بينما لا تزال الولايات المتحدة وإيران تستكشفان طريقهما نحو المفاوضات النووية بوساطة عُمانية، كانت طهران تحتفل بـ"يوم الجيش"، والذي استعرضت فيه الجمهورية الإسلامية قوتها العسكرية، حيث اصطف آلاف الجنود في شوارع العاصمة، إلى جانب نظام الدفاع الصاروخي "S-300"، والطائرات بدون طيار، وغيرها من المعدات العسكرية.
وفي الوقت الذي وقف فيه الرئيس مسعود بزشكيان ليشاهد هذا العرض العلني للقوة ويشيد به، لكن خلف الكواليس تسعى إيران إلى الدبلوماسية؛ كما يشير تقرير لشبكة NBC News الأمريكية.
فقبل أن يجلس لإجراء محادثات مع نظيره الروسي سيرجي لافروف، اليوم الجمعة، سافر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى موسكو، حيث التقى الرئيس فلاديمير بوتين، ونقلت وكالة أنباء "تاس" الروسية الرسمية عن عراقجي قوله بعد اجتماعه مع بوتين أمس الخميس: "أصدقاؤنا الروس قدموا لنا المعلومات اللازمة".
ومن المقرر أن يتوجه عراقجي إلى العاصمة الإيطالية روما لإجراء محادثات مع المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، غدًا السبت، إذ من المتوقع أن يستأنفا المحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني الذي يتقدم بسرعة.
وكان الرجلان التقيا في سلطنة عُمان السبت الماضي، وعقدا أول جولة محادثات -غير مباشرة- بين البلدين منذ عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
طاولة المفاوضات
عقب محادثات السبت الماضي التي جرت في مسقط بوساطة عُمانية، وصف كلٌ من الأمريكيين والإيرانيين تلك المحادثات بأنها إيجابية وبناءة.
لكن إيران منذ ذلك الحين تشعر بالارتباك إزاء الرسائل المختلطة التي أرسلتها إدارة الرئيس دونالد ترامب بشأن ما إذا كانت تريد منها تفكيك برنامجها النووي بالكامل.
ونقلت وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء عن عراقجي قوله في موسكو: "الحقيقة هي أننا نتلقى رسائل متناقضة وغير متسقة من الولايات المتحدة".
وأضاف: "من وجهة نظرنا، ما يهم هو ما يُقال على طاولة المفاوضات".
وكان ويتكوف اقترح، في وقت سابق، أن إيران يمكن أن تخصب اليورانيوم إلى حد 3.6%، لكنه تراجع عن ذلك في وقت لاحق، قائلًا إن التخلي الكامل عن البرنامج هو الهدف.
ولو تم تحديد الحد الأقصى عند هذا المستوى، لكان ذلك متوافقًا مع الاتفاق النووي الذي وقعته إيران عام 2015 مع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة -الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والصين والمملكة المتحدة- فضلًا عن ألمانيا والاتحاد الأوروبي.
وفي الاتفاق، المعروف رسميًا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، عرضت على طهران مليارات الدولارات من تخفيف العقوبات مقابل موافقتها على الحد من برنامجها النووي. لكن ترامب انسحب من الاتفاق عام 2018 وفرض عقوبات على طهران.
بعدها، تخلت إيران عن جميع القيود، ويُعتقد أنها خصبت اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، أي ما يقارب مستوى تخصيب الأسلحة البالغ 90%، كما تشير NBC News.
حذر شديد
في وقت سابق، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن ترامب تراجع عن دعم خطط إسرائيل لضرب المواقع النووية الإيرانية لصالح إعادة التفاوض على الاتفاق.
وقال الرئيس الأمريكي للصحفيين في المكتب البيضاوي، أمس الخميس، عندما سئل عن الغارات الجوية المحتملة على إيران: "أعتقد أن إيران لديها فرصة للحصول على دولة عظيمة والعيش بسعادة دون موت.. أود أن أرى ذلك، هذا هو خياري الأول".
يقول التقرير: "حتى الآن، تعاملت إيران مع المحادثات بحذر وشكٍّ في ترامب، ولكن خلال صلاة الجمعة في طهران، كانت رسالة المرشد الأعلى كاشفة: يجب أن تكون البلاد منفتحة على هذه المفاوضات".
يضيف: "ورغم أن حشدًا ضم آلاف الإيرانيين في حرم جامعة طهران هتف (الموت لأمريكا)، قال المرشد الأعلى إن إيران يجب أن تتعامل مع المحادثات بحذر شديد لأن الولايات المتحدة وإدارة ترامب أثبتتا أنه لا يمكن الوثوق بهما".
في الوقت نفسه، هدد ترامب بقصف إيران إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، وأرسلت الولايات المتحدة حاملة طائرات ثانية إلى المياه في الشرق الأوسط قبل محادثات غدٍ السبت.
أيضًا هدد الرئيس الأمريكي بتوسيع نطاق التعريفات الجمركية على الدول الأخرى التي تشتري النفط الإيراني، في محاولة لإجبار طهران على زيادة العقوبات الشاملة المفروضة بالفعل.