الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

نقص النظافة وتدني الصناعة.. الدجاج المكلور الأمريكي منبوذ في أوروبا

  • مشاركة :
post-title
الدجاج الأمريكي

القاهرة الإخبارية - مصطفى لبيب

في خضم الحرب التجارية والتعريفات الجمركية التي يخوضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع العالم، برز اسم "الدجاج المكلور" الأمريكي، كواحد من المنتجات التي يريد ترامب بشدة إدخاله ضمن أي صفقات خاصة مع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، لكن هذا الأمر بالنسبة لهم يعد خطًا أحمر.

ويعرف الدجاج المكلور بأنه دجاج معالج بالكلور، فبعد ذبح الدجاج وتجهيزه، يغسل بماء يحتوي على الكلور أو مواد كيميائية أخرى، وتسمى تلك العملية بمعالجة تقليل مسببات الأمراض، وتهدف إلى إزالة البكتيريا الضارة مثل السالمونيلا، والعطيفة، والإشريكية القولونية، التي قد تُسبب أمراضًا خطيرة.

غير آمنة

وفي الولايات المتحدة يسمح للمزارعين بغمس أو غسل الدجاج المذبوح في الماء المحتوي على ثاني أكسيد الكلور، وتستخدم حاليًا مواد كيميائية أخرى وأكثرها شيوعًا هي كلوريت الصوديوم المُحمَّض، وفوسفات ثلاثي الصوديوم، وأحماض البيروكسي، ويتم استخدامها أيضًا لمعالجة لحوم الأبقار.

لكن في أوروبا يستهجن الأوروبيون تلك الدواجن ويصفونها بـ"الدجاج المكلور" ويرون أنها غير آمنة، وأقر الاتحاد الأوروبي حظرًا لأول مرة في عام 1997 يحظر استخدام الكلور وغيره، وبالتبعية توقف استيراد تلك الدواجن تمامًا من الولايات المتحدة منذ ذلك الوقت إلى الاتحاد الأوروبي.

حرب التعريفات

وفي الأيام الماضية، بحسب شبكة "إن بي أر"، اشتكى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من نفور أوروبا من شراء الدجاج الأمريكي، ضمن ضغوطاته الحالية من أجل إبرام صفقات تجارية، خلال حرب التعريفات الجمركية الحالية، التي تتفاوض فيها الدول مع البيت الأبيض لمحاولة تجنبها أو في أصعب الحالات تقليها.

ويرى خبراء التغذية الأمريكية، أن الغالبية العظمى من الدجاج المعالج في الولايات المتحدة لا يتم تبريده بالكلور حاليًا، ولم يتم ذلك منذ عدة سنوات، بخلاف أقل من 5% من منشآت تجهيز الدواجن التي مازالت تستخدم الكلور في عمليات الشطف والرش، ويستخدمون محلولًا مخففًا للغاية بتركيزات آمنة.

نفور الأوروبيون

وفي الوقت الحاضر، تستخدم الصناعة في الغالب الأحماض العضوية لتقليل التلوث المتبادل، وفي المقام الأول حمض البيروكسي أسيتيك، وهو في الأساس مزيج من الخل وبيروكسيد الهيدروجين، وتستخدم هذه الطريقة عادةً كجزء من عملية التبريد، كونها تطيل مدة الصلاحية وتقلل بشكل كبير من عدد البكتيريا.

الدجاج الأمريكي

ذلك الأمر سمح للولايات المتحدة بتصدير الدواجن إلى دول أخرى تحظر الكلور، ولكن المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لا يزالان خارج هذا الحظر، ومن وجهة نظرهم لا يعتبر الكلور أو المواد الأخرى الكيميائية هي السبب في نفور الأوروبيون من الدجاج الأمريكي، وإنما يعود إلى سبب واحد فقط يتمثل في معايير الغذاء الأوروبية.

ويتمحور الحظر الأوروبي حول الاعتقاد بأن تطهير الدواجن بالمواد الكيميائية هو في جوهره وسيلة لإخفاء مستوى سلامة الغذاء المتدني في صناعة الأغذية في الولايات المتحدة، وينظر الأوروبيون إلى فكرة غسل الدجاج بالمضادات للميكروبات، باعتبارها ضمادة لتغطية ما هو في الواقع نقص في النظافة الكافية.

انتشار البكتيريا

بالنسبة للأوروبيين فإن تلك الممارسات غير كافية، التي تهدد بانتشار البكتيريا بين المواطنين وخاصة الأطفال، ويعود ذلك إلى اختلاف اللوائح بشكل كبير بين الطرفين، حيث تعتمد أوروبا على ما يعرف باسم التدخل قبل الحصاد، بمعني أنه يعملون على الحد من مسببات الأمراض أثناء حياة الحيوان وليس بعد ذبحه.

ويتمثل ذلك الأمر في التطعيم واستخدام أنواع مختلفة من الإضافات المستخدمة في الأعلاف، على عكس الولايات المتحدة التي تميل إلى التركيز على المواد الكيميائية واستراتيجيات أخرى للقضاء على مسببات الأمراض بعد ذبح الحيوان، لكن القارة العجوز ترى أن نهجها أدى إلى انخفاض حالات الإصابة بالسالمونيلا بنحو 50% منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

إلغاء القواعد

حاليًا ترفض صناعة الدواجن في الولايات المتحدة هذه الحجة وتضغط على الاتحاد الأوروبي لإلغاء قواعده المتعلقة بالواردات، ويحاول ترامب جاهدًا إدخال الدواجن الأمريكية إلى الأسواق الأوروبية والبريطانية عبر صفقات التعريفات الجمركية، لكن الرد جاء وزير الأعمال البريطاني، الذي شدد على أن بلاده "لن تغير أبدًا" معاييرها الغذائية.

وفي الأخير، يرى الخبراء أن المستهلكين الأوروبيين أكثر تحفظًا في المخاطرة من الأمريكيين ولديهم قيم مختلفة، وهو ما ينعكس أيضًا في قواعدهم، وتميل أوروبا إلى العمل وفقًا لمبدأ الحيطة والحذر فيما يتعلق بسلامة الغذاء، وطالبوا المنتجين بمحاكاة ذلك النهج وليس الضغط على الدول لتغيير معاييرها.