أخلى نحو 200 متظاهر من المؤيدين للقضية الفلسطينية والرافضين لحرب الإبادة على غزة، اعتصامهم في حرم جامعة "ييل"، مساء أمس الثلاثاء، وسط مخاوف من إجراءات انتقامية قد تُتخذ بحقهم، وفق ما أفادت به وسائل إعلام طلابية محلية، للنيوزويك الأمريكية.
وتم تنظيم الاحتجاج في ساحة داخل الحرم الجامعي، رفضًا لفعالية مرتقبة يُفترض أن يشارك فيها وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن جفير، قرب حرم الجامعة، بحسب صحيفة "ييل نيوز".
وشهدت الاحتجاجات توافد المشاركين ابتداءً من الثامنة مساء، إذ شرعوا في نصب الخيام داخل الساحة، لكن قبل الساعة 11:30 ليلاً، دعا المنظمون الحشود إلى المغادرة فورًا، بسبب "تهديدات محتملة بالانتقام"، مع حثّهم على العودة مجددًا للاعتصام، اليوم الأربعاء.
في الوقت نفسه، وزعت بييلار مونتالفو، نائبة رئيس الجامعة لشؤون الحياة الجامعية، بطاقات تحوي رموز QR تتيح الوصول إلى سياسات الجامعة الخاصة بالتعبير، إلى جانب تنبيه مكتوب جاء فيه: "يرجى التوقف فورًا عن نشاطكم الحالي. عدم الامتثال قد يعرّضكم لإجراءات تأديبية من الجامعة أو للاعتقال".
يُذكر أن قوانين جامعة ييل تشترط الحصول على إذن كتابي لنصب خيام أو وضع أي تجهيزات في المساحات الجامعية، كما تفرض إنهاء جميع الفعاليات الاجتماعية، بحلول الساعة 11:00 ليلًا من الأحد حتى الخميس.
وبعد تفكيك الاعتصام، تُركت الخيام في مكانها ليقوم موظفو الأمن الجامعي بإزالتها.
وقال متحدث باسم الجامعة لصحيفة ييل نيوز: "الأنشطة التي قامت بها المجموعة انتهكت سياسات ييل المتعلقة بالوقت والمكان وطريقة التعبير. وأوضحت الجامعة تلك السياسات بشكل مباشر، مع التحذير من تبعات خرقها".
وكتب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عبر منصة Truth Social في 4 مارس الماضي: "سيتم وقف جميع التمويلات الفيدرالية لأي كلية أو جامعة تسمح باحتجاجات غير قانونية. سيتم سجن المحرّضين أو ترحيلهم نهائيًا إلى بلدانهم الأصلية. أما الطلاب الأمريكيون فسيُطردون نهائيًا، أو يُعتقلون حسب الجريمة. لا للأقنعة!".
هذا، وقد دعا منظمو الاعتصام إلى العودة للاحتجاج، اليوم الأربعاء، في حين لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان ذلك سيحدث بالفعل.
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، توجه الطالب الفلسطيني في جامعة كولومبيا محسن مهداوي، إلى مكتب الهجرة في ولاية فيرمونت، للشروع في الخطوة الأخيرة نحو الحصول على الجنسية الأمريكية، لكن بدلًا من إجراء المقابلة، اقتيد مهداوي - الذي يقيم في الولايات المتحدة منذ عقد - مُكبل اليدين.
وقال محاميه لشبكة CNN، إن مسؤولي الهجرة احتجزوا مهداوي، وهو منظم بارز للاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الحرم الجامعي قبل عام، في منشأة تابعة لخدمات المواطنة والهجرة الأمريكية في كولشيستر، فيرمونت، حيث يقيم.
ويبدو أن احتجازه جزء من جهد أوسع نطاقًا من جانب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لقمع المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، منذ الربيع الماضي، وأصدر قاضي محكمة مقاطعة فيرمونت أمرًا تقييديًا مؤقتًا يمنع ترحيله من الولايات المتحدة أو فيرمونت.
وتشن الإدارة الأمريكية الحالية حملات ممنهجة ضد طلاب الجامعات، الذين شاركوا في مظاهرات مؤيدة للقضية الفلسطينية ووقف حرب الإبادة على غزة، وتجري عمليات الاعتقال بحقهم بهدف ترحيلهم عن الأراضي الأمريكية، في وقت يحاول فيه الطلاب المعنيون تقديم طعون أمام القضاء لوقف القرارات الصادرة بحقهم. كما لم يقتصر الأمر على الطلاب، إذ وجهت الإدارة سهامها على الجامعات أيضًا لإجبارها على تقييد العمل السياسي داخلها. هذه القضايا لفتت انتباه العديد من مؤسسات حقوق الإنسان باعتبارها اختبارًا لحقوق حرية التعبير في ظل إدارة دونالد ترامب.
وأعلنت إدارة جامعة كولومبيا، تغييرات تتعلق بـ"قواعد الاحتجاجات" داخل حرمها وإجراء مراجعة فورية لقسم الدراسات الشرق أوسطية، بعد مطالب من إدارة ترامب، بهدف استعادة التمويل الحكومي.
في هذا الإطار، نظمت مجموعة من الأساتذة وقفة احتجاجية اعتراضًا على قرارات الإدارة، مطالبين بالدفاع عن حرية التعليم.
لكن مسؤولين حكوميين حييوا الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الجامعة، ما يؤشر إلى أن الدعم الحكومي سيستعاد.
وتعرضت الجامعة لانتقادات عدة من الصحف، كان أبرزها مقال لصحيفة "الجارديان" البريطانية تحت عنوان: "هل لا تزال جامعة كولومبيا تستحق اسم جامعة؟".