"اكتشاف واعد وتلميحات لوجود حياة محتملة".. هذا ما قاله فريق بريطاني أمريكي من علماء الفلك، في بحث جديد أعلنوا من خلاله عثورهم على أقوى دليل حتى الآن على إمكانية وجود حياة على كوكب بعيد خارج نظامنا الشمسي أطلقوا عليه اسم K2-18b.
ويعرف علم الحياة خارج الأرض بعلم الأحياء الفلكي "الأستروبيولوجي"، وهي الحياة الافتراضية خارج كوكب الأرض والتي لم تنشأ عليه، ويتراوح مجالها من بداية من ما يعرف باسم بدائيات النوى وهي عبارة عن أشكال حياة مشابهة للحياة على الأرض، وصولًا إلى افتراض وجود كائنات تملك حضارة أكثر تقدمًا من الحضارة البشرية.
علامات للحياة
ومنذ منتصف القرن العشرين، بدأ علماء الفلك البحث الدؤوب عن أي علامات للحياة خارج كوكب الأرض، وتنوعت طرق البحث عنها بتحليل بيانات التلسكوبات والعينات المأخوذة من الكواكب، إلى استعمال الأجهزة الراديوية لاكتشاف إشارات الاتصال وإرسالها.
وتراقب التلسكوبات، الكواكب الخارجية البعيدة عندما تعبر أمام نجمها، ما يسمح لعلماء الفلك بتحليل كيفية قيام الجزيئات بحجب الضوء المتدفق عبر غلافها الجوي، كان منهم كوكب K2-18b، الذي يقع في كوكبة الأسد ويبعد عن الأرض نحو 124 سنة ضوئية.
أضعاف كتلة الأرض
وتبلغ كتلة K2-18b أكثر من ثمانية أضعاف كتلة الأرض وحجمه 2.5 مرة أكبر منها، وهو كوكب نادر بين نحو 6000 كوكب خارجي تم اكتشافها حتى الآن، لأنه يدور حول نجمه في منطقة صالحة للحياة أو ما يعرف بمنطقة جولديلوكس.
وهذا يعني أنه ليس ساخنًا جدًا ولا باردًا جدًا لوجود الماء السائل، الذي يعتبر العنصر الأكثر أهمية للحياة، وأثير الأشهر الماضية نقاشًا قويًا في الأوساط العلمية بين العلماء والباحثين، حول إمكانية أن يكون عالمًا محيطيًا قادرًا على استضافة على الأقل حياة ميكروبية.
خمسة سيجما
وفي عام 2023، اكتشف تلسكوب ويب غاز الميثان وثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لكوكب K2-18b، وهي المرة الأولى التي يتم فيها اكتشاف مثل هذه الجزيئات القائمة على الكربون على كوكب خارجي في منطقة صالحة للحياة، كما اكتشف أيضًا إشارات ضعيفة من مادة كيميائية لا يتم إنتاجها إلا بواسطة الحياة.
وذلك الأمر دفع علماء الفلك إلى تحويل التليسكوب العملاق نحو الكوكب مرة أخرى قبل عام، وهذه المرة باستخدام أداة الأشعة تحت الحمراء المتوسطة للكشف عن أطوال موجية مختلفة من الضوء، وعثروا هذه المرة على علامات أقوى بكثير على وجود المواد الكيميائية، رغم أنها لا تزال أقل بكثير من عتبة "خمسة سيجما".
الطحالب البحرية
وباستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي، بحسب شبكة سي بي إس نيوز، اكتشف فريق بريطاني أمريكي من الباحثين علامات على وجود مادتين كيميائيتين في الغلاف الجوي للكوكب، كان يُعتقد منذ فترة طويلة أنهما علامات حيوية تشير إلى وجود حياة خارج كوكب الأرض.
وأكد نيكو مادوسودان، عالم الفيزياء الفلكية بجامعة كامبريدج، المؤلف الرئيسي للدراسة، التي نُشرت في مجلة The Astrophysical Journal Letters، أن المادتين المكتشفتين هما "ثنائي ميثيل الكبريتيد" و"ثنائي ميثيل الكبريتيد"، ويتم إنتاجهما على الأرض بواسطة الحياة فقط، خاصة الطحالب البحرية المجهرية التي تسمى العوالق النباتية.
ميكروبات صغيرة
ولا يتوقع العلماء أن يكون هذا الكوكب موطنًا لحياة فضائية ذكية، بل لميكروبات صغيرة تشبه تلك الموجودة في محيطات الأرض منذ مليارات السنين، مشددين على الحذر والاحتياج إلى مزيد من الملاحظات لتأكيد النتائج، التي يمكن أن تفتح طريقًا جديدًا في البحث عن الحياة خارج الأرض.
وتعني خمسة سيجما، بالنسبة للعلماء، توجيه التلسكوب إلى الكوكب مرات عديدة، وإذا تم الحصول على نفس النتيجة فهذا يعني أنها لم تكن مجرد صدفة وأن اكتشافهم صحيح، وقد يكون نقطة تحول، ستجعل بعدها الإجابة على السؤال الأساسي حول ما إذا كنا وحدنا في الكون ستكون سهلة في السنوات القليلة المقبلة.