صفقات مجزّأة ومصير مؤجّل.. حماس ترفض عروض نتنياهو
في زمنٍ تتقاطع فيه النيران مع المفاوضات، وتُنسج فيه خيوط السياسة من أشلاء الواقع الفلسطيني، تتكشّف مجددًا تفاصيل أزمة بين حركة حماس الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، إذ أعلنت الحركة رفضها القاطع لعرض إسرائيلي وصفته بـ"التعجيزي"، وسط إصرارٍ من حكومة نتنياهو على مواصلة الحرب، ولو كان الثمن أرواح المحتجزين الإسرائيليين في غزة.
حماس: لن نقبل بصفقات جزئية
أعلنت حركة حماس، أمس الخميس، أنها رفضت بشكل رسمي العرض الإسرائيلي الأخير بشأن صفقة لتبادل الأسرى، مؤكدةً أن حكومة بنيامين نتنياهو تستخدم الصفقات الجزئية كغطاء لأهدافها السياسية التي تتمحور حول إطالة أمد الحرب في غزة.
وقالت الحركة في بيان لها: "عملنا لأكثر من عام ونصف العام في مفاوضات مضنية، وأوفينا بجميع التزاماتنا، لكن نتنياهو وحكومته انقلبوا على الاتفاق قبل إتمام المرحلة الأولى منه"، وأكدت الحركة أن الوسطاء عادوا للتواصل معها بعد تفاقم الأزمة التي حمّلت نتنياهو مسؤوليتها الكاملة.
وأضاف البيان أن حماس وافقت على مقترح الوسطاء في نهاية شهر رمضان، رغم قناعتها بأن نتنياهو يصر على استمرار الحرب لحماية مستقبله السياسي، وأن رد الحكومة الإسرائيلية جاء بشروط وصفتها الحركة بـ"التعجيزية"، لا تقود إلى وقف إطلاق النار أو انسحاب قوات الاحتلال من القطاع.
صفقة شاملة
المسؤول البارز في حركة حماس ورئيس وفدها في المفاوضات خليل الحية، أوضح -في خطاب متلفز- أن الحركة مستعدة للدخول في مفاوضات فورية تشمل إطلاق سراح جميع المحتجزين مقابل الإفراج عن عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين، وانسحاب إسرائيلي كامل من غزة، والبدء في إعادة إعمار القطاع.
وأضاف الحية أن "سلاح المقاومة مرتبط بوجود الاحتلال، وهو حق طبيعي للفلسطينيين، كما لكل الشعوب الخاضعة للاحتلال"، وأكد أن أي اتفاق لا يشمل وقف الحرب والانسحاب من غزة لن يكون مقبولًا.
دعوات إسرائيلية لمواصلة الحرب
في أعقاب رفض حماس للمقترح الإسرائيلي، تصاعدت الأصوات داخل حكومة الاحتلال مطالبةً بمزيد من التصعيد العسكري، ودعا وزير المالية المتطرف وعضو مجلس الوزراء الأمني، بتسلئيل سموتريتش، إلى "فتح أبواب الجحيم على حماس"، مؤكدًا أن إسرائيل "لن تتراجع ولن تنهي الحرب دون تحقيق نصر كامل"، حسب "يديعوت أحرونوت" العبرية.
وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن جفير، انضم إلى هذه الدعوات، وكتب في بيانين منفصلين أن "الوقت حان لتحقيق النصر الكامل"، مدعيًا أن إعلان حماس يفتح الباب أمام إسرائيل لتحقيق أحلامها، دون أي حديث عن صفقة أو وقف لإطلاق النار.
أما وزير التعليم يوآف كيش، فشدد على ضرورة زيادة الضغط على الحركة، عبر "قوة عسكرية حازمة لا هوادة فيها"، باعتبارها الطريقة الوحيدة لإجبار حماس على إعادة الرهائن.
روايات متضاربة
نقلت شبكة "بي بي سي" البريطانية عن مصدر فلسطيني رفيع، أن حماس رفضت اقتراحًا إسرائيليًا بوقف إطلاق نار لمدة ستة أسابيع، يتضمن إطلاق سراح عشرة محتجزين أحياء و16 متوفين، كما أكد القيادي في حماس، محمود مرداوي، في تصريح متلفز، أن الحركة "لن تفاوض في أي مرحلة حول الأسلحة أو من يحملها"، مضيفًا أن نزع سلاح المقاومة هو مطلب إسرائيلي فقط، ولم يكن ضمن أي مقترحات للوسطاء.
في ظل الجمود السياسي، أجرى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو جلسة تقييم أمني مع طاقم التفاوض ورؤساء الأجهزة الأمنية، بحسب بيان صدر عن مكتبه، وأوضح البيان أن نتنياهو "وجّه بمواصلة الخطوات التي تعزز فرص إطلاق سراح المحتجزين".
رسالة غاضبة
وأرسل ذوو المحتجزين رسالة غاضبة إلى وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، الذي يقود فريق التفاوض الإسرائيلي، قالوا فيها إنهم "غادروا الاجتماع معه مذلولين وغاضبين"، بعد أن لم يتلقوا أي خطة عملية أو موعد واضح لإعادة أبنائهم.
وطالب ذوو المحتجزين بعدم التمييز بين المحتجزين، وعدم التخلي عن أيٍّ منهم، داعين الحكومة إلى عدم تقديم أولويات شخصية على حساب أرواح الآخرين.
وأصدرت هيئة أهالي المحتجزين بيانًا اعتبرت فيه أن "ديرمر" غير مؤهل لقيادة فريق التفاوض، خاصة بعد تحديده إطارًا زمنيًا يتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر دون خطة ملموسة، وجاء في البيان: "إذا كانت المهمة أكبر من طاقتك، فاستقل، اترك منصبك ودع من يستطيع أن يقدّم اتفاقًا يعيد الجميع دفعة واحدة وفورًا".