقف شائع على نطاق واسع، فكثير من سكان غزة هم أحفاد للاجئين تم طردهم من أرضهم خلال " النكبة" عام 1948.
وقال لـ"فايننشيال تايمز"، متحدثًا عن جيش الاحتلال: "يظنون أننا مجرد أحجار شطرنج يحركونها.. لا أحد سيطردني من أرضي.. من سيدفن جثث من لا يزالون تحت الأنقاض؟ سأبقى معهم حيًا أم ميتًا".
ومن جهته، أعلن جيش الاحتلال أنه سيواصل الحرب حتى يتمكن من القضاء على حماس وإعادة المحتجزين الـ59 المتبقين لدى الحركة، والذين يُعتَقَد أن أقل من نصفهم لا يزالون على قيد الحياة.
وكان للحصار الإسرائيلي -الذي تزعم إسرائيل أنه يهدف إلى تقويض سيطرة حماس على السكان- أثر مدمر، إذ نفدت إمدادات المواد الأساسية، بما في ذلك الأدوية والمياه النظيفة والوقود، وأعلن برنامج الغذاء العالمي نفاد مخزونه من الغذاء في غزة.
ويخضع نحو 70% من غزة الآن لأوامر إخلاء قسري من جيش الاحتلال الإسرائيلي، أو صُنفت مناطق عسكرية محظورة، مع نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين.
وقالت لينا أحمد، وهي أم لطفلة تبلغ من العمر عامين، إنها غاضبة من العالم لوقوفه متفرجًا على إسرائيل وهي "ترتكب إبادة جماعية ضدنا".
ونزحت سهيلة خليل، وهي أم لأربعة أطفال، في وقت سابق من الحرب إلى مخيم المواصي، الذي صنفته إسرائيل "منطقة إنسانية" ولكنها قصفته مرارًا وتكرارًا، ما أدى إلى إشعال النيران في الخيام وحرق سكانها.
وتقول "سهيلة" إن الأسرة تقضي أيامها الآن في البحث عن الخشب والبلاستيك لحرقهما كوقود للطهي، أو البحث عن الطعام والماء "بينما تتجنب القنابل"، لكنها مع ذلك أصرت على أنها لن تذهب إلى أي مكان آخر، قائلة: "سنعيد بناء كل شيء.. هذه أرضنا.. دماء عشرات الآلاف من الشهداء يجب ألا تذهب هدرًا".