الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"ملك أمريكا المجنون".. كيف أصبح ترامب أكثر تهورا؟

  • مشاركة :
post-title
الرئيس أحاط نفسه برجال ونساء مخلصين له وغير راغبين في تحديه

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

الاثنين الماضي، سعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تعزيز الدعم الشعبي لرسومه الجمركية الضخمة الشاملة، وكتب: "لدى الولايات المتحدة فرصة لفعل شيء كان ينبغي فعله منذ عقود.. لا تكن ضعيفًا.. لا تكن غبيًا.. لا تكن مذعورًا".

لكن بحلول الأربعاء، رضخ ترامب للضغط العالمي وأوقف سياساته الطائشة وغير المتماسكة وغير الكفؤة، بعد أن فرضت إدارته رسومًا جمركية على منطقة أسترالية لا يسكنها سوى عدد كبير من البطاريق، بينما خلقت حالة من الذعر المالي كادت أن تُدمر الاقتصاد الأمريكي وتُطلق شرارة ركود عالمي.

وبالفعل، إثر قرارات ترامب الجمركية، تبخرت تريليونات الدولارات من قيمة سوق الأسهم في غضون أيام.

وفي مقاله بمجلة "ذا أتلانتيك" عن الرئيس العائد إلى البيت الأبيض، يصف الكاتب بيتر وينر، الرئيس الـ 47 للولايات المتحدة -وقبلها كان الـ 45- بأنه "رجلٌ قضى معظم حياته، وجزءًا كبيرًا من رئاسته، يُضلّل الرأي العام، حتى اصطدم بجدار الواقع".

يضيف: "أثبتت المعلومات المضللة، والتضليل الإعلامي، والتنمر، والمنشورات المسيئة على مواقع التواصل الاجتماعي عدم فعاليتها.. لم تخف تهديدات الرئيس المُسنّ من أسواق الأسهم والسندات.. لقد حارب ترامب الواقع، وانتصر الواقع".

عدم الاكتراث

بينما لم تمضِ على ولاية ترامب الثانية سوى أقل من 90 يومًا، يبدو أن إدارته ستُواجِه صدامات أخرى بينه وبين العالم الحقيقي.

هنا، يلفت "وينر" إلى أنه "لن نرى في ترامب صفاتٍ لم نرَها من قبل، لكننا سنراها في صورةٍ أكثر تطرفًا.. إنه أكثر اندفاعًا، وأكثر انتقامًا، وأكثر فوضويةً مما كان عليه في ولايته الأولى".

بعبارة أخرى، يبدو ترامب، كما صرّح مسؤولٌ في البيت الأبيض لصحيفة "واشنطن بوست" أنه "بلغ ذروة عدم الاكتراث"، كما أن الرئيس إذا تلقى أخبارًا سيئة "لا يُبالي لأنه سيفعل ما ينوي فعله".

لذلك يصف وينر ترامب بأنه "ملك أمريكا المجنون"، وما يزيد المشكلة تعقيدًا، أن الرئيس أحاط نفسه برجال ونساء مخلصين له تمامًا، غير راغبين في تحديه، وبالتأكيد غير قادرين على احتوائه.

وأضاف: "حتى كيم جونج أون (زعيم كوريا الشمالية) شعر بالخجل من الثناء الذي أغدقه عليه أعضاء حكومته خلال اجتماعاتهم".

علاوة على ذلك، يلفت المقال إلى أن إدارة ترامب "مليئة بذكاء من الدرجة الثالثة، ومنظري مؤامرة، ومنبوذين". قائلا إنهم "غير مؤهلين حتى لإدارة مدينة في ألاباما أو نبراسكا، ناهيك عن الحكومة الفيدرالية".

الخبث وعدم الكفاءة

يهاجم المقال المنشور في "ذا أتلانتيك" إدارة ترامب بضراوة، ويرى أن "مزيجهم من الخبث وعدم الكفاءة أدى إلى اضطرابات هائلة وخطيرة، وفي بعض الحالات قاتلة".

ويضرب الكاتب عددًا من الأمثلة، منها الصيغة التي استخدمها ترامب لحساب الرسوم الجمركية، قائلًا إنها "لم تكن غير حكيمة فحسب، بل كانت غير منطقية أيضًا". أيضًا، قال وزير تجارته إنه لا أمل للرئيس في التراجع عن رسومه الجمركية، لكن ترامب تراجع عنها في الأسبوع التالي.

والجمعة الماضي، أعلنت الإدارة الأمريكية أنها ستعفي أجهزة iPhone وأجهزة الكمبيوتر وغيرها من الأجهزة الإلكترونية من الرسوم الجمركية، ويوم الأحد، أعلن ترامب أن هذا لا "يُعتبر إعفاءً من الرسوم الجمركية".

وبخلاف ترامب، ففي إدارته من يقومون بتصرفات غريبة أيضًا، منهم وزير الدفاع بيت هيجسيث، الذي في غمرة شغفه بتطهير المحتوى المتعلق بالتنوع والمساواة والشمول، أصدر أوامر غامضة، بينها إزالة مذكرات مايا أنجيلو "أعرف لماذا يغني الطائر المحبوس" من مكتبة الأكاديمية البحرية الأمريكية، لكنه ترك نسخًا من كتاب الزعيم النازي أدولف هتلر "كفاحي".

أيضًا، في ظهوره ببرنامج المذيع تاكر كارلسون، لم يُفرط ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب والمفاوض الرئيسي المكلف بإنهاء الحرب في أوكرانيا، في مدح الزعيم الروسي فلاديمير بوتين فحسب، بل كرّر أيضًا دعاية الكرملين القائلة بأن "الأغلبية الساحقة" من سكان أربع مناطق أوكرانية احتلتها روسيا وضمّتها يريدون الانضمام إليها.

وخلال المقابلة، واجه ويتكوف -وهو مطوِّر عقاري- صعوبة في تذكر أسماء تلك المناطق الأوكرانية.

أمّا الكارثة الأشهر فهي إضافة رئيس تحرير مجلة "ذا أتلانتيك"، جيفري جولدبرج، عن طريق الخطأ إلى مجموعة دردشة على تطبيق "سيجنال"، تضم مسؤولين كبارًا من إدارة ترامب، كانوا ينسقون غارة جوية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن.

وبخلاف أمثلة أخرى، يُشدد وينر على أن "هذا النوع من عدم الكفاءة واضحٌ في كل ما يلمسه ترامب ومن في إدارته تقريبًا.. وتأكدوا أيضًا أن هناك العديد من حالات عدم الكفاءة المماثلة التي لا نعرف عنها شيئًا بعد. ولا يزال أمام ترامب أكثر من 1350 يومًا".

وأضاف: "ستُحدد رئاسة ترامب الثانية -أكثر من الأولى- رغباته الاستبدادية وعجزه. قد يُعوق هذا الأخير الأول؛ فالكفاءة المفرطة قد تُسهم في تفكيك المؤسسات الديمقراطية، لكن وجود إدارة مليئة بالحمقى والمستهترين قد يُعوق هذا الجهد ويُحفز استياءً شعبيًا، بل وحتى مقاومته".