الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الحرس السويسري.. جيش صغير بتاريخ كبير يؤمن مراسم وداع البابا فرنسيس

  • مشاركة :
post-title
الحرس السويسري بجانب جثمان البابا فرنسيس

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تستعد روما اليوم السبت 26 أبريل لاستقبال مئات الآلاف من المشاركين في مراسم جنازة البابا فرنسيس الذي توفي فجر الاثنين 21 أبريل، وفي خضم هذا الحدث التاريخي، يبرز الحرس السويسري البابوي، ذلك الجيش الصغير المميز بزيه الملون، ليؤدي دورًا محوريًا في تأمين المراسم وحماية الفاتيكان خلال هذه الفترة الحساسة.

تاريخ عريق وزي لافت للأنظار

يعد الحرس السويسري أصغر جيش في العالم بقوة قوامها 135 جنديًا فقط، ووفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية، يعود تاريخ هذه القوة العسكرية إلى مطلع القرن السادس عشر، حين استعان البابا يوليوس الثاني بالمرتزقة السويسريين المعروفين بشجاعتهم وولائهم الشديد لحمايته.

ما يميز هؤلاء الحراس هو زيهم التقليدي الملون ذو الأكمام المنتفخة والياقات المجعدة والخوذات المزينة بالريش؛ مما يجعل الكثير من الزوار يشبهونهم بمهرجي البلاط في العصور الوسطى، إلا أن خلف هذا المظهر التراثي يكمن فريق عسكري محترف خضع لتدريبات صارمة ومكثفة.

مهام الحراسة أثناء فترة الحداد

مع وفاة البابا فرنسيس، انتقل الحرس السويسري إلى مهمة جديدة تتمثل في المشاركة بعملية تأمين شاملة بالتعاون مع الشرطة الإيطالية المتخصصة والجيش.

وقد رفض متحدث باسم الحرس السويسري إجراء مقابلات صحفية قائلًا: "نحن جميعًا مشغولون جدًا بالتركيز على هذه المهمة."

بدأت واجبات الحرس هذا الأسبوع بحراسة جثمان البابا، عندما تم نقله إلى تابوت في كنيسة منزله "كاسا سانتا مارتا". وقد ظهر الحراس بزيهم التقليدي الأحمر والأصفر والأزرق حاملين حرابهم التقليدية "الهالبرد" أثناء وقوفهم بجانب التابوت المفتوح الذي نُقل عبر ساحة القديس بطرس إلى الكاتدرائية، حيث يسجى جثمان البابا.

ويتناوب اثنان من الحراس على الوقوف بجانب الجثمان في حالة من اليقظة التامة، حيث يلاحظ الزوار أنهم بالكاد يرمشون بأعينهم خلال فترات الحراسة الطويلة، في مشهد يعكس الانضباط العسكري العالي الذي يتمتعون به.

تحديات أمنية استثنائية

بعد قداس الجنازة اليوم، سيشارك الحرس في موكب نقل التابوت من الفاتيكان إلى كاتدرائية سانتا ماريا ماجيوري في حي إسكويلينو بروما، حيث سيدفن البابا فرنسيس في مقبرة اختارها بنفسه.

ومع وصول نحو 170 وفدًا أجنبيًا، بما في ذلك وفود يترأسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والأمير ويليام من بريطانيا، إلى جانب حوالي 200 ألف حاج إلى روما، تنتظر الحرس السويسري مهام مُكثفة وغير مسبوقة.

وسيكون على الحرس أيضًا حراسة المجمع الكنسي (الكونكلاف)، خلال الاقتراع السري لانتخاب بابا جديد الذي سيُعقد في كنيسة سيستين، مع استمرار دورياتهم المعتادة على حدود الفاتيكان.

شروط صارمة للانضمام وتسليح حديث

تفرض الفاتيكان معايير صارمة للغاية للانضمام إلى صفوف الحرس السويسري، فكما تذكر صحيفة "الجارديان"، يجب أن يكون المرشح ذكرًا، سويسري الجنسية، يتراوح عمره بين 19 و30 عامًا، وألا يقل طوله عن 1.74 متر، وألا يكون متزوجًا، ويجب أن يكون كاثوليكيًا متدينًا ذا "شخصية لا تشوبها شائبة".

وعلى الرغم من أن الحربة التقليدية هي سلاحهم الرمزي، إلا أن الجنود يتلقون تدريبات على استخدام الأسلحة الصغيرة الحديثة، بما في ذلك مسدسات الصعق الكهربائي التي أُدخلت مؤخرًا ضمن تجهيزاتهم.

تعزيزات وتطورات حديثة

في عام 2018، قام البابا فرنسيس بزيادة عدد أفراد الحرس من 110 إلى 135 جنديًا، وذلك عقب سلسلة من الهجمات الإرهابية في أوروبا، واستعدادًا لعام اليوبيل الكاثوليكي 2025.

ومن المتوقع استمرار الإجراءات الأمنية المشددة خلال الأسابيع المقبلة، حيث ستشهد روما والفاتيكان تواجدًا مكثفًا للحجاج والزوار من جميع أنحاء العالم لوداع البابا فرنسيس ومتابعة تطورات اختيار خليفته.

رمز تاريخي للولاء والاستمرارية

يمثل الحرس السويسري أكثر من مجرد قوة عسكرية، إذ إنه جزء من التراث التاريخي للفاتيكان وأحد رموزه البصرية الأكثر شهرة.

ومع مرور خمسة قرون على تأسيسهم، لا يزالون يؤدون مهامهم بنفس الولاء والانضباط الذي عُرفوا به عبر التاريخ. فبينما يودع العالم الكاثوليكي بابا ويستعد لاستقبال آخر، يظل "أصغر جيش في العالم" ثابتًا في مهمته التاريخية لحماية البابوية وتقاليدها العريقة.