الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

شهران من الفوضى.. "البنتاجون" محاصر بين أزمات هيجسيث وسوء إدارته

  • مشاركة :
post-title
بيت هيجسيث وزير الدفاع الأمريكي

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تشهد وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" حالة اضطراب غير مسبوقة حاليًا بعد شهرين فقط من تولي بيت هيجسيث منصب الوزير، إذ تحاصره سلسلة من الفضائح والتسريبات التي تهدد مستقبله السياسي وتلقي بظلالها على إدارة الرئيس دونالد ترامب الثانية، في وقت حرج يواجه فيه الأمن الدولي تحديات غير مسبوقة، بحسب صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية

من الإعلام إلى البنتاجون

بدأ "هيجسيث"، البالغ من العمر 44 عامًا، حياته المهنية كمقدم برامج في شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية لسنوات قبل أن يعيّنه ترامب وزيرًا للدفاع في إدارته الثانية.

وفي محاولة للدفاع عن نفسه، ظهر هيجسيث مؤخرًا على شاشة فوكس نيوز مصرحًا: "نحن نركز على التجنيد، واقتلاع مفاهيم التنوع والمساواة والشمول، وتأمين حدودنا الجنوبية الغربية، وأجندة الرئيس، والأمور تسير بشكل جيد للغاية في البنتاجون، وأنا فخور بذلك".

كان هيجسيث أحد أكثر اختيارات ترامب المثيرة للجدل في مجلس وزرائه، وكما أشارت "فايننشال تايمز"، كادت الاتهامات بأنه غير مؤهل للمنصب، إلى جانب مزاعم بسوء السلوك الجنسي والإفراط في تناول الكحول، أن تُسقط تأكيده من قبل مجلس الشيوخ. ولم يتم كسر الجمود في المجلس إلا عندما تدخل جيه دي فانس، نائب ترامب، للإدلاء بصوت مرجِّح.

بدأت فترة هيجسيث في وزارة الدفاع بتطهير مبكر لكبار الضباط العسكريين، بما في ذلك استبدال الجنرال سي كيو براون بالجنرال دان كاين في رئاسة هيئة الأركان المشتركة، في محاولة لإعادة تشكيل المؤسسة العسكرية وفق رؤيته الجديدة.

فضيحة "سيجنال"

تعرض هيجسيث لضربة قوية عندما كشفت التقارير عن قيامه بمناقشة معلومات عسكرية حساسة مع أفراد عائلته عبر تطبيق المراسلة المشفر "سيجنال"، وذلك بعد أسابيع فقط من تعرضه لانتقادات لنشره تفاصيل حول عملية عسكرية في مجموعة رسائل منفصلة.

وبحسب ما أوردته شبكة NBC الإخبارية، فإن المعلومات التي شاركها هيجسيث في مجموعة الرسائل التي تضم أفراد عائلته كانت أُرسلت إليه عبر نظام آمن من قبل الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، وهو ما يشكل خرقًا أمنيًا خطيرًا.

وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن الأزمة الأولى تعود إلى مارس الماضي عندما جرت مشاركة محادثة على تطبيق "سيجنال" بين مسؤولين أمريكيين كبار يناقشون تفاصيل الضربة العسكرية ضد أهداف الحوثيين في اليمن مع صحفي من مجلة "ذي أتلانتيك" بطريق الخطأ.

وكتب هيجسيث آنذاك: "لتكن بركات الله مع محاربينا" أثناء وصفه لتفاصيل العملية.

وتقاسم هيجسيث اللوم في ذلك الخرق مع مايك والتز، مستشار الأمن القومي الأمريكي الذي أدرج خطأً مراسل مجلة ذي أتلانتيك في سلسلة رسائل سيجنال.

فوضى إدارية

أدى انشغال هيجسيث المتزايد بالتسريبات الداخلية إلى إجراءات صارمة أثارت المزيد من الجدل، إذ كشفت "فايننشال تايمز" عن قيامه بطرد ثلاثة من كبار مساعديه، جلبهم معه إلى وزارة الدفاع، وهم: دان كالدويل، ودارين سيلنيك، وكولين كارول.

وقال الثلاثي، في بيان مشترك، إنهم كانوا ضحية "هجمات لا أساس لها" وإنهم لم يُبلغوا حتى بما كان يجري التحقيق فيه.

هيجسيث شدد على موقفه ضد حلفائه السابقين، وصرح لـ"فوكس نيوز" بأن هناك "أدلة كافية للاعتقاد بأنهم أو آخرين قريبين منهم كانوا طرفًا في التسريب".

كما أعاد تعيين جو كاسبر، رئيس أركانه، في دور مختلف داخل البنتاجون، ما زاد من حالة الارتباك والفوضى الإدارية.

وفي مقال لاذع نشرته صحيفة بوليتيكو، كتب جون أوليوت، المتحدث السابق باسم البنتاجون تحت إشراف هيجسيث ومسؤول في البيت الأبيض خلال فترة ترامب الأولى: "الشهر الماضي شهد انهيارًا كاملًا في البنتاجون وهو يصبح مشكلة حقيقية للإدارة".

انتقادات متصاعدة

على الرغم من أن غالبية الجمهوريين لا يزالون إلى جانب هيجسيث، إلا أن الانتقادات بدأت تتصاعد من داخل الحزب، إذ كتب جون بولتون، مستشار الأمن القومي لترامب خلال فترة رئاسته الأولى، على منصة "إكس": "يخبر خلل هيجسيث بقية البنتاجون وشركائنا حول العالم أن مكتب وزير الدفاع غير جاد".

وفي تطور لافت، خرج دون بيكون، النائب الجمهوري من نبراسكا والجنرال السابق في سلاح الجو، عن الصف في مقابلة مع بوليتيكو، قائلًا إن سلوك وزير الدفاع "غير مقبول" وأنه لن "يتسامح" معه إذا كان رئيسًا.

في المقابل، شنَّ الديمقراطيون هجومًا حادًا على إدارة هيجسيث للبنتاجون، محذرين من تداعياتها على الأمن القومي الأمريكي.

ونقلت "فايننشال تايمز" عن دون باير، عضو مجلس النواب الديمقراطي من ولاية فرجينيا التي تضم مقر وزارة الدفاع، قوله: "البنتاجون في حالة كارثية الآن.. هذا رجل متهور وأحمق والجميع من حوله يعرفون ذلك".

وأضاف: "حلفاؤنا في الناتو عليهم أن يتساءلوا حقًا عما يحدث في البنتاجون عندما يرون شخصًا مثل هيجسيث يقوده. وفي الوقت نفسه، في الصين وروسيا، لا بد أنهم مسرورون".

البيت الأبيض يدافع

اضطرت حالة الفوضى في البنتاجون ترامب وكبار مسؤولي البيت الأبيض إلى الإسراع للدفاع عن هيجسيث في محاولة لحماية سمعة إدارتهم، فكما أشارت "فايننشال تايمز"، إذا أُجبر هيجسيث على الاستقالة، فسيكون ذلك إحراجًا كبيرًا للبيت الأبيض، وسيؤدي إلى بحث صعب عن بديل يمكن أن يحظى بموافقة مجلس الشيوخ.

ودافعت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، عن هيجسيث قائلة إنه ببساطة هدف "لحملة تشويه".

وأضافت: "وزير الدفاع يؤدي عملًا رائعًا.. وهو يجلب تغييرًا هائلًا في البنتاجون. وهناك الكثير من الناس في المدينة الذين يرفضون التغيير الهائل".

ومع بقاء هيجسيث في المنصب، هناك قلق من أن يكون لدى ترامب وزارة دفاع مشلولة في وقت يحاول فيه المضي قدمًا في تحقيق أهداف سياسة خارجية طموحة، بما في ذلك التوسط في اتفاق سلام في أوكرانيا، وإصلاح الناتو، واستقرار الشرق الأوسط، والتعامل مع مخاطر تصعيد جديد مع الصين.