أعلن الملياردير إيلون ماسك، تقليص دوره في إدارة الكفاءة الحكومية (DOGE) بدءًا من مايو المقبل، مما يثير تساؤلات عميقة حول مستقبل مبادرة خفض النفقات التي تبناها الرئيس دونالد ترامب، إذ كشف ماسك عن أنه سيخفض وقته المخصص للعمل الحكومي بشكل كبير، ليقتصر على يوم أو يومين أسبوعيًا، مع التركيز على استعادة أداء شركته "تسلا" التي تضررت بشدة جراء ارتباطه بإدارة ترامب.
أزمة تسلا وراء الانسحاب الجزئي
تواجه شركة تسلا للسيارات الكهربائية أزمة حادة دفعت ماسك لمراجعة أولوياته، حيث انخفضت أرباحها الفصلية بنسبة مذهلة بلغت 71 بالمائة، متراجعة من 1.4 مليار دولار إلى 409 ملايين دولار فقط، كما هبط سعر سهم الشركة بنحو 50 بالمائة منذ ديسمبر الماضي، في أحدث مؤشر على التداعيات السلبية لعمل ماسك مع ترامب.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة "ذا هيل" عن دان إيفز، المحلل في شركة ويدبوش للأوراق المالية، قوله: "دقّت الساعة الثانية عشرة - كان عليه أن يختار بين تسلا أو إدارة الكفاءة الحكومية".
وأضاف إيفز: "DOGE اكتسبت حياة خاصة بها، أعتقد أن حتى إيلون قلل من تقديرها"، مشيرًا إلى أن "الضرر الذي لحق بالعلامة التجارية عالميًا، الطريقة الوحيدة لإنهائه هي أن يتراجع ماسك بشكل كبير عن إدارة الكفاءة الحكومية والبيت الأبيض لترامب".
صراعات وتوترات مع كبار المسؤولين
لم يقتصر الأمر على الصعوبات الاقتصادية، بل امتد ليشمل خلافات شخصية حادة مع مسؤولين رفيعي المستوى في إدارة ترامب، إذ كشفت الصحيفة الأمريكية عن أن ماسك دخل في مواجهات متعددة، أبرزها مع وزير الخارجية ماركو روبيو، خلال اجتماع مجلس الوزراء الشهر الماضي، حيث اتهمه بالفشل في تخفيض عدد موظفي وزارة الخارجية بشكل كافٍ، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز.
كما تبادل الملياردير التكنولوجي كلامًا حادًا مع وزير النقل شون دافي في نفس الاجتماع بشأن إدارة الطيران الفيدرالية ومراقبي الحركة الجوية.
والأكثر إثارة، دخل ماسك في مشادة كلامية مع وزير الخزانة سكوت بيسنت الأسبوع الماضي في البيت الأبيض على مسمع من الرئيس نفسه، كما ذكر موقع "أكسيوس".
ووفقًا لمصدر مقرب من البيت الأبيض، فإن مغادرة ماسك لإدارة الكفاءة الحكومية، هي مزيج من شعور فريق ترامب بالضغط من الجمهوريين لخلق مسافة بينهم وبينه، والضغط على ماسك من مستثمري تسلا.
وأضاف المصدر: "إنه شخصية مثيرة للجدل، وترامب لا يريد تحمّل مسؤوليته، الجمهوريون لا يريدون تحمّل مسؤوليته".
مستقبل المبادرة بعد تراجع دور ماسك
على الرغم من انسحاب ماسك الجزئي، تبدو هناك مؤشرات على استمرارية بعض جوانب المبادرة، خاصة مع اندماج العديد من موظفي إدارة الكفاءة الحكومية في مختلف الوكالات الفيدرالية.
فقد تم تعيين تايلر هاسن، أحد مسؤولي ماسك البارزين، في منصب مساعد وزير لشؤون السياسة والإدارة والميزانية في وزارة الداخلية، ومنح سلطات واسعة لتنفيذ عمليات "الدمج والتوحيد والتحسين" في الوزارة ومكاتبها.
في المقابل، شهدت المبادرة أيضًا بعض الانتكاسات، حيث تم إقصاء جافين كليجر، أحد موظفي إدارة الكفاءة الحكومية، مؤخرًا من منصبه في مصلحة الضرائب، من قبل وزير الخزانة بيسنت، وفقًا لمجلة "بوليتيكو".
موقف البيت الأبيض الرسمي
أكد مسؤول كبير في البيت الأبيض أن إدارة الكفاءة الحكومية ستستمر في عملها بغض النظر عن مستوى مشاركة ماسك، واصفًا المبادرة بأنها تعمل على "الطيار الآلي".
وشدد المسؤول على أن "إيلون ماسك لم يكن أبدًا صاحب الكلمة الأخيرة. لم يكن صانع القرار في أي من هذه الوكالات"، مضيفًا: "لدينا الكثير لنحققه، ونحن نبدأ للتو".
وأوضح المسؤول أن المبادرة "مندمجة بشكل جيد جدًا مع الحكومة الفيدرالية، وهي مندمجة بشكل جيد جدًا كمكون من مكونات البيت الأبيض"، مؤكدًا أنه "لن يتغير شيء فيما يتعلق بوظيفة وعمليات وهدف إدارة الكفاءة الحكومية".
دعم ترامب المستمر ودور الكونجرس المستقبلي
على الرغم من التحديات، أشاد الرئيس ترامب بدور ماسك في دعم حملته الانتخابية وفي إدارة الكفاءة الحكومية، قائلًا: "لا يمكنني التحدث بشكل أكثر إيجابية عن أي شخص. إنه رجل لا يُصدّق؛ إنه رجل عبقري؛ إنه شخص رائع، وكان مساعدًا هائلًا".
وأضاف: "لقد ساعد البلاد، أريد أيضًا أن أتأكد من أنه سيكون في حالة جيدة"، مشيرًا إلى العلاقة الشخصية والسياسية الوثيقة التي تربطه بالملياردير التكنولوجي.
ومع تراجع دور ماسك، يرى كريس جونسون، الاستراتيجي الجمهوري، أن جزءًا متزايدًا من جهود إدارة الكفاءة الحكومية سيتعيّن أن ينتقل إلى الكونجرس.
وقال للصحيفة: "إذا كان الرئيس جادًا بشأن خفض الإنفاق وخفض الهدر والتعامل مع تضخم الحكومة الفيدرالية، فيجب أن يحدث ذلك من خلال الكونجرس".